لتمت حلب ولتذهب إلى الجحيم

كلّ الاستنكارات والبيانات، وكلّ التحفظ وكلّ ما نعبّر عنه من إدانة لا شيء.. نحن شعوب الكلام لزعماء الصمت والعار.

لتمت حلب، فالكرامة لا تليق بنا، ولتذهب إلى الجحيم، فنحن عرب الذلّ، نحن من سمحنا للطغيان أن يتمدد ونصبنا الزعماء آلهة، فأمعنا بالرضوخ لتماثيل بشرية تجرّنا خلفها كما الخراف.
حلب تستحق الموت، فهي صوت شاذ لم نعتد أن نسمعه، لم نعتد للشعوب أن تطالب بحريتها وأن تخرج عن رحمة سلطان جائر يقتل بكرباجه الدموي كل من يتجرأ على رفع عينيه بمولاه “الرئيس”، كلّ من تسوّل له نفسه الحمقاء المتهورة، أن يقول “لا للظلم.. لا للمهانة”.
حلب تستحق الموت، لأنّها مرآة عهرنا، أجل، العهر استشرى بنا، أتقنا دعارة الرضوخ، ومارسنا رذيلة الاختباء خلف الحجج الكاذبة، وبتنا مجرد كومبرس نؤدي المشهد بحرفية، فنعاقب ذاك الشعب الذي لا يشبهنا بأن انتفض، فيما نتهامس في المجالس “ما أحمقهم.. لم يقتنعوا بالحياة”، “ماذا كانوا يريدون ألم يؤمن لهم الأسد المأكل والمشرب والملبس والعلم والدواء”، “شعب متهور جاحد”.
نتهامس لأننا لا نفهم معنى الكرامة، ولم نتنعم يوماً برائحة الكرامة، كنّا دائماً نبجل الزعيم والسيد والـ”بيك”، ولا تتردد على ألستنا المقيدة إلا “أمرك مولاي”، “لبيك سيد”، “بالروح بالدم نفديك يا صاحب السلطان”.

إقرأ أيضاً: اهداف بوتين من مجزرة حلب

كذبة الحرية، ليست إلا شعارات أتقناها، كنا دائماً نتغنى بفلسطين (المحتلة أزل وأبد في ظلّ التطبيع والمؤامرة)، كنّا نعتز بانتفاضتها وأنّ العرب مقاومون، وأننا أصحاب حق لا حياة لنا في ظلّ مستوطن، أو محتل، أو طاغية.
شعارات الحرباء هذه ربطناها بالعدو الاسرائيلي، لنثمل ضمائرنا لنسقط عن أكتافنا بعض العار، فيما كنا نقبل تلك الأيادي المتآمرة مع الصهيوني ونأخذ البركة من كل قائد شرب “الجعّة” مع بيريز أو شارون أو نتنياهو.
شعاراتنا سقطت، وسقطنا في حلب، وتمرغنا في دماء حلب، اسرائيل في حلب، وكل المقاولة، وكل الطغاة، وكل تجار الدم.. ولكن “ما من شيء في حلب”.

إقرأ أيضاً: نداء حلب: لا تقتلوا الحسين مرتين

لتذهب حلب إلى الجحيم، ليحترق أطفالها، فأطفالنا في سلام، لتدك المباني فوق رؤوس أهاليها، فعمراننا مشيدة، لتغرق في الدماء، فبحارنا ماء.. وماء.
لنا جنّتنا ولحلب نار الأسد، ولها محرقة بوتين، والقائد الصهيوني خلف الكواليس يحرك شطرنجه وكم من “كش ملك” قد اسقط.
لنا الجنة المزيفة بالخزي والعار، ولحلب جحيم الكرامة.. ولحلب جحيم الحرية.. ولحلب النار برداً وسلاماً، ولنا لا برد ولا سلام، سوى ركوع.. فلنجثو، فلنطأطئ رؤوسنا ولننحني ولنقبل حتى الأقدام، هذا ما يليق بنا نحن أهل البغاء .. نحن الصامتون عن حلب.

السابق
بالفيديو: هكذا خذل ميشال عون الشرعية والشرقية وهرب بعد 47 دقيقة!
التالي
بالفيديو: طفلة الثلاثين يوماً تحت دمار الأسد والمسعف يغسلها بدموعه