وكفى اللبنانيين شرّ الاقتتال

فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

لم يسبق في تاريخ العلاقة السعودية-اللبنانية ان انحدرت العلاقة بين الدولتين الى هذا المستوى الذي يرتسم اليوم وجوما على وجوه اللبنانيين كل اللبنانيين، حديث المسؤول السعودي ثامر السبهان شديد الوضوح على هذا الصعيد، ايها اللبنانيون لم نعد نقبل من حكومتكم دعوتها الى التمييز بينها وبين سلوك حزب الله وسياساته في المنطقة العربية…..الحكومة اللبنانية ستتحمل من الآن وصاعدا كل ما يقوم به حزب الله من سياسات عدوانية ضد المملكة، ومن جهة ثانية اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صراحة حزب الله بأنه هو من اطلق الصاروخ البالستي قبل ايام تجاه الرياض من مناطق يمنية يسيطر عليها الحوثيين.
خلاصة الموقف السعودي صارخة ولا تحتاج الى تأويلات وتفسيرات، الموقف السعودي وعلى لسان أكثر من مسؤول اكد ان السياسة السعودية لن تكون متسامحة مع لبنان بعد اليوم، واتهم حزب الله بتهديد امن بلاده من جهة، وطالب الحكومة اللبنانية باتخاذ اجراءات ضد حزب الله والا فان لبنان كله سيكون عرضة لاجراءات ستتخذها السعودية ضد الدولة اللبنانية. لن يفيدنا الدخول في احقية ما تقوم به السعودية او عدم احقيته، المفيد هو كيف نتعامل مع الموقف واين ميزان المصلحة الوطنية الذي يجب ان نزين به.
من الممكن ان نرى بعض اللبنانيين يتعاملون مع الموقف السعودي بلا مبالاة، وقد يذهب البعض منهم الى اطلاق مواقف عدائية وديماغوجية تسيء للبنان وللبنانيين في وطنهم وفي السعودية، ولم يعد مفيدا ولا جائزا ان تنسب هذه الفئة الموقف السعودي الى المشروع الاميركي الصهيوني التكفيري وما الى ذلك من كلام يلقى جزافا وبلا مسؤولية، كاستسهال بعض المسؤولين شتم آل سعود والتحريض على نظام المملكة. وجدير بالذكر ان نصر الله اكد في خطابه الاخير ان اسرائيل لا تنفذ اوامر السعودية بضرب حزب الله، فضرب لازمة استند غبيها خطلبه لسنوات…
لكن مقتضى المسؤولية الوطنية ان لا يستهين لبنان الرسمي بالموقف السعودي،كما استهان بكل المواقف اللبنانية التي طالت المملكة وعرضت بقيادتها، فالسعودية اليوم تتغير، والتغيير ينطلق من موقع تحسسها الخطر على أمنها الوطني، فهي لم تعد حمامة السلام التي يمكن ان تتسامح مع ما تعتبره عدوانا او اساءة لها او لنظامها و لأمنها.

إقرأ أيضاً: الرئيس يُطمئن: المحاصصة والزبائنية والفساد الى ازدهار

من هنا يجب ان يستعد اللبنانيون لمرحلة جديدة، ليس عبر الاصطفاف مجددا خلف متاريس الحرب الداخلية، ولا الإنجرار نحو سجال عقيم، اللبنانيون مطالبون بالدفاع عن نظام مصالحهم الوطني، وهم بالضرورة معنيون بتعزيز دولتهم من خلال التمسك بالدستور والقانون، ومطالبون من خلال مؤسساتهم الدستورية ان يكونوا على قدر التحدي.
العودة الى حضن الوطن والدولة هو ما يعصم اللبنانيين من الخطأ، بل من خطيئة الاقتتال وخطيئة الاستهانة باضعاف الدولة. فهذه من الخطايا التي خبرنا آلامها وأحزانها ومآسيها، وهذا لا يعني الاستسلام والخنوع، ولا يعني في الوقت نفسه اعلان العجز عن ان نكون شعبا وفيا للوطن وللدولة، حازما في الدفاع عن مكتسباته ونظام مصالحه الوطني.
بهدوء ومن دون مزايدة وبلا صراخ اجوف، وبلا هلع ولكن بلا استعلاء ولا تكبر، لا نريد لأي لبناني ان يكون ضحية رخيصة لسياسات الغير، ولا ان يكون رخيص الدم في بازار الدول وحساباتها، فلن يجد المواطن اللبناني حضنا دافئا وسندا له الا حضن الوطن والدولة، حضن المساواة امام القانون وحضن الاحتكام لشروط الدولة وقواعدها، وسوى ذلك فلبنان لن ينجو، واللبنانيون لن يجدوا من يسأل عن مصيرهم حين لا يسألون عن انفسهم ولا يذودون عن وطنهم ولا يتشبثون بدولتهم.

إقرأ أيضاً: الديكتاتور ضد الفساد.. والقضاة يستدعيهم الرئيس بالقوة

التهديد السعودي للبنان قد يكون فرصة لقيامة الوطن، واستقالة الرئيس سعد الحريري المزعجة للبعض، قد تكون مدخلا للتعقل الدولتي، ومحكا لرجال الدولة، وفرصة للاعلاء من شأن مصلحة لبنان فوق كل المصالح الضيقة.
فيجب أن يدرك اللبنانيون اننا امام مفصل تاريخي ولا يجوز التهاون امامه، مفصل يتطلب اعلى درجات التضامن الداخلي تحت سقف الدولة. لان المخاطر الوجودية اليوم هي امتحاننا في ان نكون شعبا يليق بلبنان وشعبا يستحق الحياة كما كل الشعوب المتقدمة على هذه الأرض ودائما بشرط المواطنة والدولة… بشرط الدستور والقانون… وكفى اللبنانيين شرّ الاقتتال.

السابق
الرئيس الفلسطيني اجرى اتصالاً مع الحريري
التالي
وزير الخارجية القطري: قطر ستلعب دورا فاعلا في إعادة الإعمار بالعراق