عبدالرحيم مراد… نحو السعودية؟

منذ إعلانه تأييد تدخل المملكة العربية السعودية العسكري في اليمن، وما ترددّ قبل أيام من زيارة له الى الرياض، بدا للبعض وكأن النائب والوزير السابق عبدالرحيم مراد، يحاول أن يسلك طريقاً آخر لا يشبه ذاك الذي سار عليه الرجل منذ قرابة عقدين من الزمن.

رسم “بو حسين” من خلال تصريحه الشهير لصحفية “الحياة” مطلع شهر أبريل نيسان الماضي، ملامح مرحلة جديدة في مشواره السياسي، بعيداً عن التبعية العمياء لحلفائه في قوى الثامن من آذار والنظام السوري.

اقرأ أيضاً: لهذا السبب سنّة حزب الله خانوه ودعموا «عاصفة الحزم»

ولعل ما يترجم الكثير من بوادر هذا التحوّل على ما يذهب إليه متابعون، هو ما كشفته صحيفة “الجمهورية” الأسبوع الماضي، بشأن زيارة مراد للمملكة، ولقائه مؤخراً عدداً من المسؤولين (كبار جداً) بحسب ما ورد في خبر الصحيفة.

قد يرى البعض أن رئيس حزب الاتحاد أخذ ولو متأخراً، بنصيحة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ونستون تشرشل، الذي قال يوماً “في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم، وإنما هناك مصالح دائمة”، ولكن من يتابع مسيرة الرجل طوال السنوات العشر الماضية، يدرك أن تغيير موقفه وانتقاله من ضفة إلى أخرى ليس بالأمر البسيط على الإطلاق.

دفع “بو حسين” (كما يناديه أنصاره)، ولا يزال أثماناً باهظة، نتيجة تمسكه وتشبثه بمواقفه وخياراته السياسية، التي لا تحتمل الرمادية أو التأويل.

سار وزير التربية والدفاع الأسبق، عكس تيار الشارع السنّي في الكثير من المحطات، ليس آخرها زلزال اغتيال رفيق الحريري

يوم قرر الوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد المتهم بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، على اعتبار أن المستهدف من الجريمة هي سوريا “قلب العروبة النابض”.

عبد الرحيم مراد

خسر الرجل “العروبي حتى الثمالة” في العام 2005 معركة رئاسة الحكومة أمام منافسه نجيب ميقاتي، قبل أن يعود ويخسر في العام نفسه عضويته في البرلمان، وهو الذي لم يغب عن ساحة النجمة منذ دخوله إليها أول مرة في العام 1992.

بالطبع، لم يكن سهلاً على “البقاعي العنيد”، أن يخسر معركتين نيابيتين في العامين 2005 و2009، أمام شخوص صورية حديثة العهد في العمل السياسي. لم يكن سهلاً عليه أن يخسر نزالاً من دون أن يواجه خصماً أو منافساً حقيقا لا يختبئ خلف صورة وتاريخ ودم رفيق الحريري.

ورغم عدم وجود أي شخصية قادرة على مقارعة أو تغييب عبدالرحيم مراد عن المشهد، قرّر الرجل بملء إرادته أن يتجرّع كأس السم أكثر من مرة، في وقت كان باستطاعته أن يغيّر هذا الواقع بمناورة سياسية بعيداً عن الاصطفافات الحادة مع هذا الفريق أو ذاك.

وعليه، فإن زيارة “حليف دمشق” للرياض، ترسم العديد من علامات الاستفهام حول توقيتها ومضمونها وأهدافها، لاسيما وأن المرحلة الحالية لا تحتمل المجازفة في ظل الحرب الضروس بين محوري الرياض وطهران وما بينهما، والتي تنبئ بأن القادم سيكون أسوأ.

في هذا السياق، ثمة رواية “غير مؤكدة” يتناقلها البقاعيون، مفادها أن “بو حسين” لا يتودّد للسعودية في هذه اللحظة الحرجة والمفصلية طمعاً بلعب دور سياسي في المستقبل القريب والبعيد، وهو الواثق على ما يقول أنصاره من العودة إلى ساحة النجمة بمجرد حصول الانتخابات، وإنما خوفاً على مؤسساته (مؤسسات الغد الأفضل الغنية عن التعريف)، التي تضم العديد من المدارس والجامعات ودور الرعاية الاجتماعية وغيرها.

الرواية نفسها، تقول إن انشقاقاً حصل قبل فترة ليست قصيرة داخل حزب الاتحاد، قاده أحد أبرز المقربين من الوزير السابق. وبحسب ما تزعم الرواية، فإن الرجل (المنشق) على دراية تامة بملفات وخبايا المؤسسات المذكورة والتابعة لوقف النهضة الخيرية الإسلامية في البقاع، وهو يسعى بمساعدة مستترة من تيار المستقبل لوضع اليد عليها، ما دفع مراد لزيارة المملكة على أمل تسوية هذا الملف بأقل الأضرار وقبل فوات الأوان.

بيد أن اللعبة التي يلعبها “المستقبل” والمتحالفون معه (طبعاً في حال صحت الرواية)، تنطوي على نتائج خطيرة وكارثية ستطال تداعياتها آلاف الطلاب ومئات الموظفين والأسر والأيتام والمسنين، الذين سيصبحون بلا عمل وبلا مأوى في حال طرقت التجاذبات السياسية أبواب هذه المؤسسات العريقة.

اقرأ أيضاً: هكذا نفهم «خبيصة» الأحلاف الإقليمية والمحلية الجديدة

ربما كان الأجدر بالتيار الأزرق أن يبادر بحسب ما يرى خصومه إلى إنشاء مدارسه وملاعبه وجامعاته ومستشفياته الخاصة لتقديم الخدمات للبقاعيين، لا أن يعتمد أساليب كيدية وملتوية للسيطرة على مؤسسات لم يبن فيها حجراً واحداً.
على أي حال، ستبقى زيارة “بو حسين” للمملكة رهن التحليلات والتأويلات إلى أن تتضح الصورة النهائية، وحتى ذلك الحين لاشك أن الشارع السنّي يأمل بأن تكون خطوة أولى نحو مستقبل أفضل، يحقق المصالحة المستعصية بين الحريري ومراد ومختلف أبناء البيت الذي يكاد ينهار فوق رؤوس الجميع !

السابق
منى أبو حمزة لجنبلاط: «الله يقطع نصيب يلي قطع نصيبي»!
التالي
الدرك وحزب الله في مواكبة ميريام كلينك في الضاحية!‏