لأنه ليس للمستكبر شريك.. نصرالله يقول «مع السلامة»!

ورد تعبير المستكبرين ثمانٍ وأربعين مرّة في عدة آيات من القرآن الكريم، وكلها كانت في مجال الإستنكار والذم.

بالمختصر فإن المستكبر هو من يعيش في وهم السمو عن الآخرين فيصبح اسير غروره واعتداده بذاته مما يدفعه إلى الإستخفاف بالآخرين وافتراض سيطرته عليهم لضعفهم أو قصورهم عنه. ويفترض المستكبر بأن صفاته الأسطورية عليها أن تدفع الجميع إلى التسليم له من دون شك أو مساءلة تخدش من قدسيته. في الوقت عينه يعتبر المستكبر نفسه في حل من القيود الإنسانية من قيم وعهود وحق، فيجيز لنفسه القتل والإعتداء وخرق الحرمات لمجرد أنه قادر على ذلك من دون حساب.

في التعبير العلمي النفسي، هذه الصفات تنطبق على عوارض مشتركة بين شخصيات ثلاث هي «النرجسي الخبيث» و«عدو المجتمع» و«مجنون العظمة».

الإمام الخميني افترض لنفسه، في اجتهاد فقهي متوارث على مدى أكثر من ستة قرون، بأنه وكيل المهدي في غيبته الكبرى، ولكنه أيضاً اعتبر أن سلطته تساوي، حسب قوله، سلطة النبي محمد (صلعم) مع حل من التطبيق الكامل لأركان الإسلام! فشرع لنفسه سنة ، بعد خلاف قصير مع رئيس جمهورية إيران وخليفته في المرشدية علي خامنئي، بأن يوقف العمل بمبدأ الصلاة والصيام والزكاة والحج متى كان ذلك ضرورياً.

أما بعد أن ثبت الخميني رجله في السلطة، فقد انقلب بشكل صاعق على كل الحلفاء الذين تعاونوا معه في الثورة على الشاه من يساريين ومدنيين وديموقراطيين، فهرب من كان عمره طويلا، وعلق الباقون على المشانق.

وبعد كل ذلك يعلن الثورة على الإستكبار؟!

أما عن جنود ولاية الفقيه في لبنان، فقد تحولوا أيضاً «أسياداً في ولاية الفقيه»، يعني أن حسن نصر الله قام بترقية نفسه من جندي إلى سيد، ولكن من دون تحديد للرتبة العسكرية، ربما لضمان السرية خاصة في ظل الأعداد المتنامية للقتلى من ضباط الحرس الثوري في سوريا.

مسألة الإستكبار يبدو أنها العنصر الجامع لسادة ولاية الفقيه ومن ضمنهم طبعاً حسن نصر الله وفرقته. عندما يخاطب جماعته يقول عنهم أشرف الناس وأعز الناس، يعني أن معيار الشرف والعزة هو أن يكون المرء من جماعته.

لا بأس، في الحلف الرباعي الذي تفضل علينا به سنة كان بكل صراحة يعتبرنا مجرد لعبة مؤقتة لن يلبث أن ينقلب عليها عند الظروف المناسبة. ولكنه لم يتورع عن التهديد بقطع الأيدي والرؤوس ونزع الأرواح لمن تسول له نفسه بفرض حكم الشرعية في لبنان ونزع سلاح «المقاومة» المتمثلة حصراً بأسياد الولي الفقيه.

عشية حرب وعد بتسهيل إنشاء المحكمة الدولية بخصوص اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ووعد بصيف هادئ للبنان، ومن بعدها نقض الوعد وحنث العهد.

في خطابات متعددة أعلن نصر الله أنه قادر على حكم بلد أكبر بمئة مرة من لبنان ولكنه يأبى حكمه «تعففاً».

عندما رأى نصر الله ضرورة تأديب المعارضين لجأ إلى البلطجة في السابع من أيار وفي القمصان السود، ودفع حليفاً له ليعلن الإنقلاب على الحكومة سنة .

لم يستح بعدها، وفي حركة مغرقة في الإستكبار، أعلن من على منبره أنه عرض رئاسة الوزراء على الرئيس المرحوم عمر كرامي لكنه «مريض» وغير قادر على حملها، فمنحها للرئيس نجيب ميقاتي، فقبلها فوراً.

من بعدها فالقصة معروفة، دخل حسن نصر الله أتون الحرب في سوريا من باب الإستكبار ودعماً لمستكبر صغير آخر اسمه بشار الأسد، وما زالت العزة تأخذه بالإثم رغم مئات الجثث التي تعود لجماعته فيعلن هو، وبرعاية الولي الفقيه، أنه يسلمهم مفاتيح الجنة، فهل هناك استكبار أكثر من ذلك؟

اليوم لم أستغرب كلامه المستخف والممعن في الغي في خطابات عاشوراء، فالمناسبة لشد العصب ولتشجيع جماعته على المزيد من الموت.

تذكرني هذه الصورة بزعيم ألمانيا النازية وهو يستعرض أفواج الصبيان بعد أن نفد الرجال، في آخر الحرب العالمية الثانية، يشجعهم على الموت، وربما يوزع عليهم ، هو أيضا، مفاتيح الجنة النازية!

حلقة الجنون المستكبر لا تزال تدور وفي الوقت الذي نسعى نحن بكل واقعية وتواضع للتفاهم مع شريك يعلن نصر الله مستكبراً أن لا شريك له.

(المستقبل)

السابق
عريف في قوى الأمن جثة على شرفة منزله الزحلاوي
التالي
توقيف شاحنة نفايات في كفرحزير الكورة