مضحك أم مبكي: جنبلاط «ضد التوريث»!!

رحم الله سعيد تقي الدين يوم وصف الراحل كمال جنبلاط بالقول «عصا زعرور كلها عقد»، وهذه المقولة تنسحب على نجله النائب وليد جنبلاط الذي اثبت المثل المعروف «الولد سر ابيه» وفق الاوساط المواكبة للايقاع الجنبلاطي. ولكن الفارق بين جنبلاط الاب والابن ان «المعلم» كان يعرف ما يريد تماماً، اما الابن فيعصى على المراقبين معرفة ما يريد، الا ان هناك ثابتة وحيدة في ادائه السياسي وهي «الف قلبة ولا غلبة» علماً انه في اكثر من مرحلة كان مغلوباً على امره وفق ما يروي المقربون منه.

وتضيف الاوساط ان الحلف التاريخي بين جنبلاط وسوريا كان وراء الهالة التي تمتع بها منذ اغتيال والده، فقد اعطته دمشق ما لم تعطه لاحد من السياسيين، ولكنه غافلها متناسياً خبزها والملح ايضاً، ليتموضع على «ضفة النهر بانتظار مرور جثة عدوه» على قاعدة رهانه الخاطئ مع انطلاقة الفوضى فيها على ان سقوط النظام السوري مسألة ايام معدودة. ولكن المجريات بعد دخول الاقتتال عامه الخامس رجحت كفة دمشق حيث يرى المراقبون ان العد العكسي لنهاية «داعش» ومشتقاتها من «النصرة» وبقية فصائل التكفير قد بدأ اثر هزائمها المتتالية في العراق، ولعل من الغرابة بمكان ان يفضل جنبلاط «الوحش التكفيري» على النظام العلماني، ولكن من يقرأ في الفنجان الجنبلاطي يجد الموقف طبيعيا لا سيما ان البيك صاحب حزب اشتراكي ينخرط في «الاشتراكية الدولية» فكيف يبرّر غزله بالكادحين وقد ولد وفي فمه ملعقة من ذهب على غرار ابناء البيوتات الضاربة في الاقطاع السياسي.

وتشير الاوساط الى ان علاقة جنبلاط بمعظم الاطراف السياسيين نسخة عن علاقته السابقة مع دمشق فـ «حلفه المقدس» مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يعمّر عاما كاملا بل كان «موقف لحظة» وكذلك الامر مع «حزب الله» الذي كان يفرد له مقعد الصدارة في كافة مناسباته الاحتفالية لينتقل الى «تنظيم الخلاف» معه. اما علاقته مع الاقطاب الموارنة فحدّث ولا حرج فهو من وصفهم بـ «الجنس العاطل» وسبق له اطلاق صفة «الوبش» على الوزير الراحل ايلي حبيقة ولم يسلم الدكتور سمير جعجع من لسانه، ويوم عودة الجنرال ميشال عون من منفاه الباريسي جنّ جنون جنبلاط الذي سعى الى اقامة «الحلف الرباعي» لمواجهة «التسونامي». فقد تفنن سيد المختارة في مراكمة الاخصام لكن سرعان ما يعود الى مراضاتهم تحت عنوان المصلحة الوطنية وتمرير المرحلة بأقل قدر ممكن من الاضرار.

وتقول الاوساط ان جنبلاط الذي بدأ بالانفتـاح على اخصامه ومنهم عون سيتراجع في منتصف الطريق لا سيما ان الموسم موسم الاستحقـاق الرئـاسي وان لقاء كليمنصو جـاء في خانة الاجـتماع للاجتماع دون التطرق الى الرئاسة الاولى، ولعل اللافت ان اللقاء كان رأساً لرأس دون مشاركة اي من وزرائهما ونوابهما، وخروج عون دون ان يصـرّح فـهل من «قطـبة» مخفيـة في الامر بحـيث لم يكد ينتهي اللقاء الا وغادر «ابو تيمور» الى بـاريس في زيارة خاصة يلتقي خلالها الرئيس الفرنسي هولاند ويطلعه على هواجسه، لا سيما ان موقـف وزير الخارجية الاميركي جون كيري حول «ضرورة الحوار مع الرئيس السوري بشار الاسد» لانهاء الازمة أقض مضجعه ليعلن عن «احتقار» الموقف الاميركي، ناعياً الهلال الخصيب والعروبة في حديث الى «بي بي سي» مبرراً قيام «جبهة النصرة» التي وجد فيها انها «جزء من الشعب السوري» ولا علاقة لها بالارهاب.

ولعل من المضحك – المبكي ان يعلن جنبلاط في الحديث «انه ضد التوريث» علماً انه سيستقيل لتوريث نجله تيمور مقعده النيابي وسلمه سابقاً كافة المفاصل في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الا ان اللافت لدى جنبلاط انه بدأ بتعويم النائب غازي العريضي على خلفية استباق النتائج في سوريا، وجاء هذا التعويم على حساب وزير الصحة وائل ابو فاعور. فهل استقالة جنبلاط المرتقبة الخطوة الاولى في مسيرة «النورماندي» بعدما احترقت رهاناته على الصعيدين المحلي والاقليمي حول النظام السوري والتوافق الاميركي – الايراني وما يعنيه على صعيد المنطقة من ادناها الى اقصاها.

(الديار)

السابق
الحوثيون قد يهاجمون الأراضي السعودية خلال أيام
التالي
الرصاص في الدهانات.. خطر على أطفالنا