الحراك يلزمه مبدعون….

طلعت ريحتكم
التغيير يلزمه وهج فرد وهو لن يحصل بالإستماع إلى الخوارق وضجيج الجمع، وحدهم الأفراد المبدعين قادرين على صياغة الحضارة وهم وحدهم عليهم واجب تحطيم توترات الجماعة والحلول مكانها.

إجهاد النفس بالبحث عن من هم وراء التحركات أو السؤال عن الجهة التي تمولهم والفئة المستهدفة من وراء تحركهم، أو محاولة الإيحاء بوجود مؤامرة كونية تهدد كيان هذا و تدعم وجود ذاك، فيه مضيعة للوقت لن تقدم في الأمر شيئا وإن هي أخّرته لبعض الوقت. تلك هي وسائل المتناحرين يستخدمونها في حربهم ضد بعض، منهم دفاعاً عن مكتساباته والآخر طمعاً بالحصول عليها أو امتلاكها وهم لأجلها يحشدون أنصارهم لينصروهم عن وعي حيناً وعن عاطفة عمياء لاوعية في كثير من الأحيان. وفي كلتي الحالتين فإنك حقيقة لن تجد من هو حر بينهم.

إقرأ أيضاً: الحَراك المدني يواجه السلطة وإعلامها

“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” وعليه و قياساً على الحديث شريف، فإن أي كان لن يكون بمقدوره تغيير رأي الناس أو طريقة تفكيرهم. ولا أن يقف في وجه خياراتهم إن هم عن ذلك أعرضوا أو أرادوا حتى وإن إستخدموا المفردات والمصطلحات والمعاني وألحقوها ودعموها بالوحي والإيحاء بأنها قضاء وتنزيل ونهوا عنها بالتهويل والقصاص والجزاء المبين، عبدة الأسطورة وعشاق الرواية هؤلاء أموات وإن أحياء يبحثون عن الموت والاموات يعشقونهم. سجودهم الفكري وإيمانهم الوهمي لن يقف في وجه من قرروا التحرك والتحرر لتنظيف كبرى مخازن مقابر الأفكار المغبرة المنسية.

طلعت ريحتكم

التحرك سواء كنت معه أو ضده يشكل بداية من بدايات تحقيق غاية يصبّوا اليه الكثير ممن في هذا الوطن بل ويتمنون الوصول إليها، وهي و إن سقطت وهو ما سيحصل لأنك ببساطة تعيش في بلد يعشق القديم و يقدّسه. أما من ارتضى الإنتظار وطالب بتمديد الوقت كان من المعطلين والمعرقلين إذ أنهم يواجهون خصماً عنيداً يفوقهم قوّة وهو ما سيسمح له بتسجيل المزيد و المزيد من الأهداف.

نحن لسنا بحاجة اليوم إلا إلى أفذاذ أذكياء كالذين فقدناهم، ولكننا لسنا بحاجة إلى الوقوف على أطلالهم أو الصلاة والتحصر على أيامهم و إلاّ كنا أرواح تبحث عن من يسعفها من الأموات، لسنا بحاجة إلى أن نتناقل حديثهم ولا الدخول في علم حولها لا نعلم بدايته ولا حتى أين تخلص، أو تحط نهايته وأجزم أننا لن نصل إلى الصحيح والضعيف إلا لنتمسك بالنقل وبأصحاب التفسير والرواة فنمجد حافظاً، ونرفع من شأن محدث وننسى العقل ومهامه والطباع وإبداعاتها والحواس وتفسيراتها التي لن يأتينا منها ولا يأتينا منها مهما كانت صفاتها أو تسمياتها إلا إحترام الإرادة والمصلحة الشخصية ووحدهم الغير منفعلين لا يحتاجونها.

إقرأ أيضاً: يسقط الشعب.. لتحيا الشبيحة

بإختصار التغيير يلزمه وهج فرد وهو لن يحصل بالإستماع إلى الخوارق وضجيج الجمع، وحدهم الأفراد المبدعون قادرون على صياغة الحضارة وهم وحدهم عليهم واجب تحطيم توترات الجماعة والحلول مكانها، ذلك أن الجماعة بإمكانها أنجاز عمل مادي ولكنها لن تستطيع ورغم كثرتها أن تكتشف نظرية أو أن تخلق مذهبا. هي بالكاد تكون مصدر وحي لشاعر أو كاتب يسطر عنها ملحمة يلون بها عيون الفرد.

السابق
شفاه إليسا تظهر المستور!
التالي
العلامة محمد حسين الحاج: لتحقيق مطالب المواطنين من الإستقرار ورفع الحرمان