لبنان والخطر والأخطر منه!

الياس الديري

الخوف من المجهول لم يعد خوفاً افتراضياً. كما لم يعد المجهول مجهولاً. لقد انجلت الصورة على الأرض بكامل سلاحها وأشخاصها و”مرجعيّة” هذا الخوف. ومسببيه. وأهدافه.
لقد كان الخوف في محله. وجاءت مجزرة القاع لتصبح الشاهد المدمّى، والمجبول بالأدلّة الساطعة التي تدين الفاعلين، الى المتفرّجين من بعيد لبعيد. الى آخره…
خلاصة هذه البداية المقلقة جداً أن حال البلد الذي لا يختلف عن حال الأيتام يحتاج الى ما ليس متوافراً له حالاً وسريعاً.
وليس من السهل توفير المطلوب في المدى المنظور، على ما يقول ويعلن كبار المسؤولين. ومَنْ يدري، فقد تكون فئات معيّنة غير منزعجة من التطورات الدموية، فضلاً عن الشوشرة الإرهابية التي أحاطت بلبنان خلال اسبوع واحد…
فالجمهورية المعطّلة منذ سنتين وخمسة أسابيع، محاصرة في الوقت ذاته بكل أنواع الأسلحة، والمخاطر، والتهديدات، والتنظيمات الارهابية. وحاجته الملحة جداً وكثيراً تنصب على طلب واحد: التلطّف من أميركا وحليفتها الجديدة ايران بالافراج عن الاستحقاق الرئاسي.

اقرا ايضًا: لمصلحة من تهديد الاماكن السياحية في لبنان؟

وباختصار أكثر: السماح للبنان بانتخاب رئيس للجمهوريَّة بعد كل هذا الانتظار الطويل. وبعدما باتت الدولة مفرغة من كل مفاعيلها وأدوارها ومسؤولياتها ومهماتها، مع تعطيل المؤسستين الرئيسيتين مجلس النواب والحكومة. ناهيك بالتعطيل الشامل الذي يشلّ البلد عن بكرة أبيه.
لا حاجة الى مزيد من الآراء، ومزيد من الانتقادات، ومزيد من الفوضى، ومزيد من التسيّب، ومزيد من الفضائح، ومزيد من الشرشحة، ومزيد من “اللهط” والفساد الذي لم يشهد لبنان شبيهاً له حتى إبان الحروب القذرة… وموجة تسيّب كل ما على الأرض وفي المياه.
فلبنان في خطر حقيقي. في خطر يومي. في خطر دائم. ليس من أمس، أو منذ حادث الغدر بالبقاع، بل من زمان. من اليوم الأول الذي أصبح فيه بلا رئيس جمهوريَّة. ومن يوم أُقفل القصر الجمهوري، وتولَّت “حكومة المصلحة الوطنيّة” كل المهمات التنفيذية، ووضعها لا تُحسد عليه.
إذاً، وفي ضوء هذه الحقائق، أياً تكن الأجواء، وأياً تكن الاجراءات، وأياً يكن حجم التهديدات، لبنان في خطر. في خطر مباشر. وقد نكتشف لاحقاً أن وراء “الفراغ” مخططاً جهنمياً، أهدافه لا تحتاج الى بصّارين وعرّافات.
لقد دخلنا في جملة من المحاذير، ومن بوَّابة “داعش” الدمويَّة مباشرة. وهذه الدخلة لا يملك أحدٌ من مسؤولي الفترة الراهنة علاجات عملية لها، أو إمكانات فعّالة لصد “الهجمة” التي أظهرت التحقيقات انها تحمل كل الخطر…
لن نتحدَّث هنا عن التفسُّخ والتمزُّق، وعن الشخصانيين الذين ساهموا في إيصال بلد الفراغ الى هذا الجحيم.

(النهار)

السابق
الشرطة تقتحم مطعما في بنغلادش وتقتل محتجزي الرهائن وتحرر 13
التالي
نصرالله: وداعاً الخميني