حماية المسيحيين باقترابهم من الدولة لا بالتصاقهـم بـ«حزب الله»

لم تتكشف بعد الاسباب الحقيقية الكامنة وراء الهجمة الارهابية المزدوجة على القاع، وربما لن تتظهر في القريب العاجل، خصوصا أن عشوائيةَ الانتحاريين الذين فجّروا أنفسهم في شوارعها على دفعتين، فجر الاثنين المنصرم وليله، في شكل اعتباطي من دون استهداف اماكن محددة، على عكس العمليات الأمنية التي نفّذت سابقا حيث استهدفت السفارة الايرانية مثلا أو البيئة الحاضنة لحزب الله، زاد الصورة ضبابية.

وفي حين ضاعف عدم إعلان أي منظمة ارهابية تبنيها للتفجيرات الثمانية علامات الاستفهام حول العمليات الامنية وأهدافها، لم تستبعد مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” أن يكون الغرض الرئيسي مما شهدته القاع، يتمثل في زرع الرعب في نفوس مكونات النسيج اللبناني التي ظنّت نفسها بمنأى عن الموجات الارهابية كونها لا تنتمي الى طائفة معينة، بما يوسّع تاليا رقعة الفوضى الداخلية. وهذا ما حصل فعلا في البلدة الحدودية التي سرعان ما امتشق رجالها والنسوة أسلحتهم ولو الى جانب الجيش اللبناني، في وقت سجّل انتشار مسلح علني لعناصر “حزب الله” و”سرايا المقاومة” في معظم قرى وجرود البقاعين الشمالي والاوسط تحسبا لأي طارئ. وعليه، حذرت المصادر من ظواهر “الامن الذاتي” هذه، ورأت انها تكشف لبنان أكثر أمام الاخطار المحدقة به، فيما الاجدى إسناد المهمّة الى الجيش اللبناني والقوى الامنية الشرعية وتأمين الدعم السياسي والمعنوي واللوجستي لهما وتركهما يتصرفان خصوصا وأن الاجهزة أثبتت جدارة وتفوقا في الحرب على الارهاب.

في المقابل، توقفت المصادر عند استنفار عسكري مسيحي – شيعي مشترك برز في عدد من القرى الحدودية، على حد تعبيرها، تزامن مع ارتفاع بعض الاصوات معلنة أن ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” وحدها كفيلة بحماية لبنان من الخطر الارهابي. وقد رأت المصادر أن حماية المسيحيين تكون بالاقتراب من الدولة لا من “حزب الله” أو النظام السوري، فخطوات مماثلة لا تحصّن أمننا ولو بالحد الادنى بل تعرّضنا أكثر للاستهداف من الارهابيين.

سعيد: الموقف هذا اكده أيضا النائب السابق فارس سعيد حيث أشار عبر “المركزية” الى ان “من الضروري أن نسحب كمسيحيين كل الذرائع التي تحولنا أهدافا سهلة للارهاب”، مضيفا “أولى هذه الذرائع محاولة بعض المسيحيين لصق صورتنا بحزب الله أو سرايا المقاومة او النظام السوري، فذلك سيعرّضنا الى مزيد من “القاع”، مشددا على “أننا جزء من منظومة “وطنية” لمكافحة الارهاب و”عربية” لمكافحة الاجرام و”دولية” و”كونية” لمحاربة تخلّف داعش وتوابعها. وقال “لا يمكن ان تكون ردة فعل رئيس حكومة تركيا بعد استهداف مطار أتاتورك أمس ان “مكافحة الارهاب تتطلب الانتساب الى مجموعة دولية”، فيما رد فعل بعض المسيحيين العفويين بعد حوادث القاع تكون بالدعوة الى الانتساب الى سرايا المقاومة”.

وفي حين لم يستبعد ردا على سؤال امكانية أن تكون جهات مخابراتية ضالعة في حوادث القاع، أوضح سعيد ان “كان هناك تسليم شعبي عفوي اهلي في السابق بأن ما يحصل في المنطقة من عنف وتدمير لا يعني المسيحيين، الا أن حادثة القاع الاجرامية أتت لتضعنا في يقظة كمسيحيين، بأننا جزء من هذه المنطقة وجزء من أحزانها وأفراحها، وبالتالي علينا تحصين واقعنا وعدم اعطاء الاجرام المتفلت ذرائع اضافية لاستهدافنا بالاتصاق بحزب الله والنظام السوري”.
(المركزية)

السابق
نديم قطيش: تحالف ميلشيوي مسيحي – شيعي لمواجهة السنّة… ضرب من الجنون!!!
التالي
السلاح الحلال.. والسلاح الحرام: بين القاع وطرابلس!