ترامب لا يأبه لمحاربة «حزب الله» الإرهاب في عرسال وصفقة قيد الإعداد لإبقاء الأسد!

تغافل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمره الصحافي المشترك مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في واشنطن (امس الأول) عن موضوع محاربة “حزب الله” لجماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة تتمثل بـ”جبهة النصرة” و”داعش”، واختار كلاما واضحا وصادما في آن بالنسبة الى الحكم في لبنان، واضعا “حزب الله” على خطّ مساو لتنظيمي “القاعدة” وداعش”. كذلك حذّر من تنامي قدرات “حزب الله” التي ستؤدي الى نشوب نزاع مع إسرائيل.
ولا يبدو الرئيس ترامب مهتما بدور “حزب الله” في محاربة الإرهاب، ما يؤسس لمرحلة جديدة من الضغوط الكبيرة على لبنان. ويعتبر المحلل الإستراتيجي الأميركي نيكولاس نو بأنها “الطلقة الأولى” و”التفجير الأول” الذي أطلقه ترامب أمام الحريري ضدّ إيران و”حزب الله”.
لكن الجديد الذي يتحدث عنه نو- وهو مؤسس شريك لموقع “ميديست واير دوت كوم” وكاتب في عدّة صحف أميركية وبريطانية منها “الغارديان”- قوله بأن ثمة صفقة قيد الإعداد في سوريا، تنال موافقة السياسيين الإيديولوجيين -وترامب من بينهم- والعسكريين تقضي بالإبقاء على حكم بشار الأسد شرط أن يعمد الأخير بالتعاون مع روسيا الى إخراج إيران و”حزب الله” من سوريا.
هنا التفاصيل:

*كيف تقرأ كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بأنّ “لبنان هو في الخطوط الأمامية لمحاربة “داعش” و”القاعدة” و”حزب الله”؟
-هذا يظهر بأن رئيس الولايات المتحدة الأميركية غير مطلع بشكل جيد على الوضع في لبنان، لأنه عليه أن يعلم بأن الحريري هو رئيس حكومة يشارك فيها “حزب الله”، ولكن الأمر غير مستغرب لأن الجميع يدرك بأن ترامب لا يعرف التفاصيل بشكل دقيق.
هذا الكلام يظهر أيضا، بأن الجزء السياسي العميق لهذه الإدارة تنظر الى إيران وحلفائها ومنهم “حزب الله” بأنهم يشكلون خطرا وجوديا على المستوى ذاته كما تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.
ونحن نعلم بأن الجزء السياسي في البيت الأبيض يوافق على هذه النظرية التي لا يوافق عليها بشكل كامل الجزء العسكري في الإدارة الأميركية. وبالتالي، ثمة انقسام في الولايات المتحدة الأميركية حول كيفية التعامل مع إيران وما يجب فعله بـ”حزب الله”.
فهل سيفوز المحاربون السياسيون الإيديولوجيون؟ أم أن العسكريين سينجحون بفرض وجهة نظرهم الأكثر اعتدالا في هذا الشأن؟ لا نعرف لغاية اليوم. ما يمكن تأكيده هو أن السياسيين الإيديولوجيين في إدارة ترامب –بمن فيهم ترامب نفسه- يحاولون الدّفع بسياسة صلبة وقاسية ضدّ إيران و”حزب الله” في المنطقة. وبالتالي، فإن كلام ترامب للحريري هو طلقة النّار الأولى، والتفجير الأول في هذه المعركة والإيعاز بأنها بدأت للتوّ.

*علام يتفق السياسيون الإيديولوجيون في البيت الأبيض مع العسكريين؟
– إن المسؤولين السياسيين الإيديولوجيين في البيت الأبيض والعسكريين يمكنهم الإتفاق على أمر واحد إيديولوجي واستراتيجي يتمثل بالإبقاء على بشار الأسد في الحكم. وبالتالي، فإن المشروع المطروح حاليا يمكن رسمه على الشكل الآتي: إذا قرر الطاقم السياسي الإيديولوجي في البيت الأبيض ممارسة المزيد من الضغوط على “حزب الله”، فإن قابلية ذلك ممكنة في حال الإبقاء على بشار الأسد ضمن رؤيتهم الإستراتيجية مع روسيا. والسؤال المطروح اليوم: هل سيجد الروس والأميركيون وبشار الأسد تسوية مؤقتة في ما بينهم؟ إن حصول هذا الإتفاق سيسهم باستبعاد إيران و”حزب الله” من المعادلة، وهذا هو المطروح اليوم.
وهذه المعادلة يتفق عليها السياسيون الإيديولوجيون في البيت الأبيض والعسكريون أيضا. وأتوقع أنه في الحقبة التالية سوف نشهد المزيد من الضغوط الممارسة ضدّ “حزب الله” وإيران، والمزيد من المحاولات لإيجاد اتفاق مع بشار الأسد. يمكن لبشار البقاء لكن على إيران و”حزب الله” الخروج من المعادلة.
وهذا ما أعتقد أننا نتوجه اليه.
صحيح بأن المحاربين السياسيين الإيديولوجيين في البيت الأبيض يعرفون بأن بشار الأسد قاتل، لكنهم يؤمنون بأنه صمد ضدّ سيطرة الإسلاميين على الحكم، ويعتقدون بأنّه – صوابا أو خطأ- يمكن أن يكون حاجزا علمانيا ضدّ كل الحركات الإسلامية بدءا من “حزب الله” وصولا الى سواه من التنظيمات الأخرى ومنها “داعش” و”القاعدة”.

إقرأ أيضاً: بين الحريري وترامب… العقوبات والإرهاب واللاجئين!

*ماذا عن رأي الإدارة الأميركية بما يحدث في جرود عرسال؟ حيث يحارب “حزب الله” جبهة النصرة” الى جانب الجيش اللبناني وثمة استعدادات لبدء المعارك في الجزء الشمالي من جرود عرسال وجرود القاع ضدّ “داعش”؟
-ربّما هنالك الكثير من اللبنانيين الموافقين على ما يجري في عرسال، لكنّ إدارة ترامب لا تأبه بما يحدث في عرسال.
أما العسكريين في الولايات المتحدة الأميركية فيعترفون بذلك ويعتبرونه أمرا مهما، لكن هؤلاء هم في مواجهة المسؤولين الإيديولوجيين السياسيين في الإدارة الأميركية في البيت الأبيض. وكيف لهذين الفريقين المتناقضين التوافق؟ ثمة طريقة واحدة ليتوافق هذان الفريقان في واشنطن تتمثل بالإبقاء على بشار الأسد، على أن يبدأ الأسد بالدفع في اتجاه خروج إيران و”حزب الله” من سوريا بالتعاون مع روسيا. هذه هي الصفقة الوحيدة التي قد يتوافق عليها الفريقان في واشنطن، وهذا ما نتوجه اليه.

*قال الرئيس ترامب بأن اكتساب “حزب الله” المزيد من القدرات والقوة سيؤدي الى نزاع مع إسرائيل؟ ماذا يعني ذلك؟
-هذا يعني ما درج الإسرائيليون على المطالبة به، فترامب يعرف بأن الإسرائيليين يعبّرون يوميا على سخطهم وخوفهم من تنامي سلطة وقدرات “حزب الله” على طول الحدود المحاذية لإسرائيل. وبالتالي فإن ترامب يحذّر لبنان و”حزب الله” وإيران، بأنه إذا استمر “حزب الله” بتقوية قدراته، فإن إسرائيل على الأرجح ستحاول أن توقفه عسكريا. المهم هنا، أنه على نقيض عام 1982، إبان الإجتياح الإسرائيلي، لدينا اليوم في البيت الأبيض رئيس أميركي مع إدارة ستعطي إسرائيل الضوء الأخضر للقيام بما يحلو لها، وهنا يكمن الخطر الكبير.

إقرأ أيضاً: لهذا لا يميّز ترامب بين «داعش» و«النصرة» و«حزب الله»!

*ماذا عن العقوبات الجديدة التي يهيئها الكونغرس الأميركي ضدّ “حزب الله” ولبنان في آن؟ وهو موضوع يخوض فيه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع عدد من أعضاء الكونغرس المعنيين؟

-ثمة أخبار متناقضة عن هذا الموضوع، ثمة مسوّدات عدّة تمّ تقديمها وعدّلت مرارا، وبالتالي لا أحد يعلم التفاصيل. ما يمكن تأكيده هو وجود غالبية قوية في الكونغرس وفي البيت الأبيض تريد وضع المزيد من الضغوط على “حزب الله” من جهة وعلى لبنان من جهة ثانية لكي يضغط اللبنانيون بدورهم على “حزب الله”. ويعتقد هؤلاء بأن ذلك يشكّل استراتيجية رابحة. لكن لا أحد يعرف التفاصيل بعد ولا توقيت هذه العقوبات

السابق
القفز إلى عربة الوطنية السريعة
التالي
اسرار الصحف الصادرة صباح اليوم الجمعة 28 تموز 2017