محضر مناقشات الوزراء.. ومضمون البيان الذي لم يصدر

جلسة الحكومة اللبنانية

كتبت صحيفة “اللواء” تقول : وصفت مصادر وزارية امتناع الوزراء الخمسة: جبران باسيل، الياس بو صعب، ريمون عريجي، محمّد فنيش وحسين الحاج حسن عن الموافقة على البيان الذي كان سيصدر عن مجلس الوزراء حول تجديد الثقة وتكليف الجيش اللبناني “باتخاذ ما يلزم من خطوات أو قرارات في ما خص الوضع في عرسال وجرودها، وتجديد التفويض الممنوح للجيش بأن تتخذ قيادته كل ما يلزم لحماية عرسال وأهلها من ضمن قرار يشمل كل الأراضي اللبنانية، ودرء خطر أي وجود مسلح غير شرعي أو أي احتلال اجنبي”، بأنه أكثر من ربط نزاع واقل من تفجير أزمة، عشية سفر الرئيس تمام سلام، يرافقه وفد وزاري في عداده وزير الخارجية والمغتربين باسيل، إلى المملكة العربية السعودية اليوم، حيث أكدت المصادر انه خلافاً للأجواء التي سبقت الجلسة، لم يشأ حلف حزب الله – ميشال عون ان يفوت على باسيل فرصة المشاركة في المحادثات اللبنانية – السعودية، لا سيما وانه مكلف باجراء الاتصالات مع فريق الرئيس سعد الحريري الذي يحرص التيار العوني على استثنائه من الحملات المبرمجة والمنهجية على قيادات تيّار المستقبل بالتضامن والتكافل مع “حزب الله”.

 
وعليه لخص البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء الموقف الرسمي بعبارات قليلة، من دون ان يُشير مباشرة إلى جدول الأعمال المتعلق بالوضع في عرسال والتعيينات في مركزي المدير العام لقوى الأمن الداخلي وقيادة الجيش، تضمنت الإشارة إلى ان “الوزراء أدلى كل منهم برأيه بصدد كل المواضيع المطروحة على بساط البحث”، مبيناً بصراحة موقفه الواضح منها، وقد استغرقت المناقشة المستفيضة للآراء وقتاً طويلاً، وتقرر بنتيجة انقضائه متابعتها في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل.

 
انطلاقاً من هذه النتيجة تكتسب المحادثات اللبنانية – السعودية اليوم وغداً، أهمية كبيرة، لا سيما استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس سلام والوفد الوزاري المرافق له والذي يضم أيضاً وزير الداخلية نهاد المشنوق المعني مباشرة بقضية التعيينات والذي أكّد انه سيتخذ القرار المناسب في جلسة مجلس الوزراء الخميس، أي في اللحظة الأخيرة، فإذا حدث اتفاق على تعيين مدير قوى الأمن الداخلي فلا مشكلة، وإلا فهو سيمدد بقرار وزاري للواء إبراهيم بصبوص للحؤول دون وقوع الفراغ، الأمر الذي يؤيده الرئيسان نبيه برّي وسلام والنائب وليد جنبلاط والكتلة الوزارية لكل من الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان، ضمن تفاهم على انه لا يجوز هزّ الاستقرار العام في البلاد الذي تضمنه حكومة الرئيس سلام.

 
وكشف أحد الوزراء الذي آثر عدم الكشف عن اسمه لـ”اللواء” ان مجلس الوزراء تجاوز جدياً في جلسة أمس قطوع التعطيل، لا سيما لجهة النقاشات التي دارت حول قضية عرسال التي كان يمكن ان تشكّل شرارة “لعين رمانة” جديدة على حدّ تعبير وزير الصحة وائل أبو فاعور.

 
لكن الوزير المذكور استدرك قائلاً “ان المشكلة ما تزال قائمة، وأن نتائج الاتصالات التي ستجري يومي الثلاثاء والاربعاء من شأنها ان تقررمنحى التصعيد العوني، في ظل عزم كل من الوزير المشنوق على التمديد للواء بصبوص وإعلان وزير الدفاع سمير مقبل الذي أعلن من دار مطرانية الروم الارثوذكس وبعد لقاء متروبوليت بيروت للطائفة المطران الياس عودة، انه بصفته الارثوذكسي فهو لا يخالف التهويل ولا التهديد، مستنداً إلى موقف الرئيس برّي في التمسك بموقفه المعلن منذ شهرين وهو الفصل بين تعيين مدير لقوى الأمن الداخلي وتعيين قائد الجيش.

 
وتقول المصادر كذلك، على ما يمكن ان يصدر عن القمة الروحية الإسلامية – الإسلامية التي ستعقد في دار الفتوى اليوم، والذي سيكون على جدول أعمالها موضوع عرسال، مشيرة إلى ان منحى البيان الذي سيصدر عن القمة، سيكون مؤشراً لامكان ان يرسم منحى بدوره لكيفية حل أزمة هذه البلدة، خصوصاً بعدما بدأت تأخذ طابعاً طائفياً.

 
مجلس الوزراء
إلى ذلك، أكدت المصادر الوزارية لـ”اللواء” ان النقاشات التي دارت داخل جلسة مجلس الوزراء أمس، أظهرت ان كل فريق لديه أولوية أو أجندة معينة يريد تنفيذها، في حين ان الموقف الأكثر سلبية هو ذلك الذي ابداه فريق “التيار الوطني الحر” نسبة إلى اصراره على بت ملف التعيينات، وسانده في ذلك وزيرا حزب الله حسين الحاج حسن ومحمّد فنيش ووزير “المردة” روني عريجي.

 
ولفتت إلى ان معظم المواقف التي عكسها الوزراء لم تتبدل منذ إثارة موضوعي عرسال والتعيينات الأمنية، والتي تركزت على الفصل بين الموضوعين.

 
وعلمت “اللواء” إنه لدى احتدام النقاش حول عرسال، طرح الرئيس سلام مشروع بيان يصدر عن مجلس الوزراء، كمخرج للنقاش، يجدد التفويض المعطى للجيش لاتخاذ الخطوات أو القرارات التي ترتئيها قيادته، لكن وزراء “حزب الله” والتيار العوني اعترضوا أن يخرج مجلس الوزراء ببيان، مطالبين بأن تكون هناك قرارات، ورفضوا مجرّد مناقشة مضمون البيان، فقرر الرئيس سلام سحبه بعدما وزّع على الوزراء، غير أن مصدراً وزارياً أوضح أن البيان لم يكن مطروحاً للموافقة وإنما كان محاولة لتلخيص الأفكار التي طرحت في النقاشات.

 
وتضمنت الأفكار الرئيسية للبيان الآتي:
“إن مجلس الوزراء، بعد مناقشات مستفيضة للوضع في عرسال وجوارها، يُؤكّد على التفويض الممنوح للجيش باتخاذ التدابير المناسبة لحماية عرسال وأهلها، كما كل الأراضي اللبنانية من خطر أي وجود مسلح غير شرعي أو أي احتلال أجنبي.
ويجدد مجلس الوزراء ثقته الكاملة بالجيش اللبناني وقيادته وقدرتها على إجراء التقييم اللازم لمدى دقة الوضع وخطورته واتخاذ القرارات المناسبة بالتوقيت المناسب للتصدي للإرهابيين ولتحرير الأراضي اللبنانية من القوى التكفيرية”.
يضيف البيان “إن أهل عرسال مواطنون كرام أعزاء مثلهم مثل كل المواطنين اللبنانيين، وهم في حمى الدولة وفي كنف الجيش الذي لم يبخل العرساليون في تقديم خيرة أبنائهم له، وأن لعرسال حق مطلق في العيش بأمان واستقرار من دون أي تهديد لأمن البلدة أو لمصدر رزقها”.

 
ويختم البيان بالطلب من اللجنة الوزارية المكلفة موضوع النازحين السوريين بأن تجتمع وأن تضع تصوّراً لكيفية معالجة التمركز الهائل للنازحين داخل عرسال وفي محيطها ورفع هذا التصوّر الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة في شأنها.
وأوضحت مصادر وزارية لـ”اللواء” أن البيان تضمن مفردات جيدة، وهو كان محاولة لامتصاص الأزمة وتخطي الخلافات، غير أن وزراء حزب الله والتيار العوني رفضوا حتى مجرّد مناقشة مضمونه، وأصرّوا على أن يتخذ مجلس الوزراء قرارات بتحمّل مسؤولية تحرير جرود عرسال من المسلحين.

 
وأشارت إلى أن وزراء الحزب أعلنوا تأييدهم المطلق لوزراء عون في ما خص ملف التعيينات الأمنية والعسكرية، ووقف إلى جانب الطرفين وزير تيّار “المردة” ريمون عريجي.

 
وقالت المصادر أن الخلافات كانت واضحة وقوية حيال المواضيع التي طُرحت، سواء في ما يخص التعيينات أو عرسال، لكن أي سجالات قوية لم تحصل، لافتة إلى أن النقاش كان صريحاً وهادئاً ومسؤولاً، لكنه اتسم في بعض الأحيان بنبرة مرتفعة، أنما من دون الوصول إلى حدّ الصدام، وتم الاتفاق في النهاية على تأجيل البت بهذه الملفات إلى الخميس، إلى حين عودة الرئيس سلام من المملكة العربية السعودية التي يزورها اليوم ليومين.

 
ورجحت المصادر أن يكون وزراء عون والحزب قد تجنّبوا الإنسحاب أو تعليق المشاركة في الحكومة والاعتكاف، والإبقاء على “نباريش” التنفّس للحكومة، كون الوزير جبران باسيل سيرافق الرئيس سلام إلى السعودية وبالتالي فإن إنسحابه سيعطل عليه فرصة مشاركته في الوفد.
وأعربت المصادر عن شكوكها في أن تحمل جلسة الخميس أية حلول، سواء بالنسبة لملف التعيينات أو لملف عرسال، ما يفتح الباب على أكثر من إحتمال.

 
محضر الجلسة
وفي المعلومات أن معظم الوزراء أدلوا بدلوهم في النقاشات، باستثناء الوزراء نهاد المشنوق، سمير مقبل، جبران باسيل وأرتور نظريان، فيما كانت لوزير الصحة وائل أبو فاعور مطالعة في نهاية النقاشات وصفت بأنها استراتيجية ومهمة، ومثلها مطالعة لوزير البيئة محمد المشنوق الذي طالب بالفصل بين موضوع التعيينات وعرسال، مؤكداً على دعم موقف الجيش، لافتاً إلى أن طرح التعيينات بالشكل المتداول من شأنه حرق الإسم المطروح للتعيين في قيادة الجيش، رغم أن الجميع لا يمانعون في تعيينه في الوقت المناسب.

 
وأشار الوزير أبو فاعور الى ان القصة ليست قصة قائد الجيش أو تعيين من هنا أو هناك، لافتا إلى ان المسألة ضرورية، ونحن لا نقف ضد تعيين العميد شامل روكز، لكن كل الأمور تصبح ثانوية أمام ما يمكن أن يحصل ما لن نقف موقفاً موحداً، وهذا أمر مطلوب من جميع القيادات.

 
ولفت أبو فاعو إلى ان هناك خطاباً مذهبياً بدأ يقلق الجميع ويشغل بال المواطنين ولا بدّ من تجنبه حفاظاً على هذا البلد، فلا نعمد أيضاً على إعلان الصوت بل بان نتكاتف، وقد أيده، في ذلك معظم الوزراء.

 
وبحسب المعلومات، فإن أول الوزراء المتحدثين كان الوزير سجعان قزي الذي لم يمانع بتعيين العميد شامل روكز، لكنه اشترط أن يتم هذا التعيين بعد انتخاب رئيس الجمهورية. مشيراً إلى ان موقف الكتائب من عرسال واضح، وهو انه يحق للجيش أن يدخل إلى أي منطقة بحسب امكاناته وظروفه.

 
ثم تلاه الوزير اكرم شهيب الذي أعلن تأييده لتعيين روكز من دون شروط، منبهاً من المنحى الطائفي والمذهبي الذي يحاط بقضية عرسال.
وأيد الوزير بطرس حرب تعيين روكز لكنه قال ان هذا الأمر غير وارد قبل انتخاب رئيس الجمهورية، مشيراً إلى ان أخطر فراغ هو الفراغ الرئاسي.
وتبعه الوزير محمّد فنيش فأوضح ان عرسال يتولى أمرها الجيش لكنه نحن نتحدث عن الجرود، ودعا إلى إعطاء الجيش الأوامر لتحرير هذه الجرود، وإلا فإن المقاومة ستتولى تحريرها من التكفيريين.

 
ولاحظ وزير العدل أشرف ريفي ان الثورة السورية بدأت سلمية لكن التدخل الخارجي وعنف النظام حولها إلى ثورة عسكرية، ولفت الانتباه إلى انه أثناء الحرب لا يقدم أحد على تعيين القائد.
وتابع: كنا أمام ثلاثية مرفوضة هي شعب وجيش ومقاومة فصرنا أمام رباعية مرفوضة هي شعب وجيش ومقاومة والحشد الشعبي، في إشارة إلى لواء القلعة الذي أعلن من قبل عشائر بعلبك – الهرمل، وهنا حصلت مشادة بينه وبين الوزير فنيش الذي ردّ عليه مذكراً إياه بقضية الباخرة لطف الله.

 
ثم كانت للوزير رشيد درباس مداخلة، رفض فيها الحديث عن التعيينات لأنه ليس أمامي أسماء، لكنه تناول موضوع عرسال، ناقلاً عن قائد اللواء الثامن قوله بأن الجيش مسيطر على الوضع في البلدة، وانه منع أي اتصال بين المقاتلين واللاجئين، لافتاً إلى أن السد الذي أقامه الجيش منع تزويد المسلحين بالسلاح والرجال والمؤن، بدليل ان جريحاً واحداً لم يدخل عرسال، ونبّه إلى ان من حسن حظ لبنان أن مليون ونصف مليون لاجئ سوري غير منظمين، وهؤلاء لو نظموا لما كان أحد منا آمناً الآن.

 
وتعاقب على الكلام بعد ذلك كل من الوزراء ريمون عريجي، رمزي جريج، الياس بو صعب، آلان حكيم الذي أعلن ان حزب الكتائب يؤيد بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية، ولا نريد إعادة سيناريو العام 1975.

 
وفي ملف التعيينات، أكّد حكيم ان حزب الكتائب يقف ضد الفراغ في المؤسسة العسكرية ويؤيد مبدأ التعيينات وتعيين العميد روكز، ولكن نريد ان نسأل: لماذا إثارة الموضوع اليوم وليس بعد ثلاثة أشهر، حيث يمكن ان يكون هناك رئيس للجمهورية.
وكشف حكيم لـ”اللواء” انه عاد واثار موضوع منصب قائد الدرك والحاجة إلى تعيين أصيل فلا يبقى المنصب بالوكالة.

السابق
باسيل يرفض اقتراح أبو فاعور تمرير اعتماد لامرأة مبتورة القدم «المستقبل» تنشر مسوّدة بيان الحكومة حول عرسال
التالي
إستغلال عوني لتغريدات الأسير.. وتهديدات لريفي