لم يعد لدى عون ما يخسره؟

طارق ترشيشي

ويقول قطب سياسي أن هذه المرحلة الجديدة ستتصاعد خلالها المواجهات السياسيّة بين الأفرقاء السياسيين على مستويات عدة من دون تعريض الإستقرار الامني لأي اهتزاز نظرا الى الحماية الاقليمية والدولية التي يحظى بها.

ويتوقع هذا القطب أن يأخذ التحرّك الذي اطلقه رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون مداه بدعم حلفائه، فالرجل الذي يعتبر نفسه الأكثر تمثيلاً على المستوى المسيحي لديه مطالب وحقوق يرى ان على الآخرين ان يعترفوا له بها، ولكن هؤلاء يرفضونها ويريدون منه فكّ تحالفه مع حزب الله وتغيير موقفه من الازمة السورية قبل البحث معه في أي حق او مطلب، ولكنه يرفض ذلك ويتمسك بهذا التحالف، وفي المقابل فان حليفه «الحزب» لا يمكنه الا ان يقف معه ويدعم مطالبه، خصوصا انه يلمس أن ما يطرحه يتجاوز الشخصي الى الوطني، خصوصا عندما يقول ان الوحدة الوطنية عنده هي اهم من تبوء سدة رئاسة الجمهورية.

وفي رأي هذا القطب ان مشكلة عون الاساسية هي مع تيار «المستقبل» الذي قرر اخيراً التصعيد والمواجهة ضده و»نكث» بـ»اتفاق بيت الوسط» على تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش مقابل تعيين رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي مشترطاً للعودة الى هذا الإتفاق ان يتخلى عون عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية. لكن عون إعتبر ان هذا «النكوث» يدل على ان «المستقبل» يريد أن ينتقص من حقوقه بما يمثل من كتلة مسيحية كبرى.

ولذلك، يضيف القطب، كانت ردة فعل عون مباشرة وعبر وزرائه ان تمسك بضرورة تعيين روكز قائدا للجيش، الامر الذي عطّل جلسات مجلس الوزراء لثلاثة اسابيع، وعندما اجتمع المجلس في الاسبوع الماضي لم يبت بأمر التعيينات، حيث عاد رئيس الحكومة تمام سلام من «آلية التوافق» المتفق عليها سابقاً لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء الى ما ينص عليه الدستور من ان هذه القرارات تتخذ بالتوافق واذا تعذر ذلك فبالتصويت، وقد استند سلام في هذا الامر الى تأييد رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وجد ان لا مناص للخروج من التعطيل الحكومي إلا بالعودة الى «الكتاب» أي الدستور، رافضاً تعطيل الحكومة مثلما عُطِّل التشريع في مجلس النواب.

واذ لم تطرح التعيينات في الجلسة الاخيرة فقد كانت ردة فعل عون ان قرر التحرك في الشارع في وجه خصومه، واحتجاجا على ما سمي «هيمنة» رئيس الحكومة على صلاحيات مجلس الوزراء وصلاحيات رئاسة الجمهورية المناطة حالياً بهذا المجلس وكالة نتيجة الشغور في رئاسة الجمهورية.

ويشير سياسيون الى أن عون يدرك «أن الحكومة تشكّل حصن الحصون المتبقي لتيار «المستقبل» ويحرص على عدم سقوطه لئلا ينكشف «اتفاق الطائف» وما ناله منه من إمتيازات منذ العام 1992 وحتى الآن، قرر مواجهة هذه الحكومة في الشارع محاولاً جذب «المستقبل» الى جادة الاقرار بحجمه التمثيلي وما يترتب له من حقوق، تحت طائلة تطيير الحكومة، خصوصا انها تبدو في وضعها الحالي أشبه بحكومة تصريف اعمال، وان حصول أي استقالات وزارية ستجلعها فعلياً حكومة تصريف اعمال كونها تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة والتمثيلي السياسي فيها هو تمثيل ميثاقي اكثر منه عددي.

وفي رأي هؤلاء السياسيين ان المرحلة تحتاج الى تأمل في ما ستشهده من احداث قبل توقع ما ستؤول اليه فما قام به عون حتى الآن هو همروجة هي حتى الآن بمثابة صخب اعلامي، ولكنه سحب وجهة الحدث في البلد اليه بحيث لم يعد المسألة مسألة اجتماع مجلس الوزراء، وانما ماذا سيفعل عون، وقد تمكن الرجل من احداث استقطاب ملحوظ، فهو يعتبر أن الآخرين أخذوا منه رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وعطّلوا آلية التوافق على اتخاذ القرارات في الحكومة بطرح آلية التصويت بالنصف زائدا واحدا، ولذلك قرر المواجهة في الشارع لأنه يعتبر أنه لم يعد لديه أي شيء يخسره.

وفي ضوء هذه المعطيات تحرك حزب الله في وساطة في اتجاه رئيس الحكومة تهدف الى اقناع الجميع بالعودة الى اعتماد آلية التوافق في اتخاذ القرارت بغية تأمين انعقاد طبيعي لجلسات مجلس الوزراء وتجنب التعطيل، وتاليا الفراغ الحكومي، وهو ما سيثار في جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس، وسيكون ما ستنتهي اليه هذه الجلسة مؤشراً على ما سيكون عليه الوضع في قابل الايام.

(الجمهورية)

السابق
ريفي: لديهم طرحهم والدستور واضح فليخرجوا من حساباتهم الشخصية والوطن اكبر منا جميعا
التالي
فنيش: موقفنا واضح ولدينا موقف اساسي كمكونات في الحكومة حول ترتيب جدول الاعمال