لماذا ليبيا وليس سيناء؟

فتحت الضربات التي وجهتها القوات المسلحة لتنظيم داعش، ردا على ذبح ٢١ مصريا بليبيا؛ بابا لتساؤلات أظنها مهمة، وإن كانت الإجابة الصادقة عنها ليست واردة، لكن يظل طرحها هاما.

بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام شمل الرد المصري على داعش ليبيا ثماني ضربات جوية، جرى تنفيذها بدقة لتتجنب إصابة أي أهداف مدنية، بالإضافة إلى عملية إنزال للقوات الخاصة، وكانت الحصيلة المجمعة لهذه العمليات تدمير عدد من المعسكرات ومراكز للتدريب ومخازن أسلحة وذخيرة للتنظيم الإرهابي، وقتل ما يقرب من ٢٠٠ داعشي وأسر ٥٠ آخرين، دون أن تتكبد قواتنا أية خسائر تقريبا، ودون أن تتسبب في سقوط ضحايا مدنيين، وذلك بحسب ما ورد في معظم التقارير الصحفية نقلا عن مصادر عسكرية أو مصادر مطلعة أو ما شابه، كل هذا في أربعة أيام لا غير.

وإذا عرفنا أن التنظيم الداعشي (وحلفاءه) يمتد وجوده بطول الساحل الشرقي للجارة ليبيا، الذي يبلغ طوله ١٨٥٠ كم، ليسيطر على جزء كبير من مدينة درنة، وجزء آخر من مدينتي بنغازي وسرت بالإضافة إلى نوفيليا القرية الساحلية، وأنه “يزدهر ويجتذب مزيدا من المقاتلين في وجود الكثير من الأسلحة”، بحسب ما ورد في تقرير لـ”بي بي سي”، يصبح التساؤل عنوان المقال: لماذا ليبيا وليس سيناء مشروعا، فالتنظيم الموازي له بسيناء، الذي يمتلك أعدادا أقل وإمكانيات أضعف، ويتمركز في مساحة لا تتعدى الـ ٣ كيلو متر مربع فقط (مثلت رفح ـ العريش ـ الشيخ زويد)، ما زال فاعلا وقادرا على توجيه الهجمات الموجعة، التي بدأت بمحاولة اغتيال وزير الداخلية بسبتمبر ٢٠١٢، ثم تفجير مبني المخابرات الحربية بشمال سيناء في أكتوبر، تلاه اغتيال محمد مبروك ضابط الأمن الوطني ومسئول ملف الإخوان في نوفمبر، أعقبه تفجير مديرية أمن الدقهلية بـ٢٤ ديسمبر (راح ضحيته ١٨ قتيلا)، وهجوم كمين بني سويف بـ ٢٣ يناير ٢٠١٤ (سقط به ٥ شرطيين)، ثم تفجير مديرية أمن العاصمة (قتل فيه ٤ أشخاص)، وإسقاط مروحية عسكرية بسيناء في نفس الشهر، تلا ذلك هجومين انتحاريين بـ٢ مايو استهدفا حاجزا أمنيا وحافلة سياحية، ثم هجوم “كرم القواديس”، وسقط جراءه ١٨ جنديا، وجاءت العملية الأخيرة الأكثر عنفا ودموية بـ٢٩ يناير الماضي، قتل فيها ٤٥ بعد سلسلة متزامنة من الهجمات على عدد من المقرات العسكرية والأمنية، واعتبر المتحدث العسكري – بتصريح له –  أنها جاءت ردا على نجاحات القوات المسلحة في تقويض قدرات التنظيم الإرهابي! وهو ما تنفيه ليس فقط الهجمات، بل أيضا شهادة الناشط السيناوي المعروف، وعضو لجنة الخمسين مسعد أبو فجر  الذي كتب يقول أن: ما يحدث في سيناء تدمير ممنهج لكل أشكال الحياة، أما من يحملون السلاح ضد الدولة فلا أحد بإمكانه الاقتراب منهم، فهم متحصنون في زروب تحت الأرض..هناك أطفال ونساء وعزل يتم قتلهم بشكل يومي في سيناء “!

من حقنا إذا أن تخامرنا الدهشة إزاء المفارقة التي عرضنا جوانبها، من حقنا أن نتساءل حول ما الذي يقف وراءها؟! هل دماء المصريين غالية خارج الوطن رخيصة داخله؟
وهل تحرك النظام حقا ثأرا للمذبوحين على يد داعش؟! وهل ما تناولته التقارير الصحفية حول تحركه صحيح بالفعل؟ وإذا كان صحيحا فما الذي يحدث بسيناء منذ سقوط النظام الإخواني؟!، وما السبب وراء كل هذا الفشل؟! ومتى يقتنع النظام أن الاعتراف بالفشل ومحاسبة المسئول عنه جزء مهم من نجاح يليه؟ وهل سيأتي يوم نلتف فيه حول النظام بقضايا نتفق معه عليها دون أن تساورنا الشكوك بشأن ما يقدمه لنا من معلومات؛ وننقده في أخري نختلف معه حولها دون أن نتهم بالخيانة؟!

(البديل)

السابق
خطاب سيئ
التالي
بالصورة: إليكم وثيقة تكشف علامات البغدادي الدراسية.. بعضها صادم!