تأييد عون لسلاح حزب الله في القاهرة يثير جلبة لبنانية ودولية

زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى مصر ما زالت هي الحدث، وكما أثارت مقابلته مع التلفزيون المصري التي اعطى فيها لسلاح حزب الله الحق في الوجود الى حانب الجيش "الضعيف" وقابلها ردود فعل صاخبة متباينة، فان لقاءه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وابداء الأخير استعداد بلاده لتدريب الجيش اللبناني والمساعدة في تدعيم الاجهزة الأمنية خلّف ارتياحا ظاهرا لا يحجب طرح تساؤلات حول مغزى التقارب المصري اللبناني في ظلّ التوتّر والبرودة في العلاقات بين القاهرة والرياض.

فقد دعا الرئيس ميشال عون من القاهرة أمس، مصر لإطلاق «مبادرة إنقاذ عربية» تقوم على وضع «استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب»، منبهاً إلى أن «لا خلاص لبلدان المنطقة من إجرام الإرهاب إلا بالتضامن الكامل في مواجهته».

 

ويذكر ان عون كان قد عقد لقاء قمة أمس الاثنين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تعهد «أن تواصل مصر دعمها لبنان على كل الصعد»، مؤكداً استعداد بلاده لـ «دعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الأمنية»، ومعرباً عن ثقته بأن «تعزز ولايته وضع لبنان كبلدٍ للتعددية السياسية والتنوع الثقافي، وتحفظه بعيداً من أي محاولات لجره والمنطقة إلى ساحة للصراعات المذهبية أو الدينية الغريبة عن منطقتنا، والتي تحاول أن تسلب من منطقة المشرق العربي خصوصيتها التاريخية كساحة تعايش وتلاقٍ بين الأديان والمذاهب».

 

وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، أن اللقاء «شهد تباحثاً حول سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، وأبدى الرئيسان تطلعهما لاستئناف اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، والتي يجري حالياً التحضير لعقدها قريباً، ومن المقرر أن تشهد التوقيع على عدد من الاتفاقيات الجديدة بين البلدين في مختلف المجالات»، وأضاف أن الجانبين تناولا أوضاع الجالية المصرية في لبنان وأعرب السيسي عن ثقته بالتوصل إلى حل لكل المشاكل التي قد تواجه أبناء الجالية خلال إقامتهم وعملهم في لبنان»، مشيراً إلى أنه تمت أيضاً «مناقشة بعض القضايا الإقليمية والدولية»، وأكد السيسي تقديره دور لبنان «الفاعل في إطار الأمة العربية باعتباره جزءاً لا يتجزأ منها». وأكد الجانبان «وقوفهما معاً في معركة مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب ومحاربة الفكر المتطرف، فضلاً عن ضرورة معالجة جذور الأزمات في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ يضمن وحدة أراضي دول المنطقة واستعادة استقرارها».

إقرا ايضاً: رداً على منح عون الشرعية لسلاح حزب الله: #عهد_سلاح_الإرهاب

وكانت المقابلة التي أجراها الرئيس عون مع محطة تلفزيون سي بي سي المصرية والتي صرّح فيها ان لبنان يحتاج الى سلاح حزب الله لان الجيش اللبناني ضعيف ولا يستطيع مواجهة اسرائيل، قد أثار تعليقات سياسية واعلامية مستنكرة  في اوساط 14 آذار خصوصا، وكانت المفاجأة غير السارة لبعبدا هو الرد الرسمي الدولي أمس من قبل ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التي ذكّرت بأهمية قرار 1701 الذي يدعو الى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة، مشددة على أنه ضروري لاستقرار لبنان. ونشرت كاغ تغريدة على “تويتر” قالت فيها “قرار مجلس الامن 1701 واضح وضروري لامن واستقرار لبنان، ويدعو الى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة، وانه لا للسلاح خارج الدولة”.

 

هذا الردّ الدولي عدته الأوساط السياسية اللبنانية “نكسة” لسياسة عون الوفاقية يخشى ان تشكل بداية كسر لهيبة عهده الذي يستمد قوته من بقاء الالتفاف الوطني حوله، وقد استدعى كلام ممثلة الأمم المتحدة ردا عنيفا وغير متوازن من حليف حزب الله الوزير وئام وهاب أمس الذي اعتبر كلام كاغ “اهانة للرئيس ميشال عون” ودعا وزير الخارجية جبران باسيل الى”استدعاء سيغريد كاغ وتنبيهها الى ضرورة احترام اللياقه الديبلوماسية كموظفه دولية لا يحق لها إنتقاد الرئيس”!

ولم يفوّت اللواء أشرف ريفي فرصة تصريحات عون المؤيدة لسلاح حزب الله للنيل من الذين راهنوا على حياديّته فأيدوه وانتخبوه رئيسا للجمهورية، غامزا بذلك من قناة المستقبل والقوات اللبنانية فقل في بيان: “لم نُفاجأ بما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي إستعمل موقعه لتغطية السلاح غير الشرعي، فهذا كان أحد أسباب معارضتنا لإنتخابه رئيساً للجمهورية”.

 

وتحت عنوان موقف عون من سلاح “حزب الله” يناقض قسمه وورقة “إعلان النيّات” كتب أميل خوري في صحيفة النهار “لو أن موقف الرئيس ميشال عون من سلاح “حزب الله” ومن الوضع في سوريا أُعلن في غير هذا الوقت لكانت له ردود فعل أثرت سلباً على التضامن الحكومي وربما على بعض التحالفات السياسية أو الانتخابية، لكنه جاء في وقت عموم لبنان واللبنانيين في مكان آخر، والخوف من أن يطلع شبح أزمة انتخابات نيابية تعيد إدخال لبنان في الفراغ القاتل.

 

لكن يبقى أن موقف الرئيس عون هذا يناقض ما جاء في خطاب قسمه وفي خطاب عيد الاستقلال، وما جاء خصوصاً في ورقة “اعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، كما يناقض قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701 ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة في تقاريره الى أن يكون في لبنان دولة واحدة وجيش واحد وسلاح واحد. كل هذا يتعارض مع قول الرئيس عون في حديثه الى محطة فضائية مصرية: “ما دامت هناك أرض تحتلها اسرائيل، وما دام الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة اسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود سلاح حزب الله لأنه مكمل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، وان حزب الله هو من سكان الجنوب وأهل الأرض الذين يدافعون عن أنفسهم عندما تهددهم اسرائيل أو تحاول اجتياحهم، وان حزب الله هو جزء أساسي في الدفاع عن لبنان، وهو يعلم حدود استعمال هذا السلاح، أي عدم استعماله في الداخل”.

اقرأ أيضا:عون يشرعن سلاح «حزب الله» وتياره يعلّق «#فخامة _العماد_المقاوم»

إن قول الرئيس عون هذا معناه أن لا قيام في عهده لدولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها ولا سلاح غير سلاحها ما دامت اسرائيل تحتل أجزاء من أرضه في الجنوب، ولا استراتيجية دفاعية تضبط استخدام هذا السلاح فلا تكرر أحداث 7 أيار ولا التدخل عسكرياً في الحرب السورية من دون العودة الى مجلس الوزراء، ولا تحييد للبنان عن صراعات المحاور، ولا وقت معروفاً لانسحاب مقاتلي الحزب من سوريا لأن الحزب، كما قال الرئيس عون في حديث سابق “منخرط في صراعات المنطقة وهو جزء من أزمة اقليمية”…

السابق
كواليس الصراع بين قُم والنجف.. ماذا بعد وفاة السيستاني؟
التالي
جنبلاط يغرّد محتجّاً حول زيارة عون لمصر والأردن