أليس الطفل «أيلان» جارا لايران !

كيف استخدمت ايران فائض قوتها في امتلاك القدرات النووية؟ وهل تفعل ايران كما قال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في مقالته "الجارثم الدار" ؟

لم يغب عن تصريحات المسؤولين الايرانيين مصطلح “الاغراض الانسانية” للمشروع النووي وحقهم بامتلاك المعرفة النووية، والسعي لتكون إيران عضواً في النادي النووي الدولي مع خطاب يقدم مشروعها كحليف للمضطهدين في العالم وكنصير الشعوب المقهورة.

 
استفاق العالم الغربي والصحافة العالمية على اعداد المهاجرين السوريين المتكدّسة على حدود العديد منها وعلى تفاصيل المأساة التي يعيشونها، حيث قضى منهم من قضى غرقاً او جوعاً، وليس اخرهم الطفل آيلان، فهل تعتبر ايران الطفل “ايلان” جارا لها؟

 
ان التغريبة السورية ليست وحيدة في التاريخ البشري، فهي تنضمّ الى مسلسل ضحايا الاستعمار الذي يمتد عميقاً في التاريخ،من اميركا وحربها على السكان الاصليين الهنود الحمر إلى الاسرائيليين واحتلالهم لفلسطين، وصولاً الى المشروع الايراني الذي حمل سمات وأدوات الاستعمار.

 
لم يكن الاستعمار سوى سلوكا طبيعيّا للمشاريع التوسعية للدول التي تمتلك القدرات والامكانات للقيام بهذا التوسع، ودائماً كانت هذه المشاريع تشكل في بيئتها الحاضنة وجمهورها هوية عقائدية او وطنية . التجربة الاميركية مع الهنود الحمر اخذت تسميه ” Manifest Destiny” التي تتحدّث عن قدر اميركا ان تكون من الساحل الى الساحل في القاره الاميركية، والتي انتجت سياسة اقتلاع السكان الاصليين من خلال حروبها التي زادت عن 40 حربا تحت سلطه الحكومة الاميركية، ذهب ضحيتها 30 الف من الهنود الحمر وأخذت الاراضي اما اكراهاً او بمعاهدات المقايضة لصالح توطين اوروبيين مهاجرين الى القارة الاميركية.

 
في فلسطين، يستمر منذ 60 عاماً مخطط لاحتلال واستعمار أراضي الفلسطينيين، وليست القدس القديمة اخر الدلائل على هذا المشروع في يوميات يعيشها الفلسطينيون تدفعهم الى الخروج من بيوتهم وارضهم في مخطط تغيير ديموغرافي ممنهج يخدم اسطورة دوله اسرائيل الدينية والعقائدية.

 
اما سوريا اليوم، فتعاني من دمار وتهجير فئة طائفية من الشعب السوري، وهم السنّة تحديداً، حيث يبلغ عدد السنّه 74% من الشعب السوري(23 مليون ) والارقام التقديرية الموثقة للمهجرين واللاجئين في الداخل السوري 6 ملايين نسمة، وخارج سوريا بلغ 3 ملايين هجروا من اكثر المناطق تضرراً ودماراً في حمص وحلب والقصير ودرعا ودير الزور وضواحي الشام ، وتحديدا المناطق الريفية في حمص وحلب وادلب وحماه ودرعا، اي ان التغيير الديموغرافي استهدف بالدرجة الاولى الأكثرية السكانية من العرب السنة ومراكزها العمرانية الكبرى، ولم تقتصر المسألة على مجريات الحرب الدائرة ونتائجها من دمار وخطر على حياة المواطنين انما تعداه الى تشريعات قانونية في ظل هذه الحرب. ففي 19 من ديسمبر 2012 صدر مرسوم تشريعي رقم 66 قضى بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق وكان الواضح أن خطط الهدم طالت الأحياء الثائرة في جنوب دمشق.

 
وبحسب تقرير منظمه “نامه شام” أن عمليات الهدم في منطقة المزّة في دمشق هو استمرار لمخطط قديم يهدف لخلق “منطقة نفوذ إيراني” في جنوب دمشق تشبه الضاحية الجنوبية لبيروت. ومن الواضح أن الخطة سُرّعت بسبب الحرب أو تحت غطائها. كما يبدو أن السفارة الإيرانية في دمشق تلعب دوراً محورياً في هذه الخطة.
في تقرير اخر لقناة “الجزيرة” عن التغيير الديموغرافي الممنهج في سوريا الذي تعرضت له 9 أحياء في حمص ومخيم النازحين في درعا وريف السلمية، معلومات تحدثت عن منح 40 ألف شخص الجنسية السورية ومعظمهم من أتباع المليشيات العسكرية اللبنانية والعراقية التي تقاتل إلى جانب النظام وتركز توطين عدد كبير منهم في محافظة السويداء، أخطر وأوضح عمليات التغيير الديموغرافي حصل في حمص المدينة وريفها وتحديدا في القصير حيث تم تهجير أكثر من 200 ألف شخص من سكان المدينة، وتجدر الإشارة إلى تدمير وثائق العقارات في حمص، علما أن الحكومة لا تمتلك نسخا إلكترونية منها، وبالتالي لا يوجد الآن أي وثيقة أو قرينة في حال عودة المهجرين ليثبت حقه في بيته أو أملاكه.

 
كل ذلك يحدث تحت وقع البراميل المتفجرة وتموضعات”حزب الله” المدعوم ايرانياً، والذي لا يخفي انتماءه لمشروع ايران التوسعي، فهو جزء من الحرس الثوري الايراني باعتراف امينه العام مع المساهمة العملية للحرس الثوري الايراني وقائده قاسم سليماني ومليشيات الحشد الشعبي العراقية التي تشكل جميعها الى جانب جيش النظام السوري الاداة العسكرية للمشروع الايراني.

 
تكتمل المواصفات الاستعمارية في المشروع التوسعي الايراني وما ناله “جيرانها” من هذا المشروع دليل ساطع، وليس اكثر من معاناة المهجرين السوريين من دلالة على بشاعة هذا الفكر التوسعي وانتمائه الى فصيله المستعمرين المتسلسلة، وليس الحديث عن مشروع ايران النووي ذي الاهداف الانسانية سوى اكذوبة لن تنطلي على من يرى نتائج فائض القوّه النووي “الانساني” بما يجري عند “جيرانها”، سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين والكويت وغيرهم.
بالعودة الى “الجار ثم الدار”، فليجب ظريف وزير خارجيه الجمهورية الاسلامية الايرانية على الآية الكريمة التي تقول :”لمَ تقولون ما لا تفعلون”…

السابق
موقع جنوبية من المواقع المحظورة…في ايران!
التالي
ايران للسعودية: کفوا عن السياسات التي تشعل المنطقة…