موقف نصرالله من السعودية ..كلمة سواء مع الشيطان

لم تحمل إطلالة السيد حسن نصر الله يوم أوّل أمس أيّ جديد في مضامينها، إلا أنّها عكست تناقضاً جلياً في تعاطيه مع الشأن السعودي، لينتقل من الشتم للدعوة إلى الحوار في سياق واحد لا يمكن له أن يتقاطع بشكل منطقي. فما سبب هذا التوتر في الملف السعودي، ولماذا الدعوة المكررة للمملكة لأن تحاور إيران ومحورها رغم سيل الاتهامات ضدّها؟ّ

علّق الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص على كلمة السيد نصر الله يوم أمس، وأكدّ أنّ العامل اللافت في الخطاب أنّه “يهاجم المملكة ثم يدعوها إلى الحوار وإلى تقاسم المنطقة، وهذا يجعلني لا أعتقد أنّ إيران ومعها السيد حسن نصر الله قد تحدثت من موقع المنتصر أو هي في وارد أن تقاسم انتصارها مع أحد أو أنّها تتعامل كجمعية خيرية مستعدة لأن تكون راعية للسلام في المنطقة بعدما كانت سبباً في حروبه، يبدو أنّ ايران ومعها حزب الله يواجهون املاءات السعودية التي أصبحت راسخة في المنطقة، والمتضمنة، لا لحكم الإنقلابيين في اليمن لا لفوضى السلاح والميليشيات في العراق ولا لوجود الأسد في سوريا”.

وأضاف “ممّا معناه أنّ السعودية صامدة ومستمرة في مواجهة هذه المشاريع، فحزب الله وإيران يعتقدان أنّ السعودية في مأزق استنزاف فيما هم المستنزف الأكبر، من هنا السيد حسن نصر الله يهاجم السعودية ثمّ يدعوها إلى الحوار، بما معناه أنّ حزب الله والإيرانيين في مأزق غير واضح، خلاصته في سوريا، ولو أنّ السيد حسن نصر الله كان مقتنعاً بما أنجزه الجيش السوري في حلب من خلال حصارها لتغيرت لهجته أولاً في لبنان وثم في المنطقة، وكان قال للجميع إنّها فرصتكم الأخيرة التي لم تحسنوا التصرف بها” .

مصطفى فحصوتابع فحص موضحاً “ولكن على ما يبدو أنّ حسابات الميدان السوري ليست في بيدق حزب الله ولا إيران فهناك حسابات تركية – روسية مستجدة وهناك حسابات خليجية – تركية مستجدة وهناك قادم إلى البيت الأبيض لا أحد يعرف كيف سيتعامل مع التمرد الروسي على الاستقرار العالمي”.
ولفت أنّه “من هنا حزب الله وإيران خلفه بحاجة لحوار مع السعودية حيث أنّ تركيا سوف تنشغل لأشهر بنفسها لإعادة ترتيب البيت الداخلي، فالفرصة الأن للحديث مع المملكة، ولكن يبدو أنّه في إيران طرف أخر فالذي يريد الحديث مع المملكة لماذا يفشل المفاوضات ويدعو الحوثيين لإنقلاب ثاني أما في سوريا فالمنتصر هو الروسي وليس الإيراني، والروسي يعلم حدود حلب فيلتقي بوتين وأردوغان، كما أنّ حلب هي مفتاح تحديد الموقف الروسي في المنطقة بما معناه أنّه إذا سمحت روسيا للأسد بدخول حلب فهو انحياز كامل للطرف الشيعي ضد الطرف السني وروسيا غير مستعدة لهذه المغامرة، إلا إذا كان هناك غلو روسي وهذا ما لا نعلمه”.

وعن توقف السيد حسن نصر الله عند ملفات لبنانية وتوجيهه رسائل بشأنها للحكومة، أشار فحص “لينسحب حزب الله إذاً من الحكومة، وأفضل نصيحة له أن يرفع الغطاء عن الفاسدين من حلفائه الذين يسيطرون على عدة ملفات كبيرة في لبنان منها المياه والنفط والكهرباء، ولكن حزب الله يغطيم لأسباب سياسية فاسدين كبار ونقطة على السطر. أما فيما يتعلق بحديثه عن قرية الغجر فهو للإستهلاك المحلي ليس أكثر”.

إقرأ أيضاً: نصرالله : بعد حلب مكة

من جهته أكد الباحث والناشط السياسي، مدير جمعية “هيا بنا” الأستاذ لقمان سليم لـ”جنوبية”، “حينما أسمع السيد نصر الله أجد مشكلة بالمسمى الوظيفي وهي أن أعرف من هو المتكلم هو زعيم أم متولي تنظيم لبناني أم هو ينطق بلسان اخر، هذه المشكلة بفهم هذا الخطاب وفهم المسمى الوظيفي الذي يجعل من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله يخاطب السعودية ومن وراء السعودية العالم العربي السني بهذه الطريقة، أي بالشتم والتسفيه، ثم يقول لهم بالوقت نفسه تداركوا ما كان منكم وتعالوا لنتفق، الواضح أنّ هذا الكلام ليس بتوقيع لا السيد حسن نصر الله ولا حزب الله هذه أحلام إيرانية، فالإيراني يدرك جيداً أنّه مهما حقق من انتصارات ميدانية سواء بسوريا أو بالعراق أو بأي ساحة أخرى، فإنّ ترجمة هذه الانجازات الميدانية لا يمكن أن نتم بالانتصار وإنّما بجر الطرف الاخر لطاولة مفاوضات ما وفق شروطه”.

لقمان سليم

ولفت “أخشى ما أخشاه أنّ يوم أمس خاطب السيد حسن نصر الله السعودية كما اعتاد أن يخاطب تيار المستقبل”.

وتابع سليم في مناقشة مضامين الخطاب مشيراً أنّه “من الواضح أنّ قراءة هذا الخطاب في سياقه العام وهذا التردد بين الدعوة إلى كلمة سواء وبين الشتيمة المقذعة، أنّه “ستاتيكو” وكل ما يحكى عنه من انجازات وانتصارات عالق في عنق زجاجة ما، وبالتالي بالرغم من لهجة الخطاب المتسعة وبالرغم من الصراخ والشتائم، هذا خطاب يترجم طبيعة المرحلة وأنّه لا يمكن لأحد أن يزعم أنه حقق اي انتصار حاسم أو انتصار يسمح له أن يترجمه بالسياسة”.

إقرأ أيضاً: نصر الله والجولاني: زمن العمائم واللحى

وعن تطرق السيد نصر الله لمواضيع حياتية أوضح أنّه”السيد نصر الله يعبرّ من خلال هذه الملاحظات عن حالة الإحباط والقرف التي تسود الشارع اللبناني من أقصاه لأقصاه وفي عداده الشارع الشيعي، فبالنسبة لموضوع الليطاني من الذي يعطي رخص ومن الطرف الساكت عن حركة التلوث أليست حركة أمل وحزب الله، أما عندما تحدث عن الضرائب والفساد، فهو شريك في الحكومة منذ 2005 وشريك بالتالي في مجالس الإدارة السياسية التي تتوزع الفساد، والفساد ليس فقط مالي، فكل أحد فاسد بإدارته”.
لافتاً أنّه “ربما إيران تكفي حزب الله مغبة الفساد المالي، ولكن الفساد على مستويات أخرى يمارسه حزب الله من خلال التوظيفات وغض النظر والحماية”.

السابق
رسالة من بشار الأسد إلى نتنياهو: ساعدني.. فأضمن أمن إسرائيل!
التالي
هيومن رايتس ووتش: السوريات بلبنان عرضة للاتجار الجنسي