لم تمر صفقة تبادل العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى جبهة النصرة مرور الكرام، فانشغلت الأوساط اللبنانية بمتابعة ما حكي على أنه كان محاولة لتلميع صفحة النصرة، وانها وحدها من خرج من هذه الصفقة منتصرا، إذ تم تبادل العسكريين مقابل 25 موقوفاً طالبت «الجبهة» بإطلاقهم.
اقرأ أيضاً: فتحُ قناة التواصل المفقود مع «داعش» رأس الخيط لتحرير العسكريين
وكان أبرز البنود التي تضمّنتها صفقة التبادل التي وافقت عليها الدولة اللبنانية هي: فتح ممرّ إلزامي آمن بين مخيم اللاجئين وعرسال بشكلٍ دائم، إجلاء الجرحى المدنيين وتسهيل دخولهم الى مشافي عرسال، تأمين المواد الطبية وتجهيز مشفى عرسال، جعل منطقة وادي حميد منطقة آمنة، ومتابعة الأوضاع الإنسانية والقانونية للاجئين، تأمين إغاثة بشكلٍ شهري الى اللاجئين في عرسال من خلال الهيئات الإنسانية.
هذه البنود أو الأصح صفقة التبادل بأكملها اعتبرها، البعض في سياق إخراج جبهة النصرة من إطارها الإرهابي الموصومة فيه دوليا كونها فرع من تنظيم القاعدة في بلاد الشام. إضافة ما صرّح به العسكريون اللبنانيون فور إطلاق سراحهم عن المعاملة الطيّبة التي تلقوها من النصرة وعدم التعرّض لهم ولو أن إثنين من رفاقهم تمّ إعدامهم، فبعضهم أظهر تعاطفا مع هذا التنظيم بإعتباره صاحب قضية ليتحوّل بذلك الجلّاد إلى ضحية، هذا إذ تناولنا الموضوع بعيداً عن الشق النفسي والضغوطات التي من شأنها التأثير على العسكريين. وكان اللافت أيضًا ما شهدناه أثناء انجاز صفقة التبادل من استعراض عسكري للنصرة في محيط عرسال، ما دفع للتساؤل أيضًا حول ما إذا كان هذا الإستعراض تمهيدا لتشريع وجودها في أرضٍ لبنانية في المنطقة الآمنة التي ذكرها الاتفاق.
الإنطباع العام بعد إتمام الصفقة كان أن النصرة خرجت منتصرة وأن الصفقة أتت في سياق تلميع صورتها.
وكان بدأ الحديث اعلاميا عن اتجاه لتغيير الإنطباع عن النصرة وبالتالي تمييزها عن تنظيم “داعش”، وذلك في إطار تحويلها من تنظيم “إرهابي”، إلى “مقاومة” مُسلحة مشروعة تندرج في إطار المعارضة السورية المعتدلة.وتدور في الأوساط الصحفية أن حلحلة ملف العسكريين ترافق مع مساعٍ سعودية لتوحيد صفوف المعارضة السورية، بالإضافة إلى جو إقليمي – دولي ضاغط باتجاه تحضير أرضية لتنفيذ ما أتفق عليه في فيينا، تمهيدًا للتسوية السياسية المرتقبة.
وفي هذا الإطار كان لموقع “جنوبية” حديث مع مدير مؤسسة لايف المحامي نبيل الحلبي الذي كان طرفًا أساسيّا في المفاوضات وساهم بتبديد العثرات وانجاز صفقة التبادل المنشودة، فأكّد لنا أن “جبهة النصرة لا تزال حتى الساعة مرتبطة بتنظيم القاعدة وهي تحاول عبر سلسلة اجراءات إقناع المجتمع الدولي وتثبت أنها ليست بتنظيم إرهابي ذلك بهدف أن تكون على طاولة فيينا”،
من تصريح زعيمها في القلمون الغربي، أبو مالك التليّ، الذي هاجم فيه داعش، وصولًا إلى الإفراج عن العسكريين اللبنانيين ، وأضاف أنه “لا يمكن إعتبار النصرة تنظيم ارهابي لأنه يقاتل نظام ديكتاتوري قمعي”.
كما لفت الحلبي الى ان “هناك إجتماعات في الخارج تعمل في إطار منع نعت أي ثوري سوري بالإرهاب باستثناء داعش”. مشيراً إلى أن صفقة التبادل لم تتم لهدف تبييض صفحة النصرة بل كانت تهدف للإفراج عن العسكريين وانهاء هذه القضية”.
وفي السؤال عن ممارسات النصرة الإرهابية في لبنان بعد تبنيها لسلسلة من التفجيرات تساءل الحلبي” هل فعلاً الدولة اللبنانية نأت بنفسها علن الصراع السوري وأضاف ” القلمون والقصير محتلة من قبل عناصر لبنانية مسلحة وبشكل علني لذا الدولة اللبنانية لا يحق لها أن تشكو بما أن حدودها مفتوحة وذلك أن حق الدفاع عن النفس مشروع “.
وفي العودة إلى ملف العسكريين يقول الحلبي “راهبات معلولة اللواتي كن معتقلات لدى أبو مالك التلي بعد الإفراج عنهن لم يسئن للنصرة مما أدّى إلى اتهامهم من قبل السوريين الموالين للنظام بالخيانة”. وتابع أن “إتهام العسكريين هو ظلم لان عقيدة النصرة تقول بمعاملة الأسرى بطريقة جيدة”. متسائلاً هل يا ترى يتم معاملة السوريين بالسجون اللبنانية بنفس الطريقة؟”.
كما اعتبر الحلبي أن “النصرة تحاول توجيه رسالة ايجابية إلى مجلس الأمن الدولي إلّا ذلك لا يتم طالما النصرة مرتبطة بتنظيم القاعدة ذلك أن الأخير مصنف دوليا بتنظيم إرهابي”.
وقد ختم الحلبي أن “المجتمع السوري غير معاد للنصرة على خلاف داعش، وهذه حقيقة، فالرؤية بينهما تختلف وقد سقط المئات من القتلى في معارك دموية بين الطرفين بسبب هذا خلافاتهما الجوهرية”.
