الحكومة في إجازة

كتبت صحيفة “الأخبار” تقول : عملياً، دخلت الحكومة مرحلة الـ”لا قرارات”. جلسة يوم أمس كانت مخصصة للبحث في موضوعَي عرسال والتعيينات الأمنية، وانتهت إلى اتفاق على متابعة النقاش في جلسة الخميس، وسط إصرار فريق 8 آذار والتيار الوطني الحرّ على التعيينات الأمنية، في ظلّ تمسّك قوى 14 آذار بالتمديد أولاً للواء إبراهيم بصبوص

“لا بحث في أي جدول أعمال في مجلس الوزراء قبل بتّ ملف التعيينات الأمنية”، بهذا الوضوح خاطب وزير الخارجية جبران باسيل زملاءه في مجلس الوزراء أمس، بما يؤكّد دخول حكومة الرئيس تمام سلام مرحلة التعطيل ما بعد الجلسة المقبلة بعد غدٍ الخميس، التي لا يتوقع أن تحمل اتفاقاً حول الملفّ.
ففي تلخيص سريع لأجواء جلسة أمس، بحسب مصادر وزارية في قوى 8 آذار، “حاولت قوى 14 آذار الفصل بين ملفّي عرسال والتعيينات الأمنية”، فأتى جواب وزراء 8 آذار مشجّعاً، “إذا انتهى الأمر إلى سيطرة الجيش والدولة على عرسال، فإنّ هذا لا يغيّر موقفنا بأنه لن يُبَتّ أي بند قبل ملفّ التعيينات الأمنية”. وعلى ما تقول المصادر، فإن “الأرجح أن كلّ شيء توقّف في الحكومة، ما دامت قوى 14 آذار تصرّ على التمديد للواء إبراهيم بصبوص” في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والحكومة دخلت مرحلة الـ”لا قرارات”. وتشير المصادر إلى أن “وزير الداخلية نهاد المشنوق يحاول إحراجنا بالتمديد لبصبوص آخر يوم”، ولكن “مش حتزبط… إما التعيينات أو ما في داعي لعمل الحكومة”.
كسب الوقت الذي أراده رئيس الحكومة تمّام سلام من تأجيل بتّ ملف التعيينات الأمنية إلى نهاية جلسة مجلس الوزراء لم ينجح في دفع القوى السياسية إلى مراجعة مواقفها المعلنة وتجاوز العراقيل. لكن النقاش الذي حصل في الجلسة، دفع الحكومة إلى أن تنجو بنفسها من لغم عرسال، لتقع في فخّ التعيينات. وأكدت مصادر مواكبة أن “جلسة الأمس سبقتها اتصالات ومشاورات عديدة بين تيار المستقبل وقوى الثامن من آذار، اتُفق خلالها على أن يصدر عن الحكومة كلام رسمي يقول إن مهمة الجيش تحرير أي أرض محتلّة، وأن يتبلور دور الجيش كخطوة أولى في داخل بلدة عرسال ويتم فصلها عن مخيمات النازحين، وفصل المخيمات عن الجرود”. ويكون ذلك بمثابة غطاء سياسي تمنحه الحكومة للجيش. أما الجرود، كما تقول المصادر، “فتبقى خاضعة لجلسة ثانية، يحضر فيها ممثلون عن الجيش لشرح طبيعة الميدان، والإجراءات التي سيقوم بها لحماية الحدود وطرد الإرهابيين”. ثم إن التصريحات التي سبقت انعقاد الجلسة، أظهرت أن موضوع عرسال ذاهب نحو الحلحلة.
وكان واضحاً قبل بدء الجلسة أن “سلام أراد تأجيل النقاش في موضوع التعيينات الأمنية إلى ما بعد عودته من المملكة العربية السعودية، حيث يصل اليوم إلى الرياض في زيارة ليوم واحد، يلتقي خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز وكبار المسؤولين السعوديين، والرئيس سعد الحريري، يرافقه عدد من الوزراء، ليس من ضمنهم الوزير علي حسن خليل.
وقد استهل سلام كعادته الجلسة بتأكيد ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. فيما سارع وزراء حزبي الكتائب والتقدمي الاشتراكي قبل استكمال الحديث في ملف عرسال إلى تأكيد مواقفهم غير المعارضة لتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش. وقال الوزير سجعان القزي إن “روكز هو من الضباط الأكفاء ونحن لا نعارض تعيينه، لكن لا يمكن أن نسير به إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية”. فيما قال الوزير أكرم شهيّب إنه “مع تعيين روكز قائداً للجيش، وقد سعينا إلى أن يتمّ هذا الأمر لكننا لم نصل إلى نتيجة، لكن علينا أولاً أن نعترف بأننا نمر في حالة صعبة، توجب علينا التفاهم لا الخلاف”.

 

وأثنى الوزير بطرس حرب على كلام القزي، مكرراً الكلام نفسه عن روكز، قبل أن ينتقل إلى ملف عرسال للتأكيد أنه “ملف لا يمكن أن يكون وسيلة للتجاذب، بل موضوعاً متفقاً عليه”. وردّ الوزير جبران باسيل على وزراء 14 آذار، حين قال أحدهم: من أنتم (لباسيل) لتفرضوا أجندتكم؟ بالقول: “إذا أردتم أن نفتح النقاش بما يمثل كل منا فنحن جاهزون لذلك”. وافتتح الوزير أشرف ريفي “مداخلته” بالحديث عن أن ما يحصل في سوريا هو “ثورة شعبية”، متوجهاً إلى الوزير محمد فنيش بالقول إن “بعض حلفائكم باعوا سلاحهم للثوار”.

فردّ عليه فنيش بتذكيره بدور تيار المستقبل وتدخله في سوريا، وبـ”باخرة لطف الله”، فتدخل حينها الرئيس سلام لإنهاء النقاش، معطياً دفّة الحديث إلى الوزير رشيد درباس، الذي قال إنه “لا يجب الدخول في موضوع التعيينات داخل الحكومة إلا في حال طرح أسماء”. أما في موضوع عرسال، فتحدث عن شقين: الأول عسكري، ذكّر خلاله بالمعلومات التي تؤكد أن الجيش يسيطر على الوضع، وهناك حاجز صارم بين المقاتلين واللاجئين في المخيمات، فلا إمداد بشرياً ولا لوجستياً لهم، وأنه لم يُصَر إلى نقل أي جريح من المسلحين إلى داخل البلدة، حين حصلت المعارك في الجرود، المراقبة بالطيران ومسيطر عليها بالتمشيط المدفعي”.

 

واقترح درباس أن يشرح عسكريون في جلسة أخرى الوضع الميداني أمام الوزراء، والإجراءات التي يمكن اتخاذها”. وفي الشق السياسي قال درباس إنه “لا أحد عانى من المشروع التكفيري أكثر من السّنة أنفسهم، ومحاربة هذا المشروع لا خلاف عليه، لكن يجب أن تتخذ الحكومة موقفاً موحداً في هذا المجال، ولا إمكانية لأحد بتهديد هذه الحكومة التي نراها مصلحة وطنية للجميع”.

 
من جهته، توجّه الوزير الياس بو صعب إلى وزير الدفاع سمير مقبل، بسؤاله عن قوله إن “عرسال محتلة، وفي الوقت نفسه إن الجيش مسيطر تماماً ويعتقل من يريد، كيف توفق بين الأمرين؟”. وتابع بو صعب أسئلته لمقبل: “قلت إن الجيش مسيطر على الوضع بنسبة 75 في المئة، فهل هذه النسبة تضمن عدم حدوث خرق؟ كذلك أشرت إلى أنه لا شغور في قيادة الجيش، فماذا عن المواقع الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري؟”.

 
خاتمة النقاش كانت مع الوزير وائل أبو فاعور، الذي توجّه إلى الوزير فنيش، بالقول إنه “يجب على شخصيات الحزب مراجعة خطاباتهم، ولا يجوز الجمع بين الحديث عن قائد الجيش وما يحصل في عرسال، لأن هذا الكلام يثير حفيظة الناس”. وأضاف أن “البلد يتأثر بالحالة المذهبية التي تضرب المنطقة ولا يجوز أن ننغمس بها، وإذا كنتم تعتبرون أن المشروع التكفيري يهددكم، فنحن نرى أنه يستأصل تيار المستقبل من مكانه، وعليكم أن تعودوا خطوة إلى الوراء وتفسحوا المجال أمام الرئيس سعد الحريري لمعالجة الوضع داخل الشارع السني”.

 

 

وبعدها صاغ رئيس الحكومة بياناً أكد فيه أن “الحكومة تكلف الجيش مهمّة الدفاع عن الوطن، وتأمين عرسال والمدنيين فيها من أي خطر”، لكن “اعتراض بعض الوزراء على تفاصيل، حال دون إعلانه، على اعتبار أن النقاش لم ينته بعد”. وقالت مصادر وزارية إن “الجلسة لم تشهد نقاشاً في موضوع التعيينات الذي أرجئ إلى جلسة الخميس”، وأكدت أن “لا إمكانية للتوافق حوله، وأن الأمور ذاهبة نحو التصعيد”، مرجحة أن “يعلن وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله اعتكافهم يوم الخميس المقبل”.

 
وليلاً، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنه “إذا لم تنجح الحكومة بملف التعيينات فلن تنجح بأي ملف آخر والحل يكون بالتعيين”، مؤكّداً أن “حزب الله متضامن مع النائب ميشال عون في التعيينات مئة بالمئة”.

 

السابق
نعيم قاسم : نحن مع عون في التعيينات والخميس إما النجاح للحكومة أو الفشل
التالي
باسيل يرفض اقتراح أبو فاعور تمرير اعتماد لامرأة مبتورة القدم «المستقبل» تنشر مسوّدة بيان الحكومة حول عرسال