الحسم العسكري في عين الحلوة… ومجموعات بدر تتفكّك

اتُّخِذ قرار الحسم في مخيّم عين الحلوة بإجماع فلسطيني بعدما تمَّ التأكيد أنّ المعارك مستمرّة حتى القضاء على الإرهابي بلال بدر وجماعته، في وقتٍ استمرّت الاشتباكات للضغط على بدر بالتزامن مع تكثيف اللقاءات والموفدين.

إنتهت مساء أمس المهلة التي حدّدتها القيادة السياسية الفلسطينية، لبلال بدر، ليسلّمَ نفسَه مع مجموعته إلى القوّة المشتركة. وفي معلومات «الجمهورية» أنّه توارى إلى النفق في حيّ الطيري مع عشرين عنصراً، وأرسَل تسجيلاً صوتياً بتدمير نفسِه بالمخيّم وتدمير صيدا، في وقتٍ أكّدت حركة «فتح» أنّها تحاصر النفق.

وتحوَّلت صيدا ومحيطها الملاصق للمخيّم إلى مدينة أشباح، واستقدم الجيش تعزيزات من فوج المغاوير تحسُّباً لأيّ تطوّرات، خصوصاً أنّ هناك معلومات تقول إنّ هناك أنفاقاً كان قد أقامها بدر توصِل من المخيّم إلى منطقة البحر والبساتين المحيطة بصيدا.

وتُجري «عصبة الأنصار» اتّصالات مع بدر لإخراجه من المخيّم مع مجموعاته وإنهاء حالته، تنفيذاً للإجماع الفلسطيني وأن ولا تراجع لدى «فتح» بحسمِ المعارك لمصلحتها ومصلحة المخيّم.

وأكّد عضو المكتب السياسي لجبهة «التحرير الفلسطينية» اللواء صلاح اليوسف لـ»الجمهورية» هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ «حالة بدر انتهت، وأمامنا المزيد من الوقت لتفكيك المربّعات الأمنية وإنهاء القتال العبثي والمجاني الذي لا يفيد إلّا إسرائيل»، مؤكّداً أنّ «إطالة أمد المعركة استنزافٌ لنا وللشعب الفلسطيني، ولا نريد إعطاءَ بدر فرصةً لالتقاطِ أنفاسه والعودة إلى جولات جديدة، ويجب حسم الأمور».

ودعا كلّ القوى إلى «الانخراط في المعركة إلى جانب الحق الفلسطيني بتنظيف المخيّم من القتَلة والمجرمين»، مشيراً إلى «ارتفاع عدد قتلى الاشتباكات إلى خمسة، غالبيتُهم من «فتح»، وبينهم مسؤول عسكري هو عامر علاء الدين الملقّب بـ«الخميني»، وأصيبَ في كمين نصَبه الإرهابيون له في حي الطيري، بعدما أوهموه بوضعِ شخص ممدّد على الارض، كان يستغيث لإسعافه.

مجموعات إرهابية

وكانت حركة «فتح» والقوّة المشتركة قد نجحت بعد أيام من الاشتباكات العنيفة في إحكام السيطرة على حي الطيري معقلِ بلال بدر، وذلك على رغم تكاتفِ المجموعات الإرهابية بانضمام «داعش» و«النصرة» و»جند الشام» و»فتح الإسلام» و»كتائب عبدالله عزام» إلى المعركة وتشكيلهم غرفة عمليات مشتركة في حيّ الصفصاف يديرها الإرهابي أسامة الشهابي ويشارك فيها هلال هلال عن «داعش»، وعبد فضة وهيثم الشعبي وشقيقه محمد، وجمال حمد وأبو جمرا الشريدي وزياد أبو النعاج وجمال رميد ومحمد الشعبي وساري حجير.

واستقدمت «فتح» عناصرَ ومتطوّعين من مخيّمات الراشيدية وشاتيلا والبرج والبص وشكّلت غرفة عمليات برئاسة قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب ونائبه اللواء منير المقدح واللواء صلاح اليوسف والعميد غسان أيوب وخالد الشايب وأبو النايف وقائد القوّة المشتركة العقيد بسّام سعد وقادة الأركان وضبّاط قادة في الحركة.

كما انضمّت مجموعات «اللينو» المتمركزة في حي صفورية إلى القتال بجانب «فتح»، وقد استخدمت في الاشتباكات مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والرشاشة والمدفعية، بعدما تبيّنَ أنّ الجماعات التكفيرية تملك أسلحة ثقيلة وقذائف صاروخية، منها تطلق عن الكتف، وهي تتحصّن في الجوامع وفي مخابئ تحت الأرض.

وبعدما سيطرَت «فتح» على حي الطيري، شوهِد عناصر بدر يَخلعون الأقنعة ويسلّمون أنفسَهم إلى الأمن الوطني الفلسطيني ويتركون السلاح وهم يَصرخون مطالبين الاستغاثة.

ولفتَت مصادر فلسطينية إلى إصابة بدر في رقبته وظهرِه وتَواريه في حيّ الصفصاف، لكنّ «فتح» ومعها القوّة المشتركة وفصائل منظّمة التحرير الفلسطينية تقاتل بشراسة بعد اتّخاذ قرار الحسم. وتمّ الاتفاق على إنهاء حال بدر وتسليمِه إلى القوّة المشتركة لتسليمه للجيش اللبناني.

إجتماعات

وعَقدت قيادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان اجتماعاً طارئاً، حيث أكّد المجتمعون تمسّكهم بالوثيقة التي وقّعتها كلّ الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في لبنان في السفارة الفلسطينية في 28/2/2017، والتي تضمّنَت صيغة المبادئ العامة لتثبيت الأمن والاستقرار في مخيّم عين الحلوة، واعتبارها أساساً لمعالجة الوضع.

ودانوا اعتداءَ مجموعة بدر على القوّة الفلسطينية المشتركة خلال انتشارها وتموضُعِها من أجل القيام بواجبها ودورها في حفظ أمن المخيّم واستقراره، مؤكّدين ضرورةَ تفكيك حالة بلال بدر الشاذّة وتسليم مطلقي النار إلى الجهات الأمنية اللبنانية المختصة وعدم السماح بإنشاء أيّ مربّعات أمنية في المخيّم، واعتبار القوّة الفلسطينية المشتركة الجهة الوحيدة المولجة الحفاظَ على أمن المخيّم والتصدّي لكلّ العابثين بأمنه وأمن أهله.

إقرأ أيضاً: قشمر لـ«جنوبية»: لا يوجد قرار من فتح بالقضاء على بلال بدر

وأمهلَ المجتمعون بدر ومجموعتَه لتسليم أنفسِهم إلى القوّة الفلسطينية المشتركة خلال مدة أقصاها السادسة مساء أمس، وإلّا سيبقى مطارَداً.

طلبات متبادلة

وعَقدت القوى الإسلامية لقاءً طارئاً في قاعة مسجد النور، وكُلّف ممثّلا «جند الشام» هيثم الشعبي ورامي ورد، بالتواصل مع بدر، وإبلاغه بالقرارات التي تمَّ اتّخاذها في اجتماع القيادة السياسية الفلسطينية في مدينة صيدا.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الشعبي وورد، عادا من لقاء بدر، حاملين منه ردوداً على قرارات القيادة السياسية الفلسطينية، تضمَّنت: قبوله انتشارَ القوّة المشتركة في شوارع حيّ الطيري. وعدم ممانعته من مشاركة أيّ عنصر من الفصائل، بعدما كان مشترطاً الانتشارَ في نقطة محدّدة، بمشاركة عناصر من «حماس» و»أنصار الله» و»العصبة». ورفضه تسليمَ نفسه وجماعته رفضاً قاطعاً، واعداً بأنّه سينسحب ويتوارى.»

ونقلَ الوفد هذه الردود إلى قيادة «فتح» والفصائل الفلسطينية، التي وعَدت بدرسِها والرد عليها.

وقالت مصادر فلسطينية إنّ «القيادة السياسية الفلسطينية ستلتقي مدير مخابرات الجنوب العميد خضر حمود وفعاليات صيدا لشرح قرار الحسم الذي اتّخَذته بتنظيف المخيّم من عصابات القتل والإرهاب، وإنّه بعد بدر سيكون هناك استئصال ملحقاته من الشهابي والشعبي وهلال وتسليمهم إلى الجيش»، مؤكّدةً أنّ «داعش إمارة لبنان تقاتل «فتح» في عين الحلوة بقيادة الإرهابي هلال هلال».

الميدان

وفي سردٍ لوقائع الميدان، فقد دارت اشتباكات عنيفة على محاور جبل الحليب- حي الطيري – سوق الخضار، وأدّت إلى سقوط قتلى وعشرات الجرحى، وارتفعت سُحب الدخان الأسود جرّاء إشعال إطارات مطاطية على مفرق سوق الخضار لإعاقة القناصة المتمركزة على مشارفه.

من جهة أخرى سقطت قذيفة على مستشفى صيدا الحكومي الملاصقة، وهي الرابعة خارج حدود المخيّم الجغرافية، بعد قذيفة سقطت في تعمير عين الحلوة، وأخرى في منطقة سيروب، وقذيقة سقطت في منزل منير زهرة في منطقة الفوار، وطاوَل رصاص القنص حارة صيدا في محاولة لزجِّها في المعركة. كما أصابَ الرصاص الطائش محالَّ تجارية في مبنى محمد زيدان للتعليم المهني المقابل للمخيّم وأدّى إلى تضرّرِ عددٍ من السيارت في صيدا وضواحيها.

وعزّز الجيش اللبناني مواقعَه العسكرية على مداخل المخيّم وجبل الحليب ومنطقة سيروب وحاجز النبعة، فيما أبقَت قوى الأمن الداخلي الطريقَ الرئيسة
المحاذية للمخيّم مقفَلةً لجهة حسبةِ صيدا وعند الجسر العلوي لمدخل صيدا الشمالي بسبب الرصاص الطائش وحفاظاً على أرواح العابرين.وأطلقت عناصر «جند الشام» النار على القوّة المشتركة قرب منزل المقدح في الشارع التحتاني، ممّا أدّى إلى إصابة حاجز الجيش على مدخل التعمير التحتاني، وقد وضع في حال استنفار تحسُّباً لتطوّرات مفاجئة.
السابق
من ضياع الجولان… إلى ضياع سوريا
التالي
بالصور: إيرانيون يتضامنون مع خان شيخون ويطالبون بمحاكمة مرتكبي المجزرة