جمعيات تدافع عن المرأة أم تعمل ضدها؟

تعاني أكثر من 70 % من النساء من العنف في حياتهن. من هنا انطلقت الحملة التي أطلقتها الأمم المتحدة لمدة 16 يوم بدءا من 25 تشرين الثاني وحتى 10 كانون الأول، وللمناسبة أطلق في لبنان هاشتاغ خاص بالحملة #ما_تلبسونا_522. 

في موقف خاص بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالمناسبة، قال “مواجهة العنف ضد النساء والفتيات هو انتهاك لحقوق الإنسان، وجائحة تمسّ الصحة العامة، وعقبة خطيرة أمام التنمية المستدامة. ويفرض العنف ضد النساء والفتيات تكاليف ضخمة على الأسر والمجتمعات المحلية والاقتصادات. وليس في إمكان العالم أن يدفع هذا الثمن من الآثار السلبية للعنف ضد المرأة إعاقة التقدم في العديد من المجالات مثال القضاء على الفقر ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والسلام والأمن”.

إقرأ أيضا: الجمعيات النسائية في لبنان: حصان طراودة ذكوري للمال والجاه

شعار 16 يوم

من هنا أطلقت الأمم المتحدة حملة الـ16 وهي جزء من حملة عالميّة تهدف إلى تعزيز العمل للحد من العنف ضد المرأة والفتيات وتمكينهن. فهذا العام “منع العنف” هو موضوع جوهري للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الـ16 يوما من النشاط في لبنان، والـ16 يوما هذه سترتكز على قضية حماية النساء والفتيات وتمكينهن.

وتقضي المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني في صيغتها الحالية بوقف ملاحقة مرتكب جريمة الاعتداء على العرض في حال انعقاد زواج صحيح بينه وبين المعتدى عليها او في حال صدور حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب، ولان المرأة تُهان ثلاث مرات، مرة بفعل الاعتداء عليها ومرة بفعل تزويجها ومرة بفعل هذه المادة، تقدم النائب ايلي كيروز باقتراح قانون يرميّ الى إلغاء هذه المادة بصورة كليّة  مع رفض التعديل على النص.

وفي العودة الى الواقع القائم عمليّا، نجد ان المرأة العربية تعاني من الكثير من المشاكل أكثر من نظيراتها غيرالعربيات نظرا لارتباط  واقعها بالمحاكم الشرعية التي تضع المرأة في الدرجة الثانية في مجال المواطنية.

وليست هذه مشكلة المرأة الوحيدة فقط، بل ثمة مشكلة كبيرة تضرب المرأة في توجهها صوب الجمعيات النسوية التي لا تنظر الى المرأة ككائن مظلوم مهدور الحقوق مجتمعيا وتشريعيا. بل كأداة لإستعراض شعاراتها.

فلا ثقة غالبا للمرأة العربية في المجتمع الشعبي بالجمعيات التي تتخذ شعاراتها من خارج الواقع المرير. فلا يمكن لمرأة مثلا الآتية من مجتمع فقير معدوم او متوسط الحال ان تتخلى كليّا عن ثقافة البيئة التي نشأت فيها وترّبت بين احضانها، والذهاب بعيدا باتجاه الشعارات الصافية والصادرة عن أصول التشريع المدني الغربي الصفة.

ولسنا هنا ضد هذه الجمعيات بمطلق قراراتها او مفاهيمها او شعاراتها، لكن التشجيع على خلع الماضي ككل من حياة المرأة التي تحتاج اول ما تحتاج الى الاستقلال المادي حتى تتمكن من متابعة حياتها بسلاسة وطمأنينة، وبعدها يمكنها ان تفكر بالحقوق والواجبات والتحركات الميدانية.

فالجمعيّات والمؤسّسات النسويّة ليست على تماس مباشر مع مشاكل المرأة العربية، الفقيرة غالبا، فهذه الجمعيّات تسجل اسمها في سجل الجمعيات التي من المفترض انها تُعنى أساساً بالمرأة وتحصيل حقوقها.

هذا السجل مؤكد فقط في دفتر المؤسسات الغربيّة المدنية والحقوقية والتي تستبطن في سياستها الخفيّة تصوير العرب بما هم من مجتمعات جاهلة ومتخلّفة.

إيلي كيروز

هذه الجمعيّات تستعرض المشاكل وتثير الاشكاليات الحقيقية، لكنها لا تجد الحلول من النبع نفسه التي يستبطن الحل. فلم تتمكن هذه الجمعيّات النسوية من استيعاب مكمن الخلل الذي يحكم العلاقة بينهما.

فبعد شعار”تحرير المرأة” الذي كان شعار القرن التاسع عشر  في اوروبا، بات اليوم شعارا بائخا لكونه انجرّ نحو الشكل اللاأخلاقي لمعنى التحرير، وانتقلت المرأة من  المستعبدة في المعامل الى الاستخدام المفرط في مهن اكثر اسعبادا كالاعمال الجنسية وآخرها ما تم اكتشافه من شبكات دعارة في لبنان.

إقرأ أيضا: “جنسيّتي حقّ لي ولأسرتي”: مطلبٌ هل سيتحقق؟

واليوم تنجرّ المرأة خلف الشعارات النسوية دون أي تقدّم محرز الا بما يساعد على تفتت العائلة وتشتتها، وكما قالت احدى النسويات بما معناه “لقد اخرجنا المرأة من المنزل الى الشارع لتدافع عن حقها فلا هي نالت حقها ولا هي عادت الى المنزل”.

من هنا نستخلص ان الاساءة للمرأة صارت ظلما بوجهين: الأول الظلم التشريعي، والثاني الظلم الاهلي النسوي.

ولم يستفد سوى المجتمع الرأسمالي واليبرالي من هذا الواقع من خلال استمرار تسليع المرأة. ان لم ننس التطرف الديني الاسلامي، الذي استفاد من التفلت نحو مزيد من التشدد وتأكيد الحجج لخلق الاجواء المتجهة صوب اليمين في كل بقعة في العالم.

السابق
جيسيكا عازار لم تتمالك نفسها فضحكت وأضحكت الجمهور!
التالي
العلم يثبت النظرية الدينية: الجسد يموت والعقل يبقى حياَ!