المعهد الديمقراطي لتقييم مرحلة ما قبل الانتخابات تبحث أبرز القضايا المؤثّرة على المناخ السياسي

الانتخابات البلدية

عقدت بعثة “المعهد الديمقراطي الوطني إلى لبنان لتقييم مرحلة ما قبل الانتخابات” مؤتمرا في فندق فينيسيا صباح اليوم، وهذا أبرز ما خرج به المؤتمر.

يصدر هذا البيان عن البعثة الدولية التي أوفدها المعهد الديمقراطي الوطني لزيارة لبنان ما بين 11 و14 نيسان، 2016. وقد تمثلت أهداف هذه البعثة في:

· معاينة المناخ السياسي والانتخابي السائد في المرحلة التي تسبق انعقاد الانتخابات البلدية والاختيارية في شهر أيار.

· تقييم الاستعدادات القائمة لإجراء الانتخابات، ورفع التوصيات الرامية إلى تعزيز ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية.

· وإظهار الدعم الدولي للمسار الديمقراطي في لبنان.

لا يسعى المعهد إلى التدخّل في مسار العملية الانتخابية، ولا نيّة له في ذلك، وليس لديه إمكانية تقديم تقييم نهائي للعملية الانتخابية، إقراراً منه بأن الشعب اللبناني هو الذي يحدد في النهاية مدى نزاهة الانتخابات، والتقدّم الديمراطي المُحرز في البلد. لذلك تصدر البعثة هذا البيان حول مرحلة ما قبل الانتخابات، انطلاقاً من روحية دعم وتعزيز المؤسسات والإجراءات الديمقراطية في لبنان. سيقوم محلّلو المعهد بمتابعة الاستنتاجات والتوصيات التي خلصت إليها البعثة، ومراقبة الإجراءات والتطورات السياسية المستجدة طوال فترة الانتخابات، ومرحلة ما بعد الانتخابات.

أبرز القضايا المؤثّرة على المناخ السياسي

من المقرر أن تُعقد الانتخابات البلدية والاختيارية على امتداد أربعة آحاد خلال شهر أيار. رغم وجود البلد فيم نطقة تنتشر فيها أعمال العنف والاضرابات، ورغم التحديات السياسية الكبيرة التي يواجهها على المستوى الوطني، فقد أظهر لنبان مرونة ملحوظة وقدرة على التكيّف مع الظروف المستجدة.

ويتمثل أحد العوامل المستمرة التي تعيق كل تقدم فعلي على مستوى التنمية والإصلاحات السياسي في لبنان في وجود حزب سياسي رئيسي يرتبط ارتباطاً مباشراً بمجموعة مسلحة ناشطة ونافذة. تبين للبعثة أن الأجواء المحيطة بالانتخابات المحلية تأثّرت بعدة قضايا محلية وإقليمية، نذكر منها:

التحديات الناشئة عن حاجات ماسّة في قطاع الخدمات: إن ضعف البنية التحتية في لبنان يؤثر على نوعية الخدمات الأساسية المقدمة، بما في ذلك الكهرباء، ومياه الشرب، وإدارة النفايات، والنقل العام، حتى أن آخر موجة من الاحتجاجات ضد الحكومة، بسبب تقاعسها عن معالجة أزمة إدارة النفايات إبان صيف 2015، أعادت تركيز الاهتمام على إمكانات تطبيق اللامركزية، ودور مؤسسات الحكم المحلية في مجال تقديم الخدمات.

اللاجئون السوريون

تعمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتنسيق مع السلطات اللبنانية لتوفير الخدمات الإنسانية، وسواها من الخدمات الأساسية، للاجئين السوريين، وأبناء المناطق المحلية التي يعيشون فيها. إلا أن المجالس البلدية في المناطق التي تضم أضخم تجمعات تلعب دوراً بارزاً، باعتبارها المرجعية الأولى لتوزيع الموارد، وتقديم الخدمات، وتوفير الأمن المحلي. لا تزال الحدود اللبنانية مصانة، رغم النزاع الدائر بالقرب منها واستمرار تدفق اللاجئين. لكن المناطق الحدودية أصبحت أكثر عرضة للمخاطر، مما يجعل البلديات تتحمل عبء الهواجس الأمنية المتزايدة.

الفرص والتحديات الخاصة بانتخابات 2016

انقدام الثقة بإجراء الانتخابات: وزارة الداخلية والبلديات هي الهيئة الأولى المسؤولة عن إدارة الانتخابات، بالتنسيق مع مسؤولين آخرين في وزارات العدل، والإعلام، والتربية، والمالية. وتقوم وزارة الداخلية بإعداد قوائم الناخبين (وفق آلية تسجيل تلقائية تجري سنوياً في شهر شباط)، وإصدار بطاقات الهوية الوطنية، وتدريب رؤساء وأعضاء هيئة أقلام الاقتراع، إضافة إلى إعداد وتوزيع المواد الانتخابية، وتنظيم مراكز الاقتراع، وتنسيق الجهود الأمنية في اليوم الانتخابي. كذلك تعتزم الوزارة إصدار بلاغ لعناصر الشرطة، للطلب منهم التحقيق في أعمال شراء الأصوات، واستعمال الأماكن العامة لأغراض الحملة. تندرج هذه الاستعدادات في إطار التدابير المتخذة لبناء الثقة بقدرة الوزارة على تحضير الانتخابات وإدارتها.

المشاركة والتنافس: تتأثّر الانتخابات البلدية بالروابط الأسرية والعلاقات المحلية الأخرى تماماً كما تتأثر بالأحزاب السياسية، إن لم نقل أكثر. ففي الكثير من الحالات، يتفاوض قادة الأحزاب أو مشايخ الأسر سلفاً على تشكيل لائحة من المرشحين، على نحو يؤدي إلى فوزها بالتزكية. وقد أبدت البعثة ارتياحها لسماع ممثلي المجتمع المدني يتكلمون عن ارتفاع عدد المرشحين الذين يديرون حملات استناداً إلى القضايا التي تحتل أولوية بالنسبة للمواطنين.

إطار العملية الانتخابية: يتميز إطار العملية الانتخابية في لبنان بعدة مواصفات فريدة من نوعها، لا يتوافق الكثير منها مع المعايير الدولية الموحدة. فالحكومة لا توفر بطاقات اقتراع موحدة ومطبوعة سلفاً ولا تضمن سرية التصويت. أما سن الاقتراع في لبنان فهو 21 سنة عوضاً عن 18، وهو أمر أوصت العديد من المنظمات المحلية والدولية بتغييره. أخيراً، يسجّل المواطنون للتصويت تلقائياً في بلدة أجدادهم – أو في حالة المرأة المتزوجة، في بلدة أجداد زوجها – عوضاً عن المكان الذي يقيمون فيه. بعبارة أخرى، تفرض هذه القاعدة على المرأة التي ترغب في الترشح أن تفعل ذلك في بلدة زوجها، حيث لا تتمتع بمعارف كثر أو بشبكات وثيقة على غرار نظرائها الذكور. وهنا، يمكن تغيير الستجيل بحيث يكون مقترناً بمكان الإقامة، ولكنها عملية مثقلة بالصعوبات.

التوصيات

برأي البعثة، تمثل انتخابات 2016 فرصة مهمة للسياسيين والناخبين اللبنانيين، على السواء، لإعادة تأكيد التزامهم بالمؤسسات الديمقراطية النزيهة، واحترامها. في هذا السياق، ترفع بعثة تقييم مرحلة ما قبل الانتخابات التوصيات التالية بشأن المجالات التي يمكن تحسينها في العملية الانتخابية.

الانتخابات البلدية

1 – الثقة العامة في الانتخابات: مع أنّ وزارة الداخلية والبلديات قد دعت إلى إجراء الانتخابات في مخلتف المناطق اللبنانية، إلا أنها لم تنظّم بعد أي حملات لتوعية الناخبين.

التوصيات:

· يجب على وزارة الداخلية والبلديات أن تبادر فوراً إلى إطلاق حملاتها المقررة لتوعية الناخبين، بما في ذلك عبر الدعايات على الشاشات اللبنانية، واللوحات الإعلانية، وسبل أخرى.

· يجب أن تبذل وزارة الداخلية والبلديات قصارى جهدها لتمكّن العامة من الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالانتخابات بشكل منسق وفي حينه.

· يجب أن تشدد وزارة الداخلية والبلديات، ضمن تواصلها مع العامة، على أهمية الانتخابات البلدية ومساهمتها في صحة الحياة السياسية اللبنانية.

· الحملات والمرشحون: فتحت وزارة الداخلية والبلديات باب الترشيح في منطقتين. ومع أن المرشحين كانوا قد تسجّلوا في بيروت قبل أسبوع واحد، لم تلحظ البعثة في خلال زيارتها أي مظاهر لحملات انتخابية.

· يجب أن يبدأ منظمو لوائح المرشحين بتنظيم الحملات الانتخابية في المناطق التي تسجل فيها المرشحون، بهدف تعزيز ثقة الشعب وطمأنته إلى أن الانتخابات ماضية كما هو مقرر.

· يجب أن تقوم لوائح المرشحين بإشراك الشعب من خلال تقديم الطعون الانتخابية المستندة إلى القضايا التي تهم المواطنين وعبر برامج انتخابية واضحة.

· يجب أن يلتزم المرشحون والأحزاب بحكم القانون، ويتقيّدوا بتوجيهات وزارة الداخلية والبلديات، لا سيما البنود القانوية التي تستنكر اللجوء إلى العنف والخطاب الاستفزازي.

· يجب أن تستمر القيادات السياسية في الإعلان عن تأييدها لإجراء الانتخابات، وحق المواطنين باختيار مرشحيهم بحرية.

2 – إدارة الانتخابات وإطار العملية الانتخابية

التوصيات:

· يجب أن تبادر وزارة الداخلية والبلديات فوراً إلى فتح باب الترشيح في المناطق المتبقية، فضلاً عن باب اعتماد مراقبي الانتخابات.

· بالنسبة للانتخابات المستقبلية، وبقدر ما يجيزه القانون، يجب أن تسعى وزارة الداخلية والبلديات إلى المشارة بالتحضيرات الانتخابية باكراً، كي تعزز نسبة التوعية الانتخابية في صفوف الناخبين.

يقرّ أصحاب الشأن كافة أن إصلاح بعض المشاكل التقنية المتعلقة بالإقامة، وسن الاقتراع، وسرية التصويت، سيعزز العملية الانتخابية.

التوصيات:

· تشجع البعثة مجلس النواب على تناول قضية الإصلاح الانتخابي، وهو أمر كان رئيس مجلس النواب نبيه بري، قد باشر به من خلال تشكيل لجنة لإصلاح القانون الانتخابي. كما تشجع المجلس على الاستناد إلى توصيات سابقة كان قد رفعها كل من مركز كارتر، والمعهد الديمقراطي الوطني، والحملة المدنية للإصلاح الانتخابي بعد الانتخابات النيابية في العام 2009.

3 – المشاركة والمراقبة المدنية

دور المرأة في العملية الانتخابية: إن شغل المرأة للمناصب المنتخبة، ومشاركته افي المعترك السياسي بشكل عام، يعتبر متدنياً جداً. لكن الأبحاث الأخيرة أظهرت أن أغلبية ساحقة من الناخبين المحتملين يرحّبون بفكرة ترشح المرأة.

التوصيات:

· تشجع البعثة الأحزاب السياسية على تحويل التزاماتها العلنية بدمج المرأة إلى خطوات عملية، وذلك من خلال إدراج مرشحات ضمن لوائحها، واعتماد تدابير تعزز وصول المرأة إلى مناصب قيادية داخل الحزب.

· يجدر بجمعيات حقوق المرأة أن تسلط الضوء على الدور الإيجابي الذي أدته المرأة في الحكومة، والأحزاب السياسية، وفي المناصب التي فازت بها في الانتخابات.

المشاركة المدنية: نظراً لعدم إجراء الانتخابات الأخيرة في لبنان في موعدها، من الصعب التنبؤ بسلوك الناخبين في الانتخابات المقبلة. لكن المعهد الديمقراطي الوطني لاحظ تزايد الاهتمام بالحكم المحلي والتنمية، وهو عامل يمكن أن يحفز على المشاركة في الانتخابات.

التوصيات:

· تشجع البعثة أصحاب الشأن كافة على إيجاد طرق مناسبة لإشراك المواطنين بدرجة أكبر، وتمكينهم من ممارسة حقوقهم القانونية المتعلقة بالمشاركة المدنية في الحكم.

· يجب أن يتمكن المراقبون المدنيون المعتمدون من ممارسة حقهم بمراقبة العملية الانتخابية، مع رفع التوصيات المناسبة لتحسين مستوى الثقة العامة والمشاركة في أي انتخابات مستقبلية.

· يجب تشجيع المواطنين على ممارسة حقهم الديمقراطي بالتصويت، ومن ثم تتبع عمل المسؤولين المنتخبين اضمان مساءلتهم.

 

السابق
ذكرى 13 نيسان الأليمة «لا تنذكر ولا تنعاد»
التالي
الأمن العام: ابراهيم لم يطلب من الحلبي العمل بملف العسكريين لدى داعش