«إس 300» تبدّد «رهان» إسرائيل على بوتين

صورة تعود الى اواسط التسعينات لمنظومة «اس 300» في احد مراكز التدريب في روسيا (ا ب ا)

أظهر إعلان روسيا نيتها تزويد إيران بمنظومات دفاع جوي متطورة من طراز «إس 300» فشل الرهان الإسرائيلي على الرئيس فلاديمير بوتين.
ومن الواضح أن إعلان روسيا في هذا الوقت الحساس، بعد التوصل إلى اتفاقية الإطار النووية بين الدول العظمى وإيران، يشهد على توق قوى عدّة للتخلص من العقوبات الدولية على إيران، والتي كانت تعيق تطوير التبادل التجاري بينها.
وبرغم اعتبار إسرائيل منظومة «إس 300» نوعا من التحدي للتفوق الجوي الإسرائيلي، إلا أن معلقين إسرائيليين يرون أن هذه المنظومة ليست عقبة لا يمكن تخطيها.
وأشارت «هآرتس» إلى أن روسيا أطلعت إسرائيل على نيتها بيع صواريخ «إس 300» لإيران قبل وقت قصير من الإعلان عن القرار في وسائل الإعلام الروسية والدولية.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي كبير هذا الكلام وتأكيده أن المخاوف الإسرائيلية من صفقة الصواريخ هذه تتعلق باحتمال نقل منظومات السلاح هذه إلى النظام السوري أو «حزب الله»، الأمر الذي يقيّد جوهرياً حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء سوريا ولبنان.
وأعلن وزير شؤون الاستخبارات في الحكومة الإسرائيلية، يوفال شتاينتس، أن قرار الكرملين هو «محصلة مباشرة» لاتفاقية الإطار بين القوى العظمى وإيران. وأضاف أنه «في وقت تتنصل فيه إيران من بند وراء بند في اتفاقية الإطار، تبدأ الأسرة الدولية بتقديم التسهيلات لها».
وتجنب شتاينتس، المعروف بحدة لسانه، انتقاد روسيا لكنه قال إن «هذه نتيحة مباشرة للشرعية التي تنالها إيران من الصفقة النووية، وهذا برهان على أن الازدهار الاقتصادي في إيران الذي سيعقب رفع العقوبات سيستغل في التسلح وليس لرفاهية الشعب الإيراني».
وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن في اسرائيل قلقاً من الخطوة الروسية، وخشية من ان تكون هذه مجرد النذر الأولية التي تدل على انهيار العقوبات والقيود على طهران.
ومع ذلك أشارت «يديعوت» الى ان إسرائيل لا تستبعد احتمال ألا يكون هذا قرارا نهائيا من جانب الروس، بل مجرد إعلان يستهدف فحص رد فعل الغرب وبث رسالة تهديد في أعقاب النزاع حول أوكرانيا ايضا.
ومع ذلك، فإن البيان الذي صدر عن الكرملين يشكل تعزيزا للحجة الاسرائيلية ضد الاتفاق النووي، وبموجبها، ضمن أمور اخرى، سيؤدي الاتفاق الى انهيار حظر السلاح على طهران.
وشددت «يديعوت» على أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى من احتمال أن يؤدي الاتفاق النووي الى سباق تسلح ايراني يجر شركات أوروبية الى تنفيذ خطوات مشابهة في مجالات الـ «سايبر»، التكنولوجيا المتطورة، والسلاح الدقيق. كما أن التقديرات تشير إلى أن الايرانيين سيزيدون تسليح الجيش السوري استعدادا لمواجهة مستقبلية مع اسرائيل. وهناك تخوف من أن تسحق منظومات الدفاع الجوي المتطورة لدى جهات «معادية» في المنطقة التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي.
ومع ذلك، وبرغم التخوف الشديد من وصول صاروخ «إس 300» الى أيادٍ ايرانية، نقلت «يديعوت» عن مصادر أجنبية قولها إن سلاح الجو الإسرائيلي تدرب في السنوات الاخيرة في دول «صديقة» ـ خصوصا اليونان ـ لمواجهة منظومات دفاع من هذا النوع.
وليس واضحا في هذه المرحلة أي منظومة روسية ستباع للايرانيين ـ وذلك لأن هناك أنواعاً عدة من الـ «اس 300» في مستويات مختلفة ـ ولكن يبدو واضحاً أن مجرد وجود هذه المنظومة يقلص جداً إمكانية هجوم اسرائيلي على المنشآت النووية الايرانية.
وفي الحديث عن منظومة «إس 300» التي ستصل إلى إيران من المعتقد أنها سوف تكون من النوع المستعمل في الجيش الروسي. وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن روسيا أوقفت منذ العام 2011 إنتاج منظومات صواريخ «إس 300» وبدأت بإنتاج منظومات «إس 400» الأكثر تطورا. لذلك هناك اعتقاد أن روسيا تنوي بيع ما لديها لتمويل التسلح بمنظومات جديدة أكثر تطورا. ومع ذلك هناك من يقول بأن لدى إيران «النسخة الصينية» من منظومة «إس 300»، ما يعني أنها لا تضيف للدفاعات الجوية الإيرانية الكثير.
وأثار الإعلان الروسي تعليقات واسعة في إسرائيل. وفيما أشار المعلق العسكري لـ «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان إلى خطر هذه الصواريخ على الاسطول الخامس الأميركي وسلاح الجو السعودي، وطالب بالتفاهم مع الولايات المتحدة حول سبل الرد، كتب المعلق الأمني في «معاريف» يوسي ميلمان أن روسيا «لا تحسب لنا حسابا».
وأضاف ميلمان أن أحد أكبر إنجازات أميركا ضد النووي الإيراني كانت الإجماع الدولي ضد إيران والذي قاد إلى إقرار عقوبات دولية.
وفي نظره «يبدو أن روسيا قررت العودة إلى انتهاج سياسة مستقلة تجاه إيران»، مبررا ذلك بخشية موسكو من أن تدفأ العلاقات بين طهران والغرب على حساب كونها الشريك الأكبر لإيران. وهو يرى أنه برغم زيارات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان لموسكو ولقاءاتهما مع بوتين «اتضح أنه عندما يتعلق الامر بمصالحها الحيوية فإن روسيا لا تحسب حسابا لإسرائيل».
واعتبر المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل أن الإعلان الروسي يعبّر عن تحسن جوهري في مكانة إيران بعد اتفاقية الإطار حيث بدأ الإيرانيون في التقاط ثمارها الأولية.
وأشار إلى أن روسيا تلعب بهذه الصفقة منذ عقد من الزمن في إطار توازنات القوى مع الغرب وقد عادت الآن كورقة ضغط في مواجهة الولايات المتحدة بسبب الأزمة في أوكرانيا.
وأشار إلى أن الصفقة مقلقة من وجهة نظر إسرائيل وهي تشكل في كل الأحوال قفزة فعلية في قدرات الدفاع الجوي الإيراني. ومع ذلك يشدد هارئيل على أن الصفقة تمثل عقبة أمام سلاح الجو الإسرائيلي لكنها ليست من النوع الذي لا يمكن تخطيه.
وأشار المعلق السياسي لموقع «والا» أمير تيفون إلى أن الرهان الإسرائيلي على بوتين فشل تماما. وكتب أن قرار روسيا يظهر إحدى أكبر المعضلات الاستراتيجية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة وهي كيفية إدارة العلاقات مع روسيا. وهو يرى أن نتنياهو وليبرمان استثمرا الكثير من الجهد ودفعا ثمنا كبيرا في سبيل التقرب من بوتين. ويشدد على أن الإعلان الروسي يضاف إلى سلسلة من الخطوات تبدأ بإنشاء مفاعلات في إيران، وتمر بتكثيف العلاقات الاقتصادية، وتنتهي بالتسليح لحليف مركزي يدعم سوريا و «حزب الله»، وكل هذه خطوات خطيرة في نظر إسرائيل.

(السفير)

السابق
7 متطلّبات أساسيّة لعلاقة حبّ سليمة
التالي
عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية