قراءة واقع اللاجئين ليست تحريضاً

عبثاً يحاول البعض تجنب الحديث في المشكلة تحت شعارات “الاخوة” و”الشعبين الشقيقين” او مقولة “الشعب الواحد في بلدين”، او يسعى لرفع شعارات حقوق الانسان والعنصرية والعدائية والنازية لمنع ما يسمى التحامل على اللاجئ السوري في لبنان. وكل هذا هروب الى الامام من دون مواجهة المشكلة، او تآمر جديد على لبنان بدأ بتواطؤ البعض على مواطنيه مع الفلسطيني والاسرائيلي والسوري، ولم ينتهِ مع جهات عدة تعرض علينا مالها وسلاحها، لا حباً بنا، بل تنفيذاً لمآربها، وتصفية لحساباتها الاقليمية على ارض الغير، اي على ارضنا.
الى اليوم، لا يزال سفير فلسطين، تلك الدولة التي فقدت مقومات الدولة، يتابع شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويتصل بالسلطات اللبنانية محاولاً لعب دور الوسيط على رغم محدودية دوره داخل التجمعات الفلسطينية نفسها. لكننا في المقابل، لم نشاهد السفير السوري في لبنان، او اي وفد من وزارة الخارجية السورية، او وزارة الشؤون الاجتماعية، يتفقد احوال مواطنيه في لبنان، فيستمع الى مطالبهم، ويدعوهم الى احترام القوانين اللبنانية، ويضطلع بدور الوسيط في حل النزاعات التي تنشأ مع هؤلاء. يبدو لنا ان الحكومة السورية تخلت كلياً عن ابنائها المهجرين، واللاجئين الى بلادنا التي باتت تستوعب نحو مليوني لاجئ مسجل، في ما عدا كثيرين لا اوراق ثبوتية لديهم، ولم يبادروا الى تسجيل اسمائهم لدى اي من الدوائر الاممية او اللبنانية.

اقرا ايضًا: تفجيرات القاع قسّمت اللبنانيين… ولا ترحيل للسوريين الى بلدهم
اما المؤسسات الدولية فتتحدث عن عودة طوعية للاجئين اذا ما انتهت الحرب في بلادهم بعد سنوات، ولم تبحث جدياً في اقامة مخيمات او تجمعات سكنية في مناطق آمنة في الداخل السوري.
اذاً ثمة تباين كبير في النظرة الى معالجة هذا الملف: دمشق غير آبهة لمواطنيها وربما تفضل بقاءهم حيث لجأوا، ولبنان عاجز عن توفير العلاج له او استئصال المشكلة في ظل انقسام داخلي حوله وعجز سياسي – اقتصادي وقصور امني، والمنظمات الاممية تسعى لعدم تصدير المشكلة الى الغرب فتعالجها بمسكنات محلية.
لكن الحقيقة ان اللاجئين السوريين باتوا قنبلة موقوتة لا أحد يعلم موعد انفجارها. حاليا تحوي مخيماتهم الكثيرين من الارهابيين والخلايا النائمة، وهؤلاء قد يتحركون بإشارة خارجية وحسابات لا علم لنا بها، ومنهم كثيرون باتوا عملاء لأجهزة خارجية يتجسسون علينا من غرف النواطير وباب خدمة توصيل البضائع الى المنازل. اضف الى ذلك ان هؤلاء يستهلكون البنى التحتية اللبنانية ومختلف الموارد المائية والكهربائية التي تتناقص باستمرار، وباتوا يشكلون عبئا اقتصاديا بمحالهم التجارية او باحتلالهم مواقع وظيفية كثيرة. المساعدات الدولية قد تتراجع كما يحصل مع “الاونروا” فتزداد الحاجات الملحة بما يدفع الى مزيد من اعمال السرقة وارتكاب الجرائم. ولا يفرحنَّ احد بفتات المساعدات التي تصل الى المجتمع المضيف، لانها لا تعدو كونها مادة مخدرة.
قراءة الواقع ليست تحريضا ولا عنصرية.

(النهار)

السابق
اسرار الصحف المحلية الصادرة ليوم الخميس الواقع في 30 حزيران 2016
التالي
مغامرة أميركية تودي بـ«جيش سوريا الجديد»