دائماً ما يعود بنا الزمن عبر سطور الروايات الأدبية وكلمات القصص السردية إلى عذابات الإستعباد والرق وتجارة البشر فتذهلنا التفاصيل المهينة للحياة الادمية. نطوي الصفحات على مآسي النسوة اللواتي تضيق بهن السبل فيقعن ضحية عقول وحشية لا ترَ في أجسادهن الا الكنز الذي يدر عليهم الأموال. هذا الألم والاسى مضمونه أتعبنا ونحن نتصفحه في الروايات التي حاكت العصور المظلمة والأزمنة القديمة وشاهدناه في أفلام هوليوود وفي وثائقيات الحروب حتى أن البعض يعتبر الإتجار بالبشر من العوارض الجانبية الخطيرة للحروب لما لها من تبيعات على الصعد الإنسانية والإجتماعية وتهميش الفرد.
اقرأ أيضاً: «مسرحية الدعارة» انتهت والمجتمع يعاقب باللفلفة
لنترك الصفحات السود ونغلق الكتب ونعود إلى واقعنا المفتوح على تراكمات الماضي فتصعقنا فضيحة شبكة الدعارة القسرية والإتجار بالبشر في منطقة جونية في أوتيل che maurice لصاحبه موريس جعجع.
تفاعلت القضية في الإعلام وعبر مواقع التواصل الإجتماعي فأدلى كلٌ بدلوه لتظهر العقلية العربية التقليدية التي لم تخرج بعد من وأد الانثى واعتبارها عورة، في حالة تماهي إجتماعي بين رجعية الجلاد والضحايا الـ75.
عارنا أننا حتى قضايانا الأخلاقية تتمذهب وتسيّس في محاولة لتسويف القضية وحرفها عن مسارها الإنساني البحت. عارنا أننا لم نقوَ على سن القوانين الملزمة لحماية المرأة، وأن قضاءنا جله قد أوغل به الفساد. عارنا أن العقل الذكوري قد أمعن بإرتكاب الجرائم بحق المرأة ولم يطله ميزان العدل.
ما أصطلح على تسميته شبكة الدعارة، ضحاياها فتيات وقعن في شرك الحرب واللجوء ومافيات الإتجار بالبشر، فداعش لا تتمظهر باللحى لا بل تتعداه إلى أصحاب الياقات البيضاء وربطات العنق ورجال الأعمال، فكم من قضية سبي قد سمعنا عنها بداية من الأيزيديات ونساء الموصل حتى فوجئنا بفظاعة مشهد اوتيل “شي موريس” على ساحل مدينة جونية اللبنانية.
اقرأ أيضاً: هذا ما قالته احدى ضحايا شبكة دعارة جونية!
أتت هذه الفضيحة كإمتحان لإنسانيتنا لنسأل أنفسنا هل تأثرنا بلغة العنف التي باتت منتشرة في مجتمعاتنا المنغلقة على كل شيء، تغذيها الحروب المصحوبة بالإنحلال الأخلاقي الذي يتفلّت من كل ضوابط وحلول.
ونسأل بالنهاية أنفسنا: هل نحن ضحايا أم جلادون؟