عُمرَةٌ في ظلالِ الفُقَراء..

الفقراء والعمرة.. كيف؟

خلالَ شهرِ رمضانَ يتكاثرُ ويتأهّبُ المسلمونَ لأداءِ العُمْرَةِ طامعينَ بصحبةِ النبيِّ عليه السلام وبمزيدٍ من الأجرِ والثواب، رغم أنّ تكاليفَها مرتفعةٌ عن باقي الشهور ولأسباب مُبرَّرة، ولو أنَّ كلَّ ناوٍ للعمرة دَفَعَ ثمنَها لطالبٍ جامعي أو ثانوي أو مهني لكان ذلك أجزلُ ثواباً، حيث أنه ساهمَ في تعليم الأجيالِ وارتقاءِ المجتمعاتِ، ولو أنه تبرَّعَ بثمنِ العٌمرةِ شراءَ خيمٍ للنازحينَ أو تبنّى عمليةً جراحيةً لأبناء منطقته من طبقة العاجزين وأدوية لمرضاهم وأسعفَ وأغاث ملهوفَهم لكان ذلك أكثر إلحاحاً للناس…

إقرأ أيضا: الضرائبُ المجحفةُ والرواتبُ الظالمة

فالله سبحانه ليس بحاجةٍ إلى عُمْرَتِنا وحجّتِنا طالما هناك أمعاءٌ خاويةٌ على عروشها تشْكُو الجوعَ وجسدٌ يُعاني المرضَ وجيوبٌ فارغةٌ من الكفافِ الأدنى.فبثمَنِ العُمْرَةِ نستطيع تحقيقَ الكثيرِ من المشاريع الصغرى والمتوسطة والكبرى، وهنا ندعو دار الفتوى إلى إنشاء صندوق مهمته (جمع أموال العمرة) فأي ناوٍ للعمرة يتبرّع مكانَها للصندوق، على أن تُصرَفَ تلك الواردات للعائلات الأكثر فقراً أو على طلاب العلم ودور الرعاية الاجتماعية.

فجميلٌ أن يحجَّ أو يعتمرَ المؤمنُ ويزورَ تلكَ الأماكنِ المقدسة كركنٍ إسلامي ويشاهدَ تلك الحضاراتَ ومعالمَ السيرةِ النبويةِ الشريفةِ لكنْ تَكْفِيَه العُمْرَةُ والحجُّ مرةً واحدةً في العُمُرِ ، وبعدها مِنَ الأفضل أنْ يصرفَ تلك الأموالَ إلى المديون وطالب المعونة وذي الحاجة، فطالما نيَّتُهُ رضوانُ الله وطلبُ رضاهُ فالهدفُ قد تَحقَّق، فالمسألة في إطار التنظيم وفقه الأولويات.

وتشتدُّ الحاجةُ إلى إنشاء صندوق يجمع تبرعاتِ طالبِي العمرةِ في ظلَّ اتساعِ جغرافيةِ الفقرِ وديمغرافيةِ الفقراءِ بصورةٍ متناميةٍ وبتداعيات خطيرة. فأشرفُ وأزْكَى وأقربُ عُمرة تَصِلُ إلى الله مباشرةً هي عُمْرَةُ الخيم التي تختصر مأساة المجتمعات.

وحين نسعى ونطوفُ بيوتَ مَن ضاقَتْ بهم السُّبُلُ والأرضُ بما رَحُبَتْ، فهنا تكونُ موطنُ العُمْرَةِ والحجِّ الذي يُريدُه الله بين فقرائه ومساكينه،فحيثُ يكونُ الخيرُ والنفعُ والفائدةُ العامةُ فثَمَّ وجهُ الله.

السابق
صدام حسين قضى أيامه الأخيرة يستمع إلى الأغاني
التالي
الأسد: آل سعود هم من صدّروا الإرهاب إلى العالم