هل يدبّر محور طهران لسعد حريري مصيرا مماثلا لموسى الصدر؟

احمد عياش

كان السؤال الذي تردد بعد إعلان الرئيس سعد الحريري في الرابع من الشهر الجاري إستقالته في اوساط ديبلوماسية هو :كيف سترد إيران؟وهو السؤال نفسه الذي رددته الاوساط نفسها قبل أشهر قليلة مضت بعدما أكدت إدارة الاميركي دونالد ترامب على عزمها على فرض إنسحاب إيران وميليشياتها وعلى رأسها “حزب الله” من سوريا.

في وصف فوري لهذه الاوساط لبيان إستقالة الحريري انه يمثل “إعلان حرب” لما أنطوى عليه من مواقف من إيران وأذرعتها في المنطقة عموما ولبنان خصوصا. قد يصح القول إن إطلالة الحريري التلفزيونية الاخيرة عبر شاشة “المستقبل” قد خفضت سقف التوتر في بيان الاستقالة,لكن ذلك لم يطو كليا الانطباعات التي إنطوى عليها هذا البيان والتي لا تزال في دائرة الاهتمام عند  “حزب الله” وفي دوائر الاعلام الايراني الذي ابرز في الساعات الماضية رد مستشار قائد الثورة الاسلامية علي أكبر ولايتي على ما قاله  الحريري في شأن لقائه الاخير الذي جمعهما في بيروت عشية إستقالة رئيس الحكومة “لا تتدخلوا في الشؤون الداخلية اللبنانية” فعلّق نافيا هذا القول معتبرا انه قول “من إملاءات السعوديين”! فرد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري على ولايتي قائلا انه عرض  وجهة نظره ب”ضرورة وقف تدخلات ايران في اليمن كمدخل وشرط مسبق لأي تحسين للعلاقات بينها وبين المملكة العربية السعودية”.وفي السياق نفسه,ما زالت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية للانباء (أرنا) تحتفظ على موقعه الالكتروني بتعليق على إستقالة الحريري من أحد عشر يوما ويحمل عنوان “الحريري يدق طبول الحرب على لبنان”!

المراقبون المتابعون لتطور الاحداث في لبنان لاحظوا ان دخول طهران من خلال المواقف الرسمية والاعلامية على خط الردود قابله إنكفاء ملحوظ من “حزب الله” على هذا الصعيد.فبعد إطلالتيّن متتاليتيّن للامين العام السيد حسن نصرالله لمواكبة وجود الرئيس الحريري في الرياض لم تصدر إشارة حتى الان الى انه بصدد مناقشة المواقف التي أعلنها رئيس الحكومة في المقابلة التلفزيونية الاخيرة والتي وجهها مباشرة الى الحزب.بل إكتفى موقع “العهد” الالكتروني التابع للحزب بوصف المقابلة ب”المسرحية السبهانية” في إشارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.

إقرأ أيضاً: الحريري وحرب الصقور: السبهان-حزب الله

في إعتقاد هؤلاء المراقبين,أن “حزب الله” ومعه إيران لم يتوصلا بعد الى صياغة خطة عمل لما بعد عودة الحريري الى بيروت. حتى أن قصر بعبدا ما زال أيضا في دائرة تأجيل البحث في مضمون إستقالة الحريري المبنية على رفض التدخل الايراني في شؤون المنطقة عموما ولبنان خصوصا.وقد كان موضع إنتقاد إستمرار تركيز وزير الخارجية جبران باسيل في تحركه الخارجي الحالي على عودة الحريري بدلا من إيلاء أسباب إستقالة الاخير العناية اللازمة.وقد بلغ هذا السلوك ذروته مع ما قاله  رئيس الجمهورية ميشال عون امام المجلس الوطني للاعلام  ان الحريري “محتجز” في السعودية!

في المقابل .يتساءل مصدر وزاري عما سيكون جواب هذه الاطراف على سؤال الحريري الذي سيطرحه في بيروت على كل الذين جعلوا من عودته الى لبنان قضية وهم ليسوا من الذين لايؤيدون في المطلق أي إنتقاد لطهران:”ماذا أنتم فاعلون لوقف التدخل الايراني في شؤوننا ما يهدد مصالحنا مع العالم بخطر ولاسيما مع الخليج العربي؟” ويخشى المصدر ان تكون هناك نية مبيتة تجاه الحريري من أجل حرف كل مسار الازمة ما يعيد الى الواجهة مجددا الامن الشخصي لرئيس الحكومة! ومن يقرأ ما قاله في الساعات الماضية  المستشار السياسي لرئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني حسين امير عبداللهيان يشعر بالريبة مما تبيته طهران وأتباعها.إذ قال الاخير على حسابه الخاص في موقع تويتر “أن دعوة سعد الحريري واختطافه من قبل الرياض يذكّر باختطاف الامام موسى الصدر في ليبيا ولكن بصيغة جديدة!”

للتذكير فقط ان الامام الصدر قد جرى إحتجازه في ليبيا أيام حكم الرئيس الليبي معمر القذافي  بموافقة من حاكم دمشق في ذلك الوقت حافظ الاسد ورضى من مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني الذي تجاهل بعد وصوله الى الحكم كليا قضية إختفاء الصدر.

إقرأ أيضاً: استقال الحريري فسالت الدموع على السيادة

 

ماذا يعني كل هذا الان ؟في رأي اوساط إعلامية رافقت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في زيارته التاريخية للرياض ان قرع طبول التشكيك في موضوع إقامة الحريري في المملكة ينطوي على رد عاجل على النتائج المهمة التي تحققت في هذه الزيارة وتعكس خشية من المسار الذي رسمه الحريري لعودته الى لبنان الذي يرتبط أولا بترتيبات أمنية تحفظ سلامته الشخصية ومن ثم الذهاب نحو فتح ملف سياسة “النأي بالنفس” على مصراعيّه.

هل هناك يدبر في لبنان وطهران للحريري مصيرا مماثلا للصدر في ليبيا؟

السابق
الجبير: سعد الحريري هو مواطن سعودي كما هو مواطن لبناني
التالي
تقرير دوليّ: الإرهاب يتراجع في سورية