لهذه الأسباب إنتفض الراعي مُجدَّداً

أكد مصادر كنسية أنّ الأسباب التي تقف وراء النبرة الخطابية للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي تدرّجت بمراحل عدّة، فعند وقوع الفراغ الرئاسي، وصلت الأمور الى حائط مسدود، ولم يبقَ لبكركي والمسيحيين شيء يخسرونه، فعلَت الصرخة في كل الإتجاهات، حتى انّ الراعي لم يرحم القيادات المسيحية من انتقاداته.

وتتابع المصادر: «كل شيء كان قيد الدرس، الى أن وصلنا الى اللحظة الحالية، ففي مرحلة الحلول يجب التسهيل، لكنّ العراقيل التي كانت توضع كثيرة وأبرزها «السلّة»، فاضطر البطريرك الى «الضرب بيد من حديد» لإسقاط العراقيل وكَسر المحرمات «المصطنعة».

إقرأ أيضا: هل تحوّل الصراع في لبنان الى ماروني – شيعي؟

وتَروي المصادر أنّ لحظة الإنتخاب كانت مصيريّة، لكنّها لم تُنهِ القصة، لذلك وجَد الراعي أنّ المعركة مستمرة، خصوصاً أنّ الفريق نفسه يستمرّ في وضع شروط على الاحزاب المسيحية فقط، وكأنّ حقوق المسيحيين سائبة، وتعوّدوا على الإستهانة بها.

وتؤكّد المصادر أنّ «ما قبل انتخاب عون ليس كما بعده، فزَمن الاستهتار بالمسيحيين قد ولّى، ويستند الراعي في مواقفه هذه الى عوامل عدّة، تفنّد بالآتي:

أولاً: ينطلق الراعي في مطالبه من الدستور واتفاق «الطائف»، فهو لم يدعُ الى خرق الدستور أو الإستئثار بالسلطة، بل إنه شدّد امام عون على تطبيق «الطائف» الذي نصّ على المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين، من هنا، مطالبته بقانون انتخاب عادل لا تراجع عنه.

ثانياً: يستند الراعي في تصعيد موقفه الى الإرتياح وجرعة الدعم التي تطبع الساحة المسيحيّة. فتاريخياً، عندما كان المسيحيون أقوياء، كانت بكركي والمراكز المسيحية القيادية مثل رئاسة الجمهورية، قيادة الجيش، حاكم مصرف لبنان قوية، وعندما ضعف المسيحيون ضعف الجميع، وبالتالي يتسلّح الراعي بـ«اتفاق معراب» والمسيحيين لينطلق الى تثبيت خطواته وتقوية العهد.

ثالثاً: إنّ عودة المسيحيين الى رأس الدولة تعطي دفعاً، فوجود رئيس قوي، اضافة الى حكومة جديدة، يعني أنّ المعطى تغيّر، وبالتالي فإنّ المسيحيين يستعيدون مواقعهم الطبيعية في البلد الذي أسَّسوه.

رابعاً: إنّ الراعي مصرّ على تطبيق «الطائف» كاملاً، وبالتالي فإنّ من يشكّل الحكومة هُما رئيسا الجمهورية والحكومة، ولن تقبل بكركي بانتقاص ما تبقّى من صلاحيات لرئاسة الجمهورية وأهمّها توقيع تأليف الحكومة. ومن جهة ثانية، فإنّ «الطائف» قد أخذ قسماً من صلاحيات الرئيس وأعطاها لمجلس الوزراء مجتمعاً، لذلك فإنّ وضع «فيتو» على أي قوة تمثيلية مسيحية وعلى رأسها «القوات اللبنانية» يعني أنّ خللاً في التركيبة والشراكة قد يحصل.

خامساً: بالإضافة الى الإتفاق المسيحي الداخلي، تأتي الرياح الإقليمية والدولية لصالح استعادة المسيحيين دورهم من خلال عدم ممانعة الدول انتخاب المسيحي القوي، وعلى رأسها ايران والسعودية إضافة الى رفض الدول الغربية المسّ بصلاحيات المسيحيين، لذلك ترى بكركي انّ اللحظة مؤاتية لاستعادة ما سلب.

تفضّل بكركي عدم الدخول في سجال مع بعض المرجعيات الروحية في الطائفة الشيعية التي رَدّت على كلام الراعي، خصوصاً أنّ البطريرك كان واضحاً، والظلم والحرمان رافق المسيحيين منذ العام 1990، في حين كانت فئات كثيرة تسرح وتمرح وحدها في الحكم ولم نسمع منها موقفاً واحداً ضدّ الإضطهاد المسيحي، في وقت يمتعض البعض من مطالبة المسيحيين بحقوقهم وهم لا يتعدّون على حقوق الآخرين.

السابق
«الثنائي الشيعي» لـ «عون»: أوقف باسيل عند حدّه!
التالي
أين يختفي ماهر الأسد؟