الأمريكيون لا ينتخبون رئيسهم

لا شك في أن الإنتخابات الرئاسية الأمريكية هي الحدث الأكبر الذي استحوذ على انتباه و متابعة أغلب العالم اليوم , فإن رأيس أكثر الدول نفوذاً في هذا الكوكب ليس فقط محط أنظار الأمريكين بل هو محل إهتمام دول العالم أجمع. لكن و خلاف مفهوم الأكثرية العظمى من الناس , فإن الأمريكيين لا ينخبون رئيسهم مباشرة بل ينتخبون ممثلين عن كل ولاية بدورهم هم من ينتخبون الرئيس وفي ما يلي نبذة عن نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية .

كما أسلفنا، الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست انتخابات مباشرة بل إنّ الناخبين عن كل ولاية ينتخبون ممثلين لهم في الهيئات (المجمعات) الانتخابية الذين بدورهم ينتخبون الرئيس الذي أعلنوا ولاءهم له وحازوا على أصوات الناخبين بناءً على ذلك.

الهيئة الانتخابية مكونة من مندوبي كل الولايات المتحدة الأمريكية. تُمَثّل كل ولاية بعدد أصواتها في الكونجرس الأمريكي (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) وهو مايساوي 535 بالإضافة إلى ثلاثة أصوات لواشنطن العاصمة مما يجعل الإجمالي 538 مندوبًا عن الولايات الأمريكية الخمسين يقومون بانتخاب رئيس الجمهورية.

وتحتدم المنافسة بين المرشحين على الولايات الست الأكثر تمثيلاً لعدد مندوبيها في المجمع الانتخابي و هي: كاليفورنيا (55 صوتًا) – تكساس (38 صوتًا) – فلوريدا (29 صوتًا) – نيويورك (29 صوتًا) – إيلينوي (20 صوتًا) – بنسلفانيا (٢٠ صوتًا) بمجموع 191 صوتًا أي ما يزيد عن 35٪ من إجمالي عدد الأصوات، و يتوزع عدد أصوات المندوبين إلى المجمع الانتخابي حالياً على الشكل التالي : ألباما (9)، إنديانا (11)، نبراسكا (5)، كارولاينا الجنوبية (9)، ألاسكا (3)، أيوا (6)، نـِڤادا (6)، داكوتا الجنوبية (3)، أريزونا (11)، كنساس (6)، نيو هاميشر (4)، تنسي (11)، أركناس (6)، كنتاكي (8)، نيو جرسي (14)، تكساس (38)، كاليفورنيا (55) ، لوزيانا (8)، نيو مكسيكو (5)، يوتا (6)، كلورادو (9)، ماين (4)، نيو يورك (29)، فرمونت (3)، كنتيكت (7)، ماريلاندا (10)، كارولاينا الشمالية (15)، داكوتا الشمالية (3)، واشنطن (12)، فلوريدا (29)، أوهايو (18)، فرجاينا الغربية (5)، جورجيا (16)، مينيسوتا (10)، أوكلاهوما (7)، وسكينسن (10)، هاواي (4)، مسيسيبي (6)، اوريكون (7)، ويومينغ (3)، أيداهو (4)، ميزوري (10)، بنسلفانيا (20)، واشنطن دي سي (3)، إلينوي (20)، مونتانال (3)، رود أيلاند (4).

enti5abat

والأنتخابات في الولايات تعتمد على النظام الأغلبي فمن يفوز بأغلبية الأصوات الشعبية في الولاية يفوز بجميع أصوات الولاية في المجمع الانتخابي عدا ولايتي (نبراسكا) و(ماين) اللتين تعتمدان على النظام النسبي.

بعد الإنتهاء من الإنتخابات الشعبية، يجتمع المندوبون الفائزون خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) في عواصم ولاياتهم حيث يدلون بأصواتهم لرئيس أمريكا القادم من ثم تنقل الأصوات إلى العاصمة واشنطن حيث يتم فرزها في الشهر الأول من السنة التالية (يناير/كانون الثاني) في جلسة مشتركة للكونغرس و يحتاج المرشح للفوز بمنصب الرئيس الى أغلبية النصف + 1 ما يعادل 270 صوت من مندوبي المجمع الانتخابي و إن لم يحصل أي مرشح على هذا العدد (270 صوت) يحال الأمر إلى مجلس النواب الذي يختار بدوره رئيس من بين المرشحين الثلاثة الأكثر حصولاً على أصوات المندوبين.

بناء عليه فإن الأمريكيين لا ينتخبون رئيسهم فقد يأتي رئيس لا يتماشى مع إختيار الأغلبية الشعبية كما هو الحال اليوم فإنّ الديمقراطيين حصدوا أصواتاً أكثر من الجمهوريين و كما حدث سابقاً عندما فاز المرشح الجمهوري جورج بوش على منافسه آل جور رغم أنّ الاخير كان قد تفوق عليه بعدد أصوات الشعب، وهذا ما يمثله التفاوت بين الولايات إذ أنّها تعتمد النظام الأغلبي فإنّ تفوقك بصوت واحد يجعلك الفائز بجميع أصوات المندوبين فمثلاً في انتخابات عام 2000 فاز الحزب الجمهوري في ولاية (فلوريدا) بفارق 537 صوتًا فقط بينما فاز الحزب الديمقراطي في ولاية (إلينوي) بفارق ما يقارب 500000 صوت.

إقرأ أيضاً: حكم ترامب يحمل بذور حرب أهلية

إذاً فنحن اليوم أمام رئيس لا يمثل تطلعات أغلبية الشعب الأمريكي، أقلّه لا يمثل تطلعات ما يقارب ال 64 مليون ناخب حازت هيلاري على ما يقارب ال 59200000 منهم فيما توزعت الأربعة المتبقية بين الليبراليين وأحزاب أخرى. في وقت حاز مرشح الحزب الجمهوري ترامب على تأييد 59 مليون، متأخر عن كلينتون بما يعادل 200 ألف صوت. و يلاحظ في هذه الانتخابات كما هو موضح في الصورة تراجع كبير للديمقراطيين عن إنتخابات عام 2012  إذ أنّ الحزب الجمهوري استطاع أن يقلب الطاولة و يفوز بولايات أساسية مثال بنسلفانيا، فلوريدا و أوهايو. في حين يرد بعض المحللين تقدم الحزب الجمهوري إلى استخدام ترهيب الشعب من مخاطر تحدق بهم كالتطرف و الإرهاب الاسلامي و نحو ذلك، ليعود ممثله للرئاسة دونالد ترامب و في خطاب الفوز للتخفيف من وتيرة كلامه و التأكيد على أنه يحمل نوايا الخير فبدأ بالثناء على هيلاري ومبادرتها لتهنئته بالفوز و ما قدمته من خدمات لبلادها ثم أكد على ضرورة وحدة الأمريكيين و تضامنهم جميعاً للنهوض بالدولة بعدها خاطب المجتمع الدولي قائلاً : علماً أننا نضع مصلحة أمريكا دئماً في المقدمة، لكننا سنتعامل بشكل عادل مع الجميع، سنتطلع لأرضية مشتركة لا للعداء، للشراكة لا للصراع .

إقرأ أيضاً: خمسة من رؤساء أميركا السابقين صوتوا ضد ترامب!

في النهاية جميع التوقعات في السياسات التي سينتهجها العهد الأمريكي الجديد قاتمة و صعبة التوقع في ظلّ تقدم الجمهوريين و وجود شخص مثير للجدل مثل ترامب على رأس الدولة.
ماذا للشرق الأوسط الملتهب ؟ ماذا لسوريا و العراق و حل النزاع فيهما ؟ ماذا عن اليمن؟ ماذا عن العلاقات الأمريكية الخليجية من جهة و الإيرانية من جهة أخرى. أسئلة لن يجيب عنها إلا أسابيع عدة تلي انتقال الملياردير الأمريكي إلى السكن في بيت الدولة الأبيض و تقلده زمام أمور الولايات المتحدة…

السابق
حقّ الحضانة..بين الانفعالية وغياب المصلحة؟
التالي
أميركا تدفع ثمن العولمة: الأرياف تقترع ضد المدن