يديعوت احرونوت: الديموقراطية لم تنتصر في تركيا

يكتب بن درور يميني، في “يديعوت احرونوت” انه ليس واضحا بأن النوايا كانت جيدة، لكن الواضح ان النتيجة ستكون سيئة، خاصة لتركيا. منذ عقد ونصف يوجد لتركيا زعيم شعبي وقوي، رجب طيب اردوغان، الذي كلما عزز نفسه، كلما اضعف الديموقراطية. الآن، في اعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، سيصبح الزعيم اقوى، والديموقراطية اكثر ضعفا. الغالبية تدعم اردوغان. لقد انتخب في اجراء ديموقراطي، لكن المسألة هي انه لا حاجة للعودة الى الاجراء الديموقراطي في المانيا في سنوات الثلاثينيات، لكي نفهم بأن الاجراء الديموقراطي لا يضمن الديموقراطية، بل ابعد من ذلك.

منذ عشرات السنين، تعيش تركيا حالة توتر بين الجيش، الذي يعتبر علمانيا، وبين السلطة، التي تسيطر عليها احزاب اسلامية. في سنوات التسعينيات سيطر على تركيا حزب الرفاه، الذي ترأسه نجم الدين أربكان، رئيس الحكومة. لقد كان أربكان، مثل حزبه، اسلاميا واضحا. الا ان الجيش التركي الذي تسلم المهمة التقليدية كحارس لميراث مؤسسة تركيا العلمانية، مصطفى كمال اتاتورك،طرد حزب الرفاه من السلطة. وصادقت المحكمة الدستورية في تركيا على الغاء الحزب. والتمس اربكان والحزب الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي المحكمة الدولية التي تشمل صلاحياتها كل دول اروبا. لكن المحكمة، وفي قرار دراماتيكي وموجه، قررت بأن الغاء الحزب كان قانونيا، لأن من يهدد مبادئ الديموقراطية ويخطط لنظام ثيوقراطي، لا يستحق الحماية من قبل المحكمة.

احد شبان الحزب، كان رجب طيب اردوغان. لقد اسس حزب العدالة والرفاه، الذي كان في واقع الأمر متفرعا عن الحزب الذي تم اسقاطه. وخلال فترة قصيرة سيطر الحزب على السلطة، في اجراء ديموقراطي مطلق. وخلال العقد الماضي، نجح اردوغان بإضعاف مراكز القوة العلمانية، وعلى رأسها الجهاز القضائي والجيش والشرطة ووسائل الاعلام. وفرض اردوغان ديموقراطية عرجاء، منخلال المس الكبير بحرية التعبير والمس المتكرر بالشبكات الاجتماعية التي كانت في تركيا ايضا، مركزا للانتقاد الفظ ضد السلطة.

إقرأ أيضاً: كيف تحوّل ارتياح إسرائيل لانقلاب تركيا إلى خيبة أمل مدوية؟
من سخرية القدر ان اردوغان نفسه ركض ليلة امس الاول الى الشبكات الاجتماعية، التي كانت مشلولة جزئيا، لكي يدعو الشعب الى انقاذ سلطته. لقد نجح بالوصول الى قناة تلفزيون قطرية بواسطة تطبيق FaceTime، ونشر تغريدة ايضا، جاء فيها: “ادعو الأمة للخروج الى المطارات والميادين من اجل اعادة الديموقراطية وارادة الشعب”. وفشلت محاولة الانقلاب ايضا، بسبب الاستخدام الناجح للشبكة الاجتماعية واخراج جماهير الشعب الى الشوارع.

ديموقراطية اردوغان تشمل مئات مواقع الانترنت التي تم اغلاقها بأمر من السلطة، وعشرات الصحفيين الذين حوكموا و/أو تم زجهم في السجن بسبب اهانة الحاكم الأعلى. والنتيجة هي ان تركيا تمضي لتحتل مكانا اكثر متدنيا في مقياس الديموقراطية. لقد اصبحت تركيا اقل ديموقراطية وفرصة هزم اردوغان بواسطة مركز القوة العلماني والهام، الجيش، تساوي الصفر.

إقرأ ايضاً: السلطة والجيش في تركيا: درس اردوغان

توجد للانقلابات العسكرية رائحة سيئة دائما، ولكن عندما يمثل الجيش قيم الدولة العلمانية بالذات، وتمثل السلطة المنتخبة التدهور نحو اتجاه اكثر اسلامي، ليس من الواضح ان قرار الغالبية يعكس المشهد الشامل. الديموقراطية هي، ايضا، سلطة الغالبية، لكنها ليست سلطة الغالبية فقط. لقد تحولت حماس الى اكبر حزب في انتخابات ديموقراطية، فهل توجد لديها أي ذرة من الديموقراطية؟ الاخوان المسلمون سيطروا على مصر في انتخابات ديموقراطية، وخلال فترة قصيرة تمكنوا من المس بكل شيء جيد تقريبا. الجيش لم يقم بانقلاب، وانما انضم اليه. في هذه الحالات لا يكون الخيار بين الخير والشر، وانما بين الشر والأسوأ. ربما يجب رفض الانقلاب العسكري في كل الحالات، وربما يكون اردوغان هو الأقل سوءا، لكن الانقلاب الفاشل افشل معه ما تبقى من الديموقراطية التركية. لقد شهدت تركيا سنوات سيئة، ومنذ الان وصاعدا، ستشهد سنوات أسوأ.

السابق
ما هو شرط جنبلاط للسير بترشيح عون!؟
التالي
«الإخوة السبعة» أهدروا 300 مليار دولار