هل تتحوّل معركة القلمون استنزافاً؟

في ضوء التطورات الاخيرة في سوريا، لم تعد معركة القلمون مجرد رغبة في تحقيق “انتصار اضافي” للنظام في دمشق ولحليفيه الايراني و”حزب الله” فحسب، بل إنها صارت حاجة دفاعية ضرورية لنظام الاسد وللحزب الذي يجهد في الدفاع عنه. وعليه فإن الاستعدادات لها قائمة من الطرفين، ويبقى عنصر المفاجأة فيها العامل البارز، لا في التوقيت وحسب وانما في الخطة العسكرية والسلاح المستعمل وعديد المقاتلين. واذا كان “حزب الله” أعدّ لها العدّة موعوداً بالنصر، فإن الموعد تأخّر لمزيد من الاستعداد في ضوء عناصر ربما لم تكن في الحسبان.

فالغارات الاسرائيلية دمّرت بعض الاسلحة التي كان يمكن ان تفيد في المعركة، كما طالت مواقع للجيش النظامي في المنطقة المتنازع عليها، اضافة الى دخول عوامل بانت نتائجها في معركة جسر الشغور، ومن المتوقع ان تظهر في غير موقع، مع القرار الخليجي التركي الحاسم منع النظام وحليفيه ايران و”حزب الله” من تحقيق انتصارات اضافية.

ومعركة القلمون حاجة للمعارضة السورية كما هي للنظام وحلفائه، وهدفها للاولى الإطباق على العاصمة، من خلال قطع طريق دمشق حمص السريع، وتأمين التواصل مع المسلحين في الزبداني، مع حلم الوصول الى جديدة يابوس والسيطرة على الطريق الدولية التي تربط سوريا بلبنان، وبالتالي قطع طريق امداد “حزب الله” بالسلاح، سواء من مطار دمشق الى لبنان، او في الاتجاه المعاكس لدعم النظام الأسدي.

واذا كانت منطقة اللاذقية، وهي معقل العلويين وأنصار السلطة الهاربين من مناطق عدة، صارت في مرمى نيران المعارضة، فإن النظام يخسر ورقة اضافية مهمة، لا يمكنه الاستمرار بعدها اذا ما نجح المسلحون في بلوغ تخوم دمشق والطرق المؤدية اليها. في المقابل يحتاج النظام، ومعه “حزب الله”، الى تعطيل كل الخطة المذكورة، وإحكام السيطرة على تلك المواقع، وتحقيق انتصار مادي ومعنوي بعد سقوط منطقة جسر الشغور عبر المحافظة على دمشق العاصمة ومحيطها وإبقاء تواصلها قائما، خصوصا مع اللاذقية.

كما يتخوف “حزب الله” من ان سيطرة المسلحين على منطقة القلمون ستجعلهم على تماس مباشر مع قرى بقاعية حدودية، ما يتيح لعدد منهم اختراق حدود متداخلة وغير مرسّمة بناء لإرادة النظام الأسدي الذي رفض دوما ترسيم الحدود والاعتراف بلبنان.
واذا كان النظام لم يضعف الى الحد الذي لم يعد يمكنه خوض معارك، فإن جيشه أنهك، وسيزداد تشتتاً اذا تعرضت مناطق العلويين للقصف او التهجير. وهذا التحدي سيكون مزدوجاً، سواء على النظام السوري او على لبنان، مع توقّع الكاتب السعودي جمال خاشقجي بدء عملية هجرة من مناطق العلويين باتجاه لبنان الذي يقفل حدوده لعدم تمكنه من استيعاب المزيد من اللاجئين، والحرج الذي سيواجهه الحزب في محاولته الضغط لاستقبال هؤلاء.
معركة القلمون اذا لم تحسم في ساعات وايام فإنها ستتحول حرب استنزاف طويلة.

(النهار)

السابق
عادل ومحمد عاشا لحظات رعب طويلة بين النيران: لم ينقذهما أحد!
التالي
هذا ما كان يفعله «الإسلاميون» في «إمارة رومية»؟