المسلمون باتوا في خطر

فلسطين
إنهم يقطعون رؤوس بعضهم بعضاً. هذا ليس وهماً، بل يحدث، ويحدث بشكل يومي. وفي اللحظة التي تنظرون بها إلى الكرة الارضية تشعرون بالخطر. المسلمون استحوذوا على 20 بالمئة من مساحة الخارطة. اما الباقون، فأخذوا أوروبا الشرقية والغربية وبسطوا وجودهم على قارة أميركا الشمالية والجنوبية. ورغم خطورة الخارطة، إلا أنها جميلة.

أصبحنا نعتاد على أن المسلمين يقتلون. ينتقمون لأجل ما حل بهم على مدى عقود أجلة من الزمن. من صحيفة شارلي هيبدو الفرنسية التي حَولت عمامة رسولهم محمد إلى قنبلة. ومن الغرب المعتاد على المجيئ بدباباته وأسلحته الفتاكة إلى أرضهم. وعندما بنى لهم الأنكليز سجون استخباراتية في العراق والأردن. ويوم حارب حاكم مصر السابق حسني مبارك المسلمين واتهمهم بالتعاون مع جهات خارجية وزج بهم داخل أقبية فروعه الأمنية. لكن المسلمين دائماً ما وجهوا إرادة الإنتقام لديهم نحو الهدف الخطأ.

أما ما فعله المسلمين الأسبوع الماضي في الهند لا يغتفر له. حيث أقدم 13 رجلاً على قطع يد معلمة بُعَيّد إعتبارها الرسول محمد ليس نبياً. بينما أقدم أجدادهم بداية ثمانينات القرن الماضي، على إضرام النار في صفوف مدرسة في أفغانستان، بعد سماح مدير المدرسة بجمع الذكور والإناث في الصف ذاته. وكان الحادث يضمر إنتقاماً تجاه قرارات الحكومة الافغانية الموالية للإتحاد السوفياتي انذاك.

لكنهم أنفسهم من يتعرضون لصواريخ مقاتلات الـ”أف – 16″ الاسرائيلية في غزة. الرقعة الارضية المعزولة عن العالم الآخر. وتعبث جماعات يهودية متطرفة بقبور امواتهم ويطلبون منهم الرحيل عن أرضٍ هي في الأساس لهم ويصفهم بنيامين نتنياهو بالإرهابيين.

ومنذ سبع سنوات، تكلم احد سائقي الجرافات الإسرائيلية عن تجربته في تدمير قرية فلسطينية. يقول:

«لم أشفق على أحد. كنتُ على استعداد لمحو أي شخصٍ بجرافة دي – 9 وقد هدمت الكثير. أردتُ تدمير كل شيء، توسلت الضباط عبر الراديو، للسماح لي بهدمها، من أعلاها إلى أسفلها. أن اُسوي كل ما فيها ارضا. حين يخبروني بتهديم أحد المنازل، كنتُ استغل الفرصة السانحة وأهدم المزيد من البيوت. لمدة ثلاث أيام، دمرت ودمرت. المنطقة بأكملها. أردت الوصول إلى البيوت الأخرى. أكثر ما يمكنني. لم أر بعيني أناساً يموتون تحت شفرات جرافة دي – 9. لكن لو وجد احد ما، لما همني ذلك. إن ضربتُ بيتاً، لدفنت 40 أو 50 شخصاً. لو أسفت على شيء، لكان عدم تدمير المخيم بأكمله. لقد شعرت بالرضا التام في جنين، الكثير من الرضا. لم يعبر أيٌ كان عن التحفظ على ما فعلنا. من يجرؤ على الكلام؟ لو تجرأ احد على فتح فمه وحسب، لدفنته تحت دي – 9».

كيف يسمع العالم هذا الكلام ويصمت؟ كيف نجت اسرائيل من كل جرائمها؟. لو أن ملثماً تمنى لو يدفن اطفال ونساء وشيوخ اسرائيليين تحت مقذوفات القسام لكان الإعلام الغربي رفع صوت التحذير ضد المسلمين القاتلين. لكن الجرائد الأميركية تجاوزت بلطف شديد حادثة تحطيم جسد الناشطة ريشيل كوري تحت شفرات الجرافة دي – 9 الاسرائيلية. لقد اساءة الشابة الأميركية إختيار من يجب عليها الدفاع عن حقهم في البقاء، وإلتزمت الأمم المتحدة الصمت حيال كل هذا.

وفي هكذا وضع يبقى سؤال: من هم الجماعات الاسلامية وماذا فعلوا للإسلام وبالمسلمين؟ سؤال له بُعد غريب. وسيدور طويلاً حول قضايا مصيرية في هذا العالم وفي مصير الشرق الأوسط. ففي عام 2012 ومن داخل مجلس الشعب في دمشق، وصف بشار الاسد المسلمين بإخوان الشياطين وبدل من أن يلتزم الجميع الصمت والذهول، صفقوا له وبحرارة. ونفس اللغة يعتمدها المشير عبد الفتاح السيسي حالياً لمواجهة المسلمين الحالمين بالهيمنة على السلطة ومؤسسات الدولة المصرية. هل الأمر واضحاً؟ «الإسلام»، «الإرهاب»، «الدولة العلمانية المدنية»، ومعهم «تهديد الأُمن القومي».

مازلت أنتظر أي صحيفة تصف الموت كموت، والمجرمين بجرائمهم، وعلماء لغة يدققون بأعمال القتل ويعيدون تعريف الإرهاب، ومن هم مسلمي العصور القادمة. وتقلقني رويترز. حتى الوكالة الأكثر مصداقية تخلت عن الواقع لصالح اللغة. هذه اللغة الخاصة كوسيلة اولية يخاض بواستطها العنف. فعندما يطلق الجيش الاسرائيلي النار على شبان فلسطينيين تسمي العمل دفاعاً عن النفس، وشيئاً أخطر من ذلك يحدث عبر لغتها الخاصة. كما وإطلاق النار على 41 فرداً ينتمون إلى أقليات دينية في أفغانستان يُعد قتلاً وليس إرهاباً. شَحت في تكلمها عن الحقائق. وكان ذلك خطأ. وعمل تخريبي في الوقائع.

السابق
هل ساعدت الحرب السورية في شدّ العصب الكنسيّ المسيحيّ؟
التالي
الكشف على مسامك نهر العاصي حيث يتم اطعام الاسماك مصارين دجاج