الثورة السورية: قتل «البراميل»… بالصورة

قرأت مرة أنّ الفن يولد من رحم الحروب، وأن الإبداع يخترق ثقافة الموت، ويحوّل رائحة الجثث لصور ملونة..وقرأت، أنّ الإنسان بفطرته "فنان"، لم يخلق لا على صورة القتل ولا على صورة الدمار والإبادة والفناء..

ما قرأته، أبصرته مترجمُّا في سوريا الثورة، سوريا الشعب، ومتجليًّا بمجموعة من الناشطين الذين لم يفصلهم الموت ولم تمنعهم سلطة البراميل، ولم يحجب عنهم النظام رؤياهم الفنية. هؤلاء يحاربون الاستبداد والطغاة والميليشيا المسلحة التي أتخذت من أرض الطهارة موطنًا لرجزها، يحاربوهم بما هو أكثر تحجيمًا لهم من السلاح بالفن..

انها رسالة عن سوريا الابداع، سوريا المغتصبة من “آلهة” الأنظمة الديكتاتورية، بالفن، تُرسم سوريا الحياة بدحضها ثقافة الموت التي فرضها عليها المرتزقة.

إقرأ ايضًا: فن ونحت وابداع وافلام وثائقية في عرسال..

وتحت عنوان هذا “الفن” تمّ الإعلان عن مهرجان سوريا لأفلام الموبايل والذي افتتح دورته الثانية منذ عدة أيام على مدرج بصرى التاريخي، هذا المهرجان الذي هو مبادرة مستقلة تنظمها مؤسسة الشارع للإعلام والتنمية.

مهرجان الأفلام يقدم هذا العام 33 فيلمًا تمّ تصوريهم بواسطة كاميرا الموبايل أما التنافس فهو على أربعة جوائز، وهي جائزة “لجنة التحكيم”، وجائزة “أفضل فيلم”، وجائزة “أفضل فيلم سوري”،و جائزة “الجمهور” التي تقوم على تصويت المشاهدين عبر شكبة الانترنت.

عروض المهرجان تنطلق من مدرج بصرى في درعا لتجول في عدة محافظات سورية وكذلك مدن عالمية، وتمّ افتتاحها بالفيلم الوثائقي الطويل “طهران بدون إذن” للمخرجة زبيدة فارسي، والذي يظهرالحياة السرية اليومية للعاصمة الإيرانية طهران.

من عناوين أفلام هذه الورشة الفنية نذكر: عنقودي، “مراد”، يحلم السوريون حين ينامون، لكن بماذا يحلمون؟ تزامن ، صولو بيانو وغيرها..

 

وفي حوار أجراه موقع “جنوبية” مع ميزر مطر منسق العروض والتدريب بمهرجان سوريا لافلام الموبايل، للتوقف عند طبيعة الأفلام المصورة والمناخ الأمني، أجابنا أنّ ” الوضع الأمني بعد الهدنة صار أسهل لتقديم عروض المهرجان”، مشيرًا أنّهم “في الدورة الأولى منه قد قدّموا جميع الأفلام بالرغم من القصف والمعارك التي كانت دائرة.

 منسق العروض والتدريب بمهرجان سوريا لافلام الموبايل
منسق العروض والتدريب بمهرجان سوريا لافلام الموبايل

وعن الهدف أو الرسالة المرتجاة، أوضح لنا أنّ “الرسالة هي التأكيد على أنّ سوريا تعني الحياة والثورة والفن، وأنّهم بثقافة الحياة يتمسكون بالرغم من كل الصعوبات

وفيما يتعلق بمواضيع الأفلام التي تدور بأغلبها حول الحرب، ولماذا لم تطرح أفكار مغايرة تعكس الحلم والمستقبل والسلام، أشار ميرزا أنّ “الأفلام ليست جميعها عن الحرب ولكن الواقع السوري حاليًا هو ثورة وقصف، وبما انّ مخرجي الأفلام هم سوريو الجنسية يعايشون هذا الواقع جاءت عدستهم المصوّرة عاكسة له وناقلة لتفاصيله

كما أكدّ “أنّهم لم يفرضوا ولم يطلبوا نوعًا معينًّا من الأفلام للمشاركة بل على العكس قدّموا المساعدة اللازمة للمشاركين لتطوير مشاريعهم، منوّهًا أنّ هذا المهرجان ليس المشروع الأول لمؤسسة الشارع وأنّهم قاموا بأكثر من مشروع فني داخل سوريا وخارجها، وسوف يتابعون”، مردفًا “انّه سيكون هناك بالطبع دورة ثالثة لمهرجان الأفلام في السنة القادمة

وعن الجهة الممولة، أجاب ميرز أنّه “ما من جهة وإنّما هناك منح حصلوا عليها من أكثر من مؤسسة إعلامية عالمية“.

 إقرأ أيضًا: الثورة في نفوسنا ويجب أن لن تموت

مهرجان الأفلام انطلق، وسوريا الفن مستمرة، فبين ثقافتي الحياة والموت خيط رفيع – متين اسمه الثورة، هذه الثورة التي عكست إرادة الشعب للحرية وعرّت النظام من شرعيته، هي اليوم تقول للعالمين العربي والدولي “الشعب هو الفن” و “الثورة ثورة حقٍّ لم يسرق منها السلاح عدسة الفنان”.

السابق
من هي بتول التي رثاها عاصي الحلاني؟‏
التالي
انشق عن «داعش» وفضحهم.. طبخوا التفجيرات عند «أبو سيف»!