على ترامب تطمين إسرائيل والدول العربية السنّية!

سركيس نعوم

رغم أن الرئيس ترامب لم يعلن موقفاً حتى الآن من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يقول ديفيد هوروفيتز مؤسس “تايمز إسرائيل”، فإن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أقل شرعية اليوم من السابق. فإنه والصراع الذي يخوضه ليسا خطيرين مثل الاتفاق النووي مع إيران الذي تعامل معه ترامب مرّات عدة بالنقد الصاخب. ورغم أن الإسرائيليين يريدون أن يروا قيادة أميركية جديّة خارج أميركا فإن شكاً لا يزال يلازمهم في قضايا تتعلّق بأمنهم الوطني. فزعيم “حزب العمل” إسحق هرتزوغ وآخرون داخل حكومة إسرائيل يحاولون التموضع على نحو يمكّنهم من الإفادة من انتصار ترامب.

اقرأ أيضاً : هكذا طرد ترامب قناة «الجزيرة»: ارحلوا !

أما نتنياهو فإن وضعه ليس رائعاً كما يعتقد كثيرون. فهو، رغم تفهمّه حساسيات المنطقة ولزومية الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يتلقّى الانتقادات من اليسار ومن اليمين لسياساته الاستيطانية وإن لأسباب مختلفة عند كل منهما. وبسبب غياب ضغط إدارة أوباما عليه لتقليص النشاط الاستيطاني فإن خطة اليمين “الترامبي” قد تجرّئ اليمين الاسرائيلي الذي كان عائقاً أمام مناوراته السياسية الوسطية.
كيف يرى نورمان أونشتاين الباحث في المركز المحافظ جداً “إنترابرايز إنستتيوت” ترامب وإسرائيل؟
يعتقد أولاً أن مقولة ترامب “لا ثقة في واشنطن” اجتذبت أو أمسكت بشرائح واسعة من الشعب الأميركي الشاعرة “بالغضب الشعبوي” و”بالانحياز القبائلي”. ورغم أن المواطنين في أميركا كانت لديهم شكاوى من تفاوت الثروة والدخل ومن “أوباما كير” (مشروعه الصحي) ومحدودية فرص العمل فإن موالاتهم السلبية للحزب الجمهوري ولاحقاً لمرشحه ترامب كانت ردة فعل انفعالية عبّر كثيرون عنها بالجملة الآتية: “نحن نكره الطرف الآخر”، وصوّتوا انطلاقاً منها. إضافة الى مهارة ترامب في التلاعب بالموجة المعادية للمؤسسة “وفي إثارتها فإن مناصريه الجمهوريين مارسوا اللعبة جيداً فضمنوا لحزبهم السيطرة على مجلسَيْ الكونغرس. وجاء تعيين ترامب عضواً “محافظاً” في المحكمة العليا (رغم عدم تثبيت الكونغرس له والتصويت حتى الآن) سيؤثر على السياسة الاجتماعية في أميركا في الـ20 أو الـ30 سنة القادمة.
ما هي إذاً السيناريوات الأفضل والأسوأ؟
هناك أمل في تقدّم مشروع ترامب للبنى التحتية وتالياً في توفيره وظائف لجماعات الدخل المنخفض أو المحدود. وهو يعتزم إبدال “أوباما كير” بآخر يوسع الاستفادة الصحية للأميركيين. ومع ذلك فإن أميركا تواجه اليوم احتمال نشوء إدارة أو حكومة غير شفافة وفاسدة (Kleptocracy). كما أنه أشعل “الحرب على الإسلام” وزاد “الاسلاموفوبيا” (الرهاب من الاسلام والمسلمين). قد يؤدي ذلك الى زيادة التعذيب والخطر على الأميركيين المسلمين، والى قصف عشوائي في الشرق الأوسط. ومن شأن ذلك مفاقمة مشكلة الإرهاب الدولي. وربما يخلق ذلك ميلاً عند ترامب لإيكال سياساته الشرق الأوسطية الى روسيا.
ما هو رأي دنيس روس الباحث المعروف والعامل النشيط في إدارات سابقة على عملية السلام في الشرق الأوسط وعلى مشكلاته الأخرى ومنها إيران؟
المجتمع الدولي لا يعرف ماذا يتوقع من ترامب في رأيه. عليه أولاً أن يعيد تطمين حلفاء أميركا. فالتطمينات والالتزامات مهمة جداً في الأزمات الصعبة. حلف شمال الأطلسي مهم وكذلك الدول العربية السنّية نظراً الى أن أحد أهدافه الرئيسية تدمير “داعش”. ومن الضروري أن يكون للسعودية ولدول أخرى مثلها دور. إذ أن القضاء على أيديولوجيا هذا التنظيم وأمثاله غير ممكن من دونها. وإذا أراد ترامب السنّة الى جانبه عليه أن يكون حذراً في التعامل مع سوريا. وعليه أن يقول لموسكو أن الولايات المتحدة ستردّ إذا استمرّ الأسد في مساره الهمجي على الصعيد الانساني.

اقرأ أيضاً : كيف وصل الشيخ محمد الحاج حسن الى ترامب؟

كما عليه أن يُفهمها أنه ستكون هناك مضاعفات لمخالفة القواعد العالمية الشاملة. وفيما أكد ترامب مراراً رغبته في الخروج من الشرق الأوسط، فإن المرشحين عندما يصبحون رؤساء قد يغيّرون مواقفهم إذا واجهوا مشكلات صعبة وقرارات أشد صعوبة. وأياً تكن الأحوال ونظراً الى الحالة الراهنة في المنطقة يمكن القول أن الفلسطينيين منقسمون الآن أكثر من أي وقت مضى، وأن الايرانيين مصمّمون على التوسّع في الإقليم، وأن السعوديين الآن في وسط “ثورة مُقنّعة بإصلاح اقتصادي”. لذلك يحتاج حلفاؤنا التاريخيون في إسرائيل والدول العربية السنّية اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى أميركا قوية.

السابق
تركيا تجنّد اللاجئين اجباريا!
التالي
معوقات مشاركة النساء في الحياة السياسية