شكراً حسن نصرالله

نجح المعترضون على مشاركة حزب الله في القتال في سورية وأدائه السياسي في الداخل اللبناني، في تفريغ شعار “شيعة السفارة” الذي عمّمه الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله من مضمونه. استخدام منسوب عالٍ من السخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جعل من هذا الشعار أقرب إلى المزحة السمجة، منه إلى التهديد الواضح، خصوصاً أن العديد من المتهمين من قبل “الجيش الإلكتروني” التابع لحزب الله، لا يعتبرون أن الخيار المذهبي هو الذي يُعبر عن هويتهم الفكرية. لكن هذا لا يلغي أن التهديد كان واضحاً، ويُمكن أن يكون قاتلاً.

 

الهجوم الذي شنه نصرالله، والذي يُعتبر اغتيالاً معنوياً، استُكمل بهجوم في إعلام الممانعة وفي المساحة المشتركة المتبقية للبنانيين، أي الإعلام الافتراضي. سُمي “الخونة” باسمهم، وطاولتهم الاتهامات على المستوى الشخصي وليس السياسي فقط. وصل “الغباء” بهذا الفريق إلى حدّ تعميم قصص خياليّة. بعض جمهور الممانعة، يُصدّق من دون أن يُدقق. تماماً كما يُصدّق أن حزب الله يخوض معركة مع “داعش” في سورية، وأن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، منارة في التقدميّة والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان ومحاربة الفساد وبناء الدولة، ومن دون شكّ محاربة الطائفيّة.

 

بعض هذا الجمهور، يكاد يُصدّق أن إيران دولة تعددية وذات حكم مدني، كما قال مرة أحد “المفكرين” عبر شاشة التلفزيون. بين سخرية “الضحية”، وجدية اتهام “الجلاد”، حقّق نصرالله وماكينته الإعلامية هدفاً في شباكهم الخاصة. فاتهام نصرالله وما تلاه، فتح الأفق أمام أفراد، صحافيين ومواطنين وناشطين سياسيين، عارضوا سياسة حزب الله في سورية، بشكل فردي. تواصل هؤلاء فيما بينهم بعد كلام نصرالله. التواصل لا يعني إنشاء حزب أو تيار أو ما إلى ذلك. كما أن اتهام نصرالله، كشف مدى الإرباك والتوتر الذي يعيشه الحزب، وهو ما أكّد صوابية خيارات هؤلاء المعارضين ــ الأفراد. أراد نصرالله ترهيب معارضيه، فشحذ هممهم، وقوّى من عزيمتهم. من المؤكّد، أنه لم يكن يتوقّع أن هؤلاء، ليسوا مرتزقة، بل مواطنون يحلمون بغدٍ أفضل لأولادهم ولأولاد مقاتلي حزب الله.

(العربي الجديد)

السابق
تعثر جنيف اليمني: 48 ساعة مصيرية للهدنة وللحل السياسي
التالي
وزيرالنقل من باريس: ايران بحاجة الى 400 طائرة مدنية