«داعش» يستهدف أرض الحضارات

متحف

يضع العراقيون ما أقدم عليه تنظيم «داعش» من تحطيم لآثار وتماثيل حضارة بلاد ما بين النهرين، ضمن سياق ممنهج لعمليات طمس الحضارة التي نشأت منذ سبعة آلاف عام، وهي عمليات أخذت مساراً متواصلا على مدى العصور، لتكون آخر فصولها ما أقدم عليه أصحاب الفكر الظلامي.

إلا أن الرواية الفعلية لما حصل، والتي تتسم بخطورة بالغة، وتُظهر مدى تغلغل أجهزة الاستخبارات المعادية في صفوف تنظيم «داعش»، هو ما كشفه عضو لجنة السياحة والآثار النيابية النائب حسين الشريفي لـ «السفير»، الذي أكد أن «الهجمة البربرية التي تتعرض لها الآثار العراقية تقف خلفها دوافع إسرائيلية»، لافتاً إلى أن «الآثار الحقيقية تم بيعها من قبل داعش لجهاز الموساد إلى إسرائيل من أجل إيجاد مصدر تمويل مادي للتنظيم»، مشيراً إلى أن أسعارها تقدر بمليارات الدولارات.
وأشار الشريفي إلى أنه من غير الممكن إحصاء حجم الخسائر التي تعرضت لها الآثار العراقية حتى الآن بشكل دقيق بسبب الظروف، مؤكداً أن «هناك آثاراً ضخمة وكبيرة تم بيعها». وظهرت عدة آثار سومرية هي عبارة عن ألواح حُفرت عليها أساطير بلاد ما بين النهرين بالكتابة المسمارية في أحد المعارض في تل أبيب مؤخراً، بالإضافة إلى إعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية عن «استرجاع « أقدم نسخة من كتاب التوراة، التي كانت محفوطة في أرشيف جهاز الاستخبارات العراقي الأسبق.
الناطق الرسمي لوزارة السياحة والآثار العراقية قاسم السوداني شرح لـ «السفير» أن متحف نينوى يتألف من ثلاث قاعات، وهي القاعة الأشورية، والقاعة الحضرية، والقاعة الإسلامية، مؤكداً أن أي إحصاء دقيق للأضرار التي لحقت القاعات الثلاث لم يتوفر حتى الآن، لكنه أشار إلى أن أبرز القطع التي تم تدميرها هي «الثور المجنح» وهو قطعة أثرية لا تقدر بثمن.
ولفت السوداني إلى أن جهاز «الانتربول» الدولي يتابع مع القوات الأمنية العراقية عمليات السرقة التي تمت مؤخراً، حيث أن جميع القطع الأثرية التي تم بيعها تحمل أرقاماً تسلسلية مخفية، ويتم متابعتها في مختلف أنحاء العالم بالتنسيق مع وزارة الخارجية.
وأكد السوداني أن الوزارة خاطبت منظمة «الأونيسكو» بصدد عمليات السرقة الأخيرة، «لأي قطعة أثرية سواء كانت في إسرائيل أو غيرها من بقاع العالم»، مشيراً إلى أن هذا الجهد نجح في «إيقاف عدد من المزادات العلنية أو السرية».
وحول الأرقام بيّن السوداني أن عمليات نهب المتحف العراقي في العام 2003 أدت إلى سرقة 15000 قطعة اثرية منه، تمكنت الوزارة من استرداد 4300 منها، حتى الآن عن طريق الجهود التي بذلت في هذا الإطار، كما أكد أن عدد القطع الأثرية التي سرقت من متحف الموصل قارب الـ173 قطعة متنوعة حتى الآن تشمل القاعات الثلاث.
الخطر الذي لا يزال محدقاً بالآثار العراقية في محافظة الموصل، يتمثل بحسب السوداني بأسوار نينوى التاريخية التي ما زالت مفخخة حتى الآن من قبل «داعش»، الذي يهدد بتدميرها، في وقت أكد وكيل وزير السياحة العراقي قيس حسين رشيد لـ «السفير» أن التنظيم أقدم على جمع «مخطوطات نادرة للكثير من الكنائس التراثية المهمة في الموصل، ويصل عددها إلى 1500 تتعلق بموجودات الأديرة التاريخية وحرقها في ساحة من ساحات الموصل».
وفي تفاصيل عملية تدمير آثار متحف نينوى، لفت رشيد إلى أن القطع المدمرة في القاعتين الإسلامية والحضرية تعود إلى «فترة الحضر»، أي القرن الثاني قبل الميلاد، أما القاعة الثالثة وهي الأهم أي الأشورية فتعود إلى فترة القرن التاسع قبل الميلاد، مؤكداً أن «أغلب القطع التي كانت موجودة في هذه القاعة هي قطع من الحجم الكبير والتي لم يكن من الممكن نقلها إلى بغداد أو إرسالها إلى المخازن، وهي تمثل تماثيل ثيران مجنحة، ومحاريب منابر، ظهرت في الشريط الذي بثه داعش وهي ذات أحجام كبيرة وأوزان ثقيلة مثبتة على قواعد داخل المتحف وعلى الجدران».
وأعرب رشيد عن اعتقاده أن القطع الثمينة من الآثار الصغيرة التي كانت موجودة في المخازن وهي عبارة عن أختام أسطوانية تاريخية أو رسوم طينية، تم بيعها وتهريبها، أما الباقي فهو ما أراد التنظيم إظهاره على أنه تم تحطيمه في ما يشبه عملية خداع كبيرة.
وأكد رشيد أن إسرائيل هي أحد أبرز الدول التي تعمل على سرقة وشراء الآثار العراقية، كما أن العديد من الآثار تم تهريبها إلى جميع المناطق حتى وصلت إلى البيرو، مشيراً إلى أن إسرائيل تستقبل الآثار العراقية، بشكل كبير حيث يتم الاستحصال على «شهادة منشأ» و»إجازة تصدير» وتذهب إلى مزادات العالم.
وبالإضافة إلى تفخيخ أسوار نينوى، لفت رشيد إلى وجود مخاوف من أن التنظيم قام بتفخيخ بوابة المدينة، ومدينة نينوى الأثرية، وهي العاصمة الأشورية الرابعة، وهي مدينة أثرية تحيطها أسوار من الحجر، وتزينها أبراج دفاعية تعود إلى العصر الأشوري الأخير، بين العامين 911 و612 قبل الميلاد.
وأوضح رشيد أن «داعش» سرق الألواح الحجرية التي تعود إلى قصر أشور ناصر بال الثاني في نمرود، كما أن هناك أخباراً مؤكدة وصوراً أشارت إلى اقتطاعهم لمنحوتات كانت موضوعة على جدران القصر وتم تهريبها.

(السفير)

 

السابق
بالفيديو: راقصة تتمايل على أنغام نشيد «داعش»
التالي
جمعية المسلمين القرآنيين: شرب الخمر حلال