لبنان منقسم بين أرمينيا وتركيا

سَجلت الساعات الماضية وفق “الجمهورية” ظاهرةً غريبة عجيبة من خلال مشاركة لبنان الرسمي في تظاهرتَين دوليتين، الأولى في يريفان والثانية في أنقرة، ذلك أنّه تزامُناً مع احتفالات أرمينيا بمئوية المجازر العثمانية في أرمينيا، دعت تركيا إلى “مؤتمر للسلام” لمناسبة مرور مئة عام على معركة “جزيرة غاليبولي التركية”.

وفي وقتٍ تَحتفل أرمينيا اليوم بالذكرى المئوية للمجازر الأرمنية، في حضور لبناني رسمي تمَثّلَ بوفد من تكتّل “التغيير والإصلاح” ضمَّ وزراءَ: الخارجية جبران باسيل والطاقة أرتور نازاريان والتربية الياس بو صعب، إلى جانب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبطاركة الشرق، سافرَ نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ووزير العدل أشرف ريفي إلى أنقرة أمس للمشاركة في الاحتفالات التركية التي نُظّمت للتغطية على احتفالات يريفان الأرمنية.

وقد عكسَ هذا التمثيل اللبناني الرسمي المزدوج بحسب “الجمهورية” حجمَ الانقسام اللبناني بين الطائفتين الأرمنية والسنّية في لبنان. فبعدما أعلنَ وزير التربية عن إقفال المدارس الرسمية والخاصة في المناسبة اليوم، رفضَت المدارس السنّية الخاصة القرارَ، ودعَت الى يوم تعليم عادي، فيما انتشرَت ظاهرة رفعِ الأعلام التركية في طرابلس وصيدا ومناطق مختلفة من لبنان، وألغَت غرفة التجارة والصناعة في طرابلس احتفالاً موسيقياً لفرقة أرمنية، “حِرصاً منها على العلاقة مع تركيا”، عدا عمّا غصّت به المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي من مظاهر التحدّي بين الطرَفين. وتبادلت مواقع إلكترونية أرمنية وأخرى مختلفة نشرَ صورة لريفي يتوسّط علمَين تركيَين “تضامُناً مع تركيا التي كانت وما زالت في خدمةِ الإنسانية”.

وكرد فعل على قرار الوزير وما يصفه نشطاء في طرابلس بتصرفات استفزازية مثل إقامة احتفالات في طرابلس والضنية في المناسبة، يتجه هؤلاء النشطاء في المدينة وفق “اللواء” إلى إحياء يوم الأحد ذكرى “تحرير طرابلس من الصليبيين”، أو ما يعرف بالعيد العثماني، وذلك في مركز الجمعية اللبنانية – التركية في ساحة التل، فيما ستنطلق اليوم مسيرة للأحزاب الأرمنية الثلاثة إلى ساحة انطلياس، حيث سيقام مهرجان خطابي. وقالت مصادر المنظّمين لـ”الجمهورية” إنّ ردّات الفعل التي شهدَتها مناطق من لبنان دفعَت إلى مشاركةٍ بنسبةٍ قد تكون الأكبر في تاريخ إحياء الذكرى، رفضاً لأجواء التحدّي التي عبّرَ عنها البعض.

كتب عبد الكافي الصمد في “الاخبار”:  الأرمن في طرابلس «دواعش متطرفون»!

مهرجان موسيقي فجّر القلوب المليانة في طرابلس. اتضح أن بعض فاعليات المدينة استاءت من الرضوخ للضغط الأرمني بمنع عرض فيلم تركي ومن إقرار وزير التربية إلياس أبو صعب ذكرى الإبادة الأرمنية عطلة مدرسية، فخاضت حملة لمنع مشاركة فرق أرمنية في المهرجان الذي كان مقرراً بدءاً من مساء اليوم حتى الأحد (بداية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ثم في مركز الرعاية الاجتماعية في بلدة سير ــ الضنية وأخيراً في معرض رشيد كرامي الدولي)، بتنظيم من جمعية العزم والسعادة التابعة للرئيس نجيب ميقاتي. انتصرت هيئة علماء المسلمين لتركيا….

رئيس حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان حطّ في طرابلس في محاولة لاحتواء الوضع، وزار على رأس وفد المفتي الشعار. أوساط مواكبة لفتت إلى أن اللقاء كان «إيجابياً وجيداً وأزال سوء التفاهم الذي وقع بسبب المهرجان». وبحسب المصادر، فإن الشعار استبق زيارة بقرادونيان وأوعز إلى الدرويش بـ»التخفيف من حدّة حملته، وأبدى عدم اعتراضه على إقامة الحفلات الفنية والموسيقية، متمنياً على المنظمين والمشاركين عدم إبراز أي مظهر يمكن أن يُشكّل استفزازاً».

أما بقرادونيان فلفت بعد اللقاء إلى أنه «عندما رأينا أن هذه المشاركة ستترجم عند البعض بطريقة غير مناسبة، قررنا سريعاً أننا لا نستطيع إزعاج أحد أو فرض أنفسنا، خصوصاً أن المهرجان في الأساس ليس له علاقة لا بالأرمن ولا بفعاليات مئوية الإبادة الأرمنية».

كتب راجح الخوري في “النهار”: الأرمن وعبد الحميد

مئة عام على الإبادة التي تعرض لها الأرمن على أيدي العثمانيين، لكن شبح عبد الحميد الثاني حاضر الآن في تركيا كطيف للعار يواصل إنكار الإثم، ذلك ان حفيد السلطان رجب طيب أردوغان متسلطنٌ نزق يتمادى في إظهار العصبية كلما أثيرت مسألة الإبادة او المحرقة التي نفذها جدوده!.. يزداد احترامي للشعب الأرمني الذي جعل تاريخه وجروحه تاجاً فوق رأسه، بمقدار ما يزداد أسفي على بلدي لبنان الذي علمنا في كتب التاريخ، كيف شنق السفاح جمال باشا الشهداء من جدودنا، لكنه لم يعلمنا يوماً في كتب الكرامة ان نطالب تركيا بالاعتذار كما يفعل اشقاؤنا الأرمن، على رغم ان متصرفي السلطنة قتلوا يساراً ويميناً وفتكوا وأهانوا في وطننا لبنان.

التاريخ حافل بالمذابح المنسية وحتى المعاصرة، أوليس ما تعرّض له الأكراد على أيدي صدام حسين ورجب طيب اردوغان من المذابح؟ أوليس ما يتعرض له السوريون من المذابح، وعلى أعين العالم، تلك التي سبق لها ان تعامت عن حروب الآخرين على لبنان والمئتي ألف قتيل مما يستوجب الاعتذار؟ لكنها الفظاظة المطلقة عندما لا يكتفي اردوغان بإنكار تاريخ العار بل يحاول لصق عار الجلاد بضحايا السلطنة، التي نفذت ثلاث إبادات في حق الأرمن، الأولى عام ١٨٩٤ وقتلت ٣٠٠ الف منهم، والثانية عام ١٩٠٩ في أضنة وقتلت ٣٠ ألفاً، والمذبحة الكبرى عام ١٩١٥ وقتلت مليوناً ونصف مليون، وأردوغان مكبٌ على إعادة بناء التاريخ العثماني المفعم بالجماجم !

السابق
لبنان يسلّم السعودية أبرز موقوفي «القاعدة»
التالي
سياسة التجويع العثمانيّة قضت على 250 ألف لبناني إضافة إلى مذابح السريان والأرمن والآشوريين