طريق عون لم تُفتح بعد وقد لا تُفتح!

علي حمادة

لم يكن أحد من المراقبين المطلعين على بعض أدق التفاصيل المتعلقة بالحراك الرئاسي للرئيس سعد الحريري يتوقع ان تكون الامور سهلة. فلا الحريري الذي فتح خياراته الرئاسية، وأبلغ مرشحه الحالي النائب سليمان فرنجية، قادر وحده على احداث اختراق كامل في الجدار، ولا هو اللاعب الوحيد على الساحة. وبالتزامن مع حراك الحريري بدا ان محركات عدة انطلقت لفرملة وصول الجنرال ميشال عون، ومن بين اهدافها سحب ورقة “التفاهمات الثنائية” من يدي الحريري وعون، وإعادة طرح “تفاهمات متعددة الطرف” على طاولة الاستحقاق الرئاسي. وبصرف النظر عن موقف “حزب الله” المعلن تأييده عون جهارا، والمحرض على الشغور ضمنا، فقد اعتبر اكثر من فريق وازن في البلد ان الحريري، وإن يكن قادرا على كسر الجمود في الاستحقاق الرئاسي، غير أنه ليس على كل شيء قديرا. وهو لا يملك تفويضا من الآخرين للذهاب الى اختيار عون او غيره عبر طريق معبدة! هذا قد يفسر جزئيا “حركة” الرئيس نبيه بري، وصمت النائب وليد جنبلاط الذي لم يلاق الحريري إلا بموقف غامض. أما السجال على “السلة”، والذي التهب بين البطريرك الماروني ورئيس مجلس النواب، فمحدود الافق لان البطريرك من الناحية العملية ليس متحمسا لوصول عون، وانما أيد منذ البداية (من دون اعلان) وصول فرنجية، وبذلك تقاطع موقفه مع بري الذي رد على عظته بطريقة تشي بأن الطرفين أقرب واحدهما الى مما يعتقد. ومن هنا كان السجال حول “السلة”، والذي ما كان ليكون لولا تمسك الكل بتطبيق النصوص الدستورية، سجالا غير ذي صلة بالعوائق الاساسية التي تحول بين عون والرئاسة. ففي النهاية لن يكون هناك رئيس ما لم يحصل تفاهم متعدد الطرف على “سلة”. وعون لن يصل الى بعبدا ما لم يعد احياء قنوات النقاش الجدي مع الاطراف كلها. فالتفاهم مع بري أساسي، وكذلك مع جنبلاط. ودون التفاهم مع الرجلين يصعب على عون أن يصير رئيسا، وإن صار فلن يقلع عهده! هذه حقيقة، وليست من مسؤولية سعد الحريري القيام بهذا الجهد، وهو الذي يدفع سلفا ثمنا باهظا في شارعه وبين مؤيديه بمجرد ان وضع خيار عون رئيسا على الطاولة!

اقرا ايضًا: تمديد الفراغ مؤشر على وجود خيار ثالث
إذا كان من نصيحة مجردة نوجهها الى الجنرال عون ومحيطه، فهي ان يعي ان التهديد بالنزول الى الشارع لا ولم يخف ايا من اللاعبين الكبار. والتهديد بـ”الطلاق” كلام في الهواء لا يملك اصحابه امكاناته. من هنا، اذا كان الجنرال عون معنيا بتضييق الهوة التي تفصله عن الرئاسة، فليفتح حوارا جديا مع الجميع، لان الحريري قام بما عليه، وذهابه في هذه الحالة في جولة خارجية قد لا يمكنه من انتزاع غطاء للتعجيل في إتمام الاستحقاق الرئاسي بعون رئيسا، وخصوصا في ظل “ضعف” صورة عون العربية، والتي لا بد ان يزيدها مساعد رئيس مجلس الشورى الايراني حسين امير عبد اللهيان الاخير الذي قال فيه “إن طهران تفضل وصول رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، فهو حليف وداعم للمقاومة!”
تفيد التجربة التي نمر بها مع اطلاق الحريري حراكه، ان مقولة “الرئيس القوي” بدعة البدع. وليت الجمهور البسيط يفكر قليلا، ويدقق اكثر، فيرى ان ليس كل ما تراه العين هو الحقيقة!

السابق
هل ينهي أوباما الأسد بنهاية رئاسته؟
التالي
حزب الله منتصراً على الحريري… وعاجزا عن الحكم