رسالة إلى ثوار سوريا

هاني فحص

بحماس كلي وغير متردد لما أسميناه ربيعاً عربياً، ونتمنى أن يكون ربيعاً مزهراً ينتهي بصيف مثمر، بعد أن يسلم من آثار الرياح السموم والخماسين التي تهبّ في الربيع، ومن دون اعتراض على الذين تظاهروا في بلاد عربية عديدة، والذين لا يزالون يتظاهرون في بلاد عدة، معترضين على الفساد والاستبداد، مطالبين بالحرية والعدالة والدولة الحاضنة الجامعة، يهم أهل الاعتدال والوسطية والواقعية أن يفصحوا عن قناعتهم بأن النظام العربي سيء وقاس ومقصّر، ولكن المتطرفين من السلفيين والمتعصبين الفالتين قد يكونون أسوأ وأشد خطورة وأخطر على الدولة والمجتمع والسلطة والوطن والمواطن والأحوال والأرواح والدين والدنيا والسلف والخلف والطائفة والمذهب والخبز والحرية والعلم والعمل.

اقرأ أيضاً: مسؤوليتي عن خياراتي

وإن السلفية الفكرية لا تلبث أو قد تتحول إلى سلفية ميليشياوية وعنيفة وإرهابية، بمجرد أن تتمكن من السلاح أو الإمساك بالسلطة، وحدها أو مع غلبتها فيها، وأن هذا التعدد الاثني والديني والمذهبي: الشيعي الإمامي، والسني الحنبلي والحنفي والشافعي والظاهري والمالكي والزيدي والمعتزلي والأشعري والدرزي والعلوي والإسماعيلي والكردي والتركماني والأمازيغي والأرمني والأشوري والكلداني والايزيدي والصابئي والعربي والتركي والعجمي والكاثوليكي والإنجيلي والقبطي والرومي الارثوذكسي والرومي الملكي والماروني والجزويتي واللاتيتي والسبتي واليعقوبي والنسطوري والسرياني الخ….
هذا التعدد كان وما زال منذ قديم الزمان، وكان الفقهاء والعلماء والدعاة والرهبان والكهنة والمطارنة والبطاركة يحيطونه بالرعاية والاحترام، ويعيدونه إلى نصابه وسلامه، كلما حاول فرد أو مجموعة متطرفة او سلطان فاسق ومستبد وجاهل ومنافق أو عدو مستعمر أن يفرق الصفوف ويؤسس الكتل والمذابح.

الثورة السورية
وأن المخاطر هذه المرة شديدة، وعلى الجميع ومن دون استثناء والأصولية السلفية الإسلامية والمسيحية، العنصرية والمذهبية وحتى العلمانية كلها جاهزة لأن تعيد بلادنا إلى نقطة الصفر حضارياً وإنسانياً، وأن تدفع باجيالنا الشابة والآتية دفعاً إلى الداء للدين والتنصل منه، لأن تدمير مستقبلها قد تم تحت يافطاته المزيفة.
ولا شك في ان الجماعات الإرهابية أو المتطرفة أو الغارقة في مذهبيتها سوف تلقى المصير نفسه الذي لقيته الأحزاب المغلقة والمسكونة بالأوهام المريضة من فرار الأجيال منها، بعدما تكون فتكت بكل شيء وحوّلت أتباعها إلى وقود للحروب العبثية المدمرة.

اقرأ أيضاً: المقاومة والإرهاب

هذا كلام نقوله للجميع ونخص به ثوار سوريا، حيث سوف يكون النجاح أعظم كما سوف يكون الفشل اوجع. ونتمنى أن يوسعوا صدورهم وأحضانهم وعيونهم حتى لا يغلب النبات الطفيلي على زروع الشهداء والمناضلين والمنتظرين للفرج.

السابق
هل تصبح الفنانة أحلام داعية إسلامية؟
التالي
فايننشال تايمز: أوروبا مذعورة من اللاجئين على حدودها