أنا والكرسي والزمن طويل

سبت صحيفة “السفير” إلى رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، ما يثلج صدور اللبنانيين والمتحدّرين من أصل لبناني وما يعزز الأمل في النفوس الحائرة. وفحوى الكلام المنسوب إلى دولته أن العماد ميشال عون باقٍ في الحلبة الرئاسية مرشحاً حتى آخر يوم من حياته ولن ينسحب إلا شهيدا… شهيدا.

هذا قدر الأبطال والقادة. يقاتلون في المعارك العسكرية حتى الرمق الأخير، وكذلك الأمر في المعارك السياسية. ويحضرني في هذه الهنيهة شعرٌ غنّاه سيف البحر في مسرحية صيف 840 وفيه “لَمَعِت أبواق الثَّوره. سَكَن الحقْد المسافات والأعلام الدَّمَوِيِّه. قوّي قلبَك واهْجُم. يا بْتوصل على الموت…يا بْتوصل عَ الحرِّيِّه”. ولولا معرفتي بشاعرية الراحل الكبير منصور الرحباني وبصوت غسّان صليبا لظننتُ أن الجنرال عون هو الشاعر والمغني.

يا رجل، يا جنرال، يا حبيب الجماهير. جايي اليوم تحكينا بالليسترين. وُزّعت أدوار البطولة على مستحقّيها وما بقي لدى المنتج أي دور أوّل. إحتكر معظمها مجاهدو حزب الله الذين سطّروا ويسطّرون الملاحم البطولية في حلب وسائر الشام، بعدما حرروا لبنان على مراحل في مسلسل حروب وانتصارات كان آخرها في  يوم 7 أيار المجيد. يوم وُضِع الحل على السكة الصحيحة. كان يوماً مفصلياً يستحقّ إدخاله في المنهج الرسمي. يوم فرصة للأولاد. يوم شرف. يوم تأمل وجودي. نعود إلى الأساس: ماذل يريد الجنرال؟ ألم يتعب بعد؟

إقرأ ايضاً: لماذا تأخّر المشنوق في رفض تهمة «تسويق» عون؟

يجزم مناصرو مؤسس تاريخ لبنان الحديث من كل الفئات العمرية والصِحافية أن البطل ما بيتعب. ولا يتقاعد. وهذا ما أكد عليه إيلي الفرزلي: عون لا (ولن) ينسحب إلاّ شهيدا في معركة. المعارك تصقل الجنرال وتجوهر حضوره وتزيده توهجاً، ولا حاجة لتذكير المؤرخين بما حفلت به أعوام نضاله المستمر، ممّا يعرفه الكبير الصغير و”المقمّط بالسرير”. حرر لبنان من إسرائيل، بمساعدة مشكورة من المقاومة الإسلامية. أخرج الجيش السوري من لبنان بمساهمة بسيطة من باقي الأفرقاء وفي مقدمهم تيار المستقبل. أوصل إلى الندوة النيابية باقة من النضاليين، من الرفيق عباس الهاشم ونزول.

إقرأ أيضاً: نصرالله يعطي برّي جرعة قوّة لتسويق الحلّ «العوني» للرئاسة

يقول خصوم رئيس تكتل التغيير والإصلاح الكثير في مجالسهم، لكن القائد لا يعير كلام الخبثاء أي اعتبار، فهو ماضٍ في نضاله ومواقفه الأمضى من حدّ السيف وصولاً للأهداف المرجوة. في الذكرى الخامسة عشرة لـ7 آب، فكّ صيامه الجزئي عن الكلام متوجّهاً إلى مناصريه بقبس من إيمان وبتجديد العهد والوعد والهدف: “إن العمل السياسي يختلف عن العمل النضالي فهدف النضال كان تحرير الأرض أما الهدف اليوم فهو تحرير الدولة.”.

تحرير الدولة ممن؟ وكيف؟ أبالقبض على الرئاسة الأولى مهما طال الزمن ولو كان ثمن ذلك أفدَح من أن تتحمله الدولة “المحتلة” والمنحلّة. وماذا لو استُشهد الجنرال في معركة استرداد القصر من طواحين الهواء فلمن ستؤول الكرسي؟

(ناو ميديا)

السابق
شبعا تنتصر بافتتاح مستشفى الشيخ خليفة بن زايد
التالي
«جبهة قتالية» في الضاحية.. دافعها «غيرة زوجيّة»