وداعاً ١٤ آذار

14 آذار
أحيت قوى "14 آذار"، الذكرى العاشرة لانتفاضة الاستقلال في 14 آذار 2005، مهرجاناً خطابياً في مجمع البيال، تحت عنوان "من 14 آذار 2005 الى 14 آذار 2015"، ومن اهم ما جاء في هذا المهرجان، الإعلان عن إنشاء طبعة او نسخة لجبهة سياسية جديدة اسمها "المجلس الوطني"، وذلك بمشاركة خجولة لبعض الجماهير والمناصرين، والنواب والوزراء ومسؤولين سياسيين وقادة أحزاب لبنانية.

بالنسبة لي؟ احتفال “14 آذار”، ليس الا مهرجان فولوكلوري استعراضي يغلب عليه طابع الخطابات الرنانة، الذي يذكرني بالخطابات الرنانة القادمة من الانظمة الممانعة الشمولية، فبدل ان يعقد هذا المهرجان الاحتفالي،لاجل مراجعة الاخطاء السياسية، التي حصلت خلال عشر سنوات الماضية، ووضع خريطة طريق لوثيقة سياسية جديدة، تكون فاعلة وفعالة وحاسمة على ارض الواقع، بدل الوثيقة القديمة المهترئة، المليئة بسلسلة التراجعات عن المبادئ الوطنية، والهزائم السياسية، والتنازلات عن المكاسب التي تحققت قبل عشر سنوات عند بداية إنتفاضة استقلال 2005، الذي حصل بفضل مليون ثائر لبناني من اجل التغيير والتحرير، بعد ان غصت بهم سابقا الساحات والطرقات تلبية لنداء “ثورة الأرز”، التي خطت بريشة النضال المغمسة بحبر دماء الشهداء، واثمرت عن استقلال 2005، وتكرست بازالة كابوس الوصاية البعثية السورية عن سيادة لبنان.

اما اليوم، قوى الرابع عشر من آذار بالعام 2015، وبالنقلة النوعية من الآمانة العامة الى “المجلس الوطني”، بحلة جديدة تماما كتسريحة الشعر تارة من اليمين وطوراً مناليسار، يحتفلون بانجازاتهم المخيبة لآمال مناصريهم وجمهورهم، بعدما أُفرغت نفوس هؤلاء التي كانت مشحونة بالثقة والأمل والايمان بالوطن والوطنية، من اجل مستقبل واعد بالحرية والكرامة. ولكن بصراحة، قوى “14 آذار”كانت أضحوكة وألعوبة ولا تزل الى الآن، فحلفاؤهم الأمريكيون المنافقون، والأوروبيون الجبناء، والعرب تجار الكلام، تخلوا جميعا عن قوى “14 آذار”، وخذلوها بمراحل عدة سابقة، منها، عندما تركت قوى “14 آذار” لشأنها وحيدة، امام يوم المجيد في السابع من أيار عام 2008، بعدما ارغمت على تنازلات سياسية عدة، لصالح قوى “8 آذار” في مؤتمر الدوحة، ولا ننسى اللكمة السياسية الموجعة التي وجهتها قوى “8 آذار” لقوى “14 آذار” في العام 2009، التي تمثلت باستقالة الوزير الملك من حكومة دولة الرئيس سعد الحريري، الأول الذي كان محسوبا بالشكل الظاهري على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ولكن داخلياً كان محسوبا على “حزب الله”، ما ادى الى فرط الحكومة، وإقصاء رئيسها سياسياً لفترة كبيرة عن الساحة السياسية اللبنانية، بعد ان اختار الخروج من لبنان ولا يزل الى حد الآن، مخافة على نفسه من الاغتيال.

ولا ننسى ايضا انتكاسة “14 آذار”، بعد خروج احد اعمدتها الكبيرة وليد جنبلاط. كل هذا حصل امام مرئىومشاهدة حلفاء “14 آذار”. اما بالمقابل كانت إيران، ولا تزل الى حد الآن، وفية ومخلصة لحلفائها في قوى “8 آذار”، الوحيدين في لبنان، وهذا الحلف كان يترجم من خلال الدعم الكامل والقوي، وعلى مستوى المال والسلاح،والمساندة بالمواقف السياسية الصارمة.

لنكن صريحين، ومن دون كذب ونفاق، قوى “14 آذار”سياسياً اصبحت مشلولة، بعدما احترقت جميع الانجازات،التي حققتها من خلال “ثورة الأرز”، فثورة الارز وجمهورها، خذلا مرات عدة، ولن يلتفتوا مرة جديدة، للشعارات الرنانة الخالية من كل الوعود السياسية الجيّاشة، التي لم تعد تشحن نفوسهم، بعدما اصبحت فارغة من الثقة، حتى ولو تم اعلان ولادة “مجلس وطني” جديد، الذي لن يقرأ احد ميثاقها، او حتى يهتم به، الذي هو بمثابة ذر الرماد في العيون، فهذا “المجلس الوطني” الجديد، ولد ميتاً تحت ظل غياب الارضية الشعبية له، ولن يكون ميثاقه ومبادئه السياسية إلا حبراً على ورق.

في ذكرى “14 أذار” اقول، وداعاً “14 آذار”، وستبقى “ثورة الأرز”، بعد ان استوت على عرش التقاعد، ذكرىلثورة شعبية عفوية حصلت من اجل التحرير، بعد ان دحرت عن كاهل الوطن لبنان، أخبث وأحقر نظام بعثي مجرم ومحتل عرفته تاريخ البشرية، نظام الوصاية السورية السابق في لبنان.

السابق
إليكم أقوى مشروب لإذابة الدهون وحرقها بعد كل وجبة طعام
التالي
أنا ابنُ هاجَرَ…