تكثر حوادث التحرّش في يومنا هذا، ان كان تحرّش بالأطفال أو بالنساء أو حتّى بالرجال. نعم التدهور الأخلاقي وصل إلى هذا فأصبحنا كل يوم نستمع إلى حوادث وقصص غريبة من نوعها لا يمكن أن يتصورها العقل. وقد سردت النهار قصّة شبان لبنانيان تعرضا إلى تحرش جنسي من أبناء جنسهم وهذه القصّة كما جاءت في جريدة النهار:
تتحكّم العفويّة في تصرّفات كثيرين على الرغم من أخطار معروفة متربّصة، قد تكون براءة مفرطة أو ربّما سذاجة تودي إلى نتائج لا تحمد عقباها أو تتحوّل درساً لا ينسى. يعاني المجتمع اللبناني تدهوراً على كل المستويات، السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة وصولاً إلى الأخلاقيّة والتربويّة والثقافيّة، نتيجة عوامل كثيرة محيطة وبحكم الانفتاح على المجتمعات الأخرى. ما حصل مع جاد ورامي، حدث مع كثيرين غيرهم. قلّة تتكلّم فتكون عبرة، وغالبية تصمت تحفّظاً!
إقرأ أيضاً: بالفيديو:تحرّش بها يومياً فضربته في المخفر
التحرّش يطال رامي وجاد
وبحسب النهار، جاد كما غيره من الشباب اللبناني يعمل ويدرس في الوقت نفسه، كان ينتظر مرور الباص على أوتوستراد المعاملتين ليقله إلى جامعته، تأخّر على الصفّ فركب سيّارة توقف له سائقها. لجأ جاد إلى الـauto stop، ولكن ما حصل معه جعله يندم، وروى لـ”النهار”: “انتظرت كثيراً ولم يمرّ أي باص، فتأخرت واضطررت لركوب السيّارة الأولى التي توقفت لي. كان السائق الكبير في السنّ مهندساً كما يشير الملصق الموضوع على السيّارة، وثقت بمركزه ولم أفكّر للحظة أنّني أرافق متحرّشاً. بدأنا الحديث في العموميّات قبل أن تسول له نفسه وضع يده على عضوي التناسلي. صدمت بداية وكانت ردّة فعلي عنيفة، نزعت يده بالقوّة ولكمته صارخاً به ليتوقّف، وخرجت من السيّارة مسرّعاً”.
وفي حادثة مشابهة وقعت مع شاب آخر يدعى رامي، الذي كان في طرابلس وتأخّر في العودة إلى البترون، حلّ الظلام وبات إمكان عثوره على سيّارة أجرة صعباً، فركب السيّارة الأولى التي توقفت له، ويقول لـ”النهار”: “توقفت لي سيّارة يقودها شابٌ في مقتبل العمر، وهي ليست المرّة الأولى التي استقلّ بها auto stop. ركبت معه من دون أن أصل إلى البترون، استوقفته في أميون وانتظرت مرور باص لأكمل طريقي. بدأ يحدثني ودخل في الخصوصيّات وأخبرني بأنه يعمل في مجال الحلاقة النسائيّة ويعرف الكثير من الفتيات الجميلات ولكنهن لا يستهوينه، بل يفضّل إقامة العلاقات مع الرجال، عارضاً عليّ الخضوع لجلسات تكبير العضو الذكري تنتهي بممارسة الجنس. كانت ردّة فعلي هادئة، أخبرته أنني لست مهتمّاً بعرضه وطلبت منه إنزالي فوراً”.
خلل قانوني ووفقًا للقانون ،ففي التعريف، لا يمكن اعتبار التحرش الجنسي غزلاً أو تودداً، بل هو عمليّة ابتزاز واحتقار تطاول كرامة من يتعرّض له، امرأة كانت أو رجلاً، وهو جرم يُفترض أن تعاقب عليه القوانين.
يعاني القانون اللبناني خللاً واضحاً لناحية عدم وجود عقوبات صارمة تحظر التحرّش اللفظي الذي يُدرج اجتماعياً في خانة الغزل، والتحرّش الجنسي الذي لا يؤخذ في الاعتبار إلّا في حال وصوله إلى حدّ الاغتصاب، مع إلزاميّة وجود دليل حسي وملموس، غالباً ما يفتقر إليه المدّعي، لأن أغلب حالات التحرّش تحصل في أماكن مغلقة.
وتنصّ المادة 519 من قانون العقوبات على أن “من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره، أو فرداً له من العمر خمسة عشرة عاماً أو أكثر، دون رضاهما، عوقب بالسجن مدّة لا تتجاوز الستة أشهر”.
إقرأ أيضاً: بالفيديو: تحرش جماعي في منتزهات جدة
مسؤوليّة مشتركة
ومن جهتها قدمت “النهار” الحادثة من منظور علم النفس إذ جاء ” لا تجد المعالجة النفسيّة زينة زيربيه في حديثها لـ”النهار” أن الحادثة تؤشّر إلى وجود ضحية وجانٍ، وتقول: “المسؤوليّة مشتركة خصوصاً أن فعل الراكب لا ينمّ عن نضوج، وقد يكون نتيجة سذاجة مفرطة منه أو نظرة بريئة إلى الحياة، في ظلّ ما نسمعه من حوادث أمنيّة يوميّة. لقد ركب السيّارة بملئ إرادته وأدخل نفسه في وضع مجهول قد يشكّل خطراً عليه. أمّا سائق السيّارة فلا شكّ أنه أراد إقامة علاقة عاطفيّة سريعة وعابرة، ولا شكّ أن قبول الآخر بالركوب معه كوّن لديه فكرة بإمكان قبوله العرض، وتالياً لا يمكن اعتبار أن فعله ناجم عن تخطيط مسبق الهدف منه اصطياد الناس بل هو عفويّ بحت، ولا يؤشّر ما إذا كان الشخص منحرفاً أم أنه توقّع إمكان قبول الآخر بعرضه”.
أمّا عن ردود الفعل الدفاعيّة عن النفس فتقول زيربيه: “كلّ شخص لديه ردّة فعل مختلفة عن الآخر مرتبطة بشخصيّته التي تكوّنت جرّاء عوامل وتجارب عاشها منذ طفولته. وهذه الردود تتفاوت بين القبول والتجاوب، أو الصراخ، أو الخوف والسكوت. لكن الأكيد أن مقاومة هذه التجربة بشتى الأشكال يندرج ضمن الوقاية من التحرّش وحماية الذات”.
من هي الدولة العربية الوحيدة التي تصدرت لائحة مستخدمي المواقع الإباحية!
المصدر: صحيفة النهار اللبنانية
