طرابلس تنصب ريفي جنرالاً لعاصمة الشمال

لا أكثر المتفائلين بالوضع اللبناني ولا أشدّهم تشاؤماً كان يتوقع نتيجة الانتخابات البلدية في طرابلس؟ المبررات للتفاؤل والتشاؤم على حد سواء متوفرة وبقوة.

الجنرال الذي بدأ مسيرته الريفية خارج العباءة الحريرية حديثاً، يشعر بتحالف الجميع ضدّه لوأد المسيرة قبل ولادتها في مسقط رأسه .. من الصعب تجرع هذا الكأس.. لذا، أقصى ما يتمناه قلب الطاولة على من حفر له الحفرة وحاول إيقاعه بها .. وأقل أمنياته النجاة من هذا الفخ ولو ببضعة أهداف شرف تُخرجه “منتصراً مهزوماً” بحكم الأمر الواقع.

المستقبليون والميقاتيون والصفديون و”الجميع” الذي اصطف معهم يشعرون بقلق عميق من تعاظم الظاهرة الريفية داخل البيئة الطرابلسية خاصة والسنية على وجه العموم .. أقصى أمانيهم إيقاع “المتمرد” والطموح في الحفرة ووأد ظاهرته قبل أن تولد.. وأقل أمانيهم إخراجه من معركة الذهاب بأهداف شرف، قبل أن يمنى شر هذيمة في مباراة الإياب (الانتخابات البرلمانية).

علامات الصدمة بدت واضحة على وجه ميقاتي ومستشاره خلدون الشريف لدى سماع نبأ النتائج الأولية التي نزلت على الرؤس كالصاعقة .. لم نرى صور الحريري لدى تلقيه النبأ، لكنّها بالتأكيد لم تختلف كثيراً عن وجه الميقاتيين، والأمر نفسه ينسحب على قادة “تحالف الجميع”.  بدا أنهم لم يقرأوا جيداً تغيير المزاج الطرابلسي.

على وجه اللواء وبيئته الريفية المستجدة بدت علامات الذهول .. كانوا في كواليسهم يطمحون ببضعة أعضاء في المجلس البلدي، لكنّهم  ظفروا بأغلب المقاعد، تاركين لـ”تحالف الجميع” أعضاء شرف.

إقرأ أيضًا: لا كلمة تعلو فوق كلمة ريفي في طرابلس يا شيخ!

قلب الطرابلسون الطاولة على “تحالف الجميع” كما قلبوها على “أشرف الناس” وسلموه مفتاح العاصمة الثانية ورتبة جنرالها .. فضلوا أن يكونوا متميزين عن سكان العاصمة الأولى التي أبقت على مفتاحها بيد الشيخ سعد.

الكل وقف لحظة صمت متسائلاً: ماذا فعلت طرابلس؟ وهل يُعقل أن تكون هذه المدينة القهورة سباقة إلى الثورة على نظام السلطة؟

كان من المنطقي أن تُعدل الأجندة في ضوء الزلزال وأن تتغير شروط العودة إلى ارتداء الثوب الحريري. خرج ريفي في أول إطلالة إعلامية بعد “الفوز العظيم” ليقول لتحالف الجميع: أنا هنا وواهم من يعتقد أن نتائج مباراة الذهاب ستختلف كثيراً عن الإياب. كلامه كان موجهاً بالدرجة الأولى إلى سعد الحريري، ولو تمسك بشعار البقاء على نهج الرئيس الشهيد.

إقرأ أيضًا: طرابلس عروس الديمقراطية فما هو مهرها؟

حتماً سيُعد “تحالف الجميع” العدّة جيداً للجولة البرلمانية .. هذا إن بقيت لديه رغبة أصلاً في إجرائها بعد الصدمة. الأرجح أن هذا التحالف انتهى بنهاية اليوم الانتخابي العصيب، وسيدفع كل طرف فيه على حدة بالمزيد من الأوراق للحيلولة دون تحول الزلزال إلى مد تسونامي.

لن تنحصر نتيجة الاستحقاق البلدي الطرابلسي بنطاقها المحلي، وصداها وصل إلى ما هو أبعد من طرابلس والأرجح أنه تجاوز الجغرافيا اللبنانية ..  السفراء الأجانب المهتمون بالتغيير الطارئ والكبير في المزاج السني بدأوا التخطيط لفتح قنوات اتصال مع جنرال العاصمة الثانية.

السابق
جميل السيد لـ ريفي: صحتين‏
التالي
مؤسسة لايف تصدر بيانها عن اعتقال المحامي نبيل الحلبي…