طغاة العالم الثالث أبناء عشيرة واحدة

يظن علي خامنئي، شاه الإمبراطورية الفارسية الحديثة، أن العناية الإلهية لا همّ لها إلا خدمة رغباته، ومن هنا فقد كان قد صرح بأن هذه العناية هي التي دفعت البحارة الأميركيين في الخليج ليضلوا طريقهم ويقعوا في قبضة حرسه الثوري لإذلالهم؟!.

تصريح هزلي لا شك بكل المعايير، ولكنه بالتأكيد قوبل بآيات التكبير والصلاة والسلام على النبي وآله، وشكر العناية الإلهية التي أتت بالمرشد جامع الشرائط لقيادة الثورة وأيدته بالحكمة والرأي السديد، وروح الدعابة أيضاً.

على كل الأحوال فإن التاريخ حافل بالسلاطين وبجحافل المهرجين الذين يهللون ويكبرون لحكمة ولي نعمتهم، وبعضهم مقتنع على الأرجح بأن السلطان اختارته العناية الإلهية لقيادة الشعب نحو النصر الحتمي، وإذلال الأعداء وتمريغ أنوفهم في الوحل.

يا سبحان الله كم يشبه تصريح الخامنئي تصريحات «الصحاف» النارية حول «إذلال علوج الأمريكان»، وحول شعارات رمي اليهود في البحر التي رفعها طغاة هزليون من مغتصبي السلطة عند العرب، ظنوا وبصدق أن العناية الإلهية اختارتهم لدوس رقاب العباد «من أجل رفعة الأمة وظفرها في معارك الفخار«!.

وتذكرت طغاة آخرين، مثل ستالين وهتلر وموسوليني وهم أيضاً كانوا يظنون في عز إلحادهم، أن عناية ماورائية هي التي تخط طريقهم المعبدة بدماء وأشلاء الملايين.

اقرأ أيضًا: إيران شرطي الخليج العربي من جديد

عندما سقط الشاه سنة ظن الناس في إيران أن عهد الطغاة ولى، وأن جمهورية إسلامية ديموقراطية تشبه حلم «علي شريعتي» ستحل محله، وأن عهد اختيار الحكام بحرية أصبح قاب قوسين. لكن الخميني فاجأ الجميع بحكم مطلق شمولي ثيوقراطي يستند في شرعيته إلى الأساطير المتوارثة حول وكالته للمهدي.

واستناداً إلى الأسطورة نفسها بدأ بمسلسل تصفية الحلفاء قبل الأعداء، وفاقت وحشية «باسيجه» و»بسدرانه» كل ما قام به «البهلوي» و«سافاكه«.

ومع ذلك، ما زال بعض مداحي منظومة ولاية الفقيه يتحدثون عن الديموقراطية في إيران، بمعنى أن الشعب ينتخب نوابه ورئيس جمهوريته بحرية كاملة، ولكن أي ديموقراطية يتحدثون عنها عندما تقوم لجنة تابعة للولي الفقيه بإقصاء تسعة وتسعين بالمئة من مرشحي المعارضة للإنتخابات النيابية بحجة عدم الأهلية، وأي نظام جمهوري يبقى في إيران حين تكون كل القرارات الكبرى في إيران محصورة في مرشد وقائد لم ينتخبه الشعب، بل اختارته عناية إلهية، افتراضية؟

بالمحصلة فإن زعيم إيران اليوم يشبه إلى حد كبير «كيم جونغ أون»، حتى ولو اختلفا في أساليب الإعدام بين الشنق أو الرمي بمضاد الطائرات، ويشبهان أيضا طغاة آخرين حكموا العالم الثالث وما زالوا، وهم، مهما بالغوا في تقدير ذواتهم، لا يعدون كونهم يملأون لحظة خاطفة في مسار التاريخ، لتنهال اللعنات عليهم بعد ذهابهم حتى من قبل الحاشية التي آمنت بقدسيتهم.

(المستقبل)

السابق
البنك الدولي: كلفة الحرب في سورية 35 بليون دولار
التالي
خلاف بري ــ عون يتفاقم والخوف على كرسي الجمهورية