النسبية الخاصة والعامة: لبنان بحاجة لـ« آينشتين» جديد

يكثر الحديث في لبنان هذه الأيام عن القانون الإنتخابي وما إذا ينبغي أن يكون أكثرياً أو نسبياً أو خليطاً من الإثنين، علاوة على الإقتراح الأورثوذكسي بأن تنتخب كل طائفة نوابها على حدة.

لم يخطر لآينشتين عندما وضع النظرية النسبية الفيزيائية بفرعيها الخاصة والعامة أن لبنان سيحاول بعبقريته الموصوفة إيجاد صيغة موحدة للنظرية النسبية، ولو انتخابيا، وهو ما عجز عنه عباقرة علم الفيزياء العالميين طوال أكثر من مائة عام.
الداعون إلى وضع قانون انتخابي لبناني قائم على النسبية على مستوى الكيان اللبناني كدائرة واحدة لا يأخذون بالإعتبار أن نتائجه قد تكون كارثية خاصة في بلد تعددي مثل لبنان تغيب عنه الثقافة العلمانية المدنية لدى الغالبية العظمى من الشعب، وتحكمه العصبيات الطائفية وسلطة الأحزاب الدينية والطائفية والسلاح، فتكون النتيجة تكريسا عدديا وعضليا للواقع السياسي المقرف الذي يتخبط به البلد.

إقرأ أيضاً: قانون الانتخاب.. «14 آذار» ترفض النسبية المطلقة في ظل السلاح

لا أذكر تماما ولكن أعتقد أن وفدا لبنانيا زارنا هنا في اسكتلندا منذ سنوات لدراسة القانون الإنتخابي الإسكتلندي القائم على النظام الأكثري على مستوى الدائرة الفردية والنسبي مناطقبا. هذا النظام أعطى حزب المحافظين، الممقوت لدى غالبية الإسكتلنديين، تمثيلا نسبيا لا بأس به في البرلمان الإسكتلندي بينما لم ينتخب الإسكتلنديون سوى عضوا واحدا من حزب المحافظين في انتخبات مجلس العموم في المملكة المتحدة القائمة على النظام الأكثري. القانون المختلط عندنا لا بأس به لأن الناس لا تسأل لا عن الدين ولا تحمل السلاح ولا تتحكم بها العصبيات الطائفية. أما في لبنان بصيغته الدستورية الطائفية وغياب الوعي المدني والعلماني وسيطرة العصبيات الطائفية والسلاح فسوف يزيد القانون النسبي الطين بلة وتكون نتائجه كارثية.

إقرأ أيضاً: فياض: «المستقبل» أعلن الحرب على النسبية و«حزب الله» ماض في معركته

أقترح على قوى التغيير النضال مرحليا من أجل تطبيق النظام النسبي على المستوى الضيق (micro) من بلديات ونقابات وفعاليات اجتماعية وثقافية أولا قبل التعميم على المستوى البرلماني الوطني (macro) لأن معركة تغيير الفكر طويلة وشاقة. حبذا كذلك النضال من أجل تطبيق النظام المدني في القضايا الإجتماعية مثل الزواج والإرث والمواطنة ، إلخ. فيكون ذلك توطئة “لإسكتلندة” لبنان إنتخابيا على المدى الطويل.

السابق
على هذه الأبراج أن تكون أكثر دقّة ورويّة..
التالي
محمد صادق الحسيني يعترف بهزيمة حلب