خمسة شهور قبل «العصفورية»!

تزامنت جلسات الحوار في بيروت مع تقدّم معركة كسر الحصار على حلب وتعليق المشاورات اليمنية في الكويت، فكان هناك سببان اضافيان لعدم توقّع أي جديد في مواقف “حزب الله” حتى لو كان الاتفاق على إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان لا يؤثّر سلباً على أجندة ايران وادارتها للتخريب في محيطها العربي. لكن “الحزب” ملتزم تعليمات طهران بمواصلة التأزيم في كل مكان الى أن تبدأ الحلحلة في كل مكان.
ولعل أهم ما توصلت اليه الجلسات أنها أكّدت المؤكّد، وهو أن دولة متهالكة ومتهتّكة لم يعد ينفع فيها حوار ولا نقاش، طالما أن هناك طرفاً واحداً – “حزب الله” – ينتظر من الآخرين أن يخضعوا لمشيئته، فهو يجالسهم الى الطاولة نفسها لكنه “متمترس في متراسه ولا يريد التقدّم أي خطوة” (وفقاً للرئيس فؤاد السنيورة)، ويشهر سلاحه ليذكّرهم بأن هناك مرشحاً واحداً لا غير و”إذا أرادوا حلّاً فعليهم أن يختاروا الرئيس عون (…) وأي بحث خارج هذه الدائرة هو إضاعة وقت” (وفقاً للشيخ نعيم قاسم).
أصبح هناك الآن خطٌ أحمر أخير، فإذا تخطّى لبنان نهاية السنة من دون انتخاب رئيس فإنه سيدخل مرحلة كل المخاطر، مرحلة “الجنون”، بحسب الانذار الذي أطلقه الرئيس نبيه برّي: “أكاد اقسم انّ البلد مقبل على الخراب ان لم نتدارك ذلك قبل فوات الاوان (…) وإننا اليوم في نصف عصفورية، واذا لم ننتخب رئيساً فسنصبح في نهاية السنة في عصفورية كاملة”. لكن مراقبة جلسات الحكومة والحوار وجلسات البرلمان المؤجلة لا تفيد بشيء آخر غير أن استشراء آفة التحلّل من أي مسؤولية “وطنية” ماضٍ في تعميم حال من “الجنون”. هي حالٌ لا تختلف إلا بالتفاصيل عما نشهده في العراق وليبيا واليمن، وبالنسبة الى لبنان فإن مشاركته مرغماً، عبر “حزب الله”، في الصراع السوري جلبت اليه فيروسا تكوّن من تداخل أمراض النظام السوري بأمراض النظام الايراني وبات عصيّاً على المعالجة، ولا في أي عصفورية.

اقرا ايضًا: أسبابٌ وأثمان لسلامة اللبنانيّين
وفيما اجتهدت دوائر “حزب الله” وأبواقه للتقليل مما يحدث في حلب، رغم أن أمينه العام كان اعتبر الحصار مقدمة للحسم ولانتصار ايران “اقليمياً”، فقد كان على “الحزب” أن يستمع الى أحاديث مقاتليه وهم يصفون رأي العَين ما شاهدوه في معركة الكليات العسكرية، إذ قال أحدهم إن جنود بشار الاسد هربوا و”ما بقي غير اللبنانيي” طبعاً على أطراف المواقع المتساقطة. ولماذا بقي هؤلاء هناك؟ للدفاع عن الاسد، لأن “لا حلّ في سوريا من دون الاسد” الذي التقى الروسي مع الايراني على ضرورة “بقائه”… والكلام لنعيم قاسم أيضاً، أي أن التمسك بالاسد رئيساً يوازي عند “حزب الله” التمسك بميشال عون مرشّحاً وحيداً.

(النهار)

السابق
هل تغيّر كلينتون سياسة أوباما؟
التالي
دورية معادية مشطت الخط الحدودي من العديسة حتى مرتفعات الوزاني