تعدّدت الألوان والراية واحدة

راية
هل الرايات الموجودة في ساحة النور هي شعار حزبي أو شعار ديني؟ وهل تستدعي كل هذه الحملات والمواقف والتصريحات التي انطلقت مؤيدة ومعارضة؟

أسود أبيض أحمر أزرق أخضر… تعددت الأوان والراية واحدة، البعض اعتبرها راية القاعدة، وآخرون يرون فيها علم النصرة، والبعض اعتبرها تعود لداعش، فما هي حقيقة تلك الراية؟ وأي منها كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم، وهل للون علاقة بالحرب والسلم؟

وما هو الفارق بين الراية واللواء والعلم والعقاب؟ فقد ورد في أحاديث كثيرة أن راية النبي صلى الله عليه وسلم، كانت سوداء اللون وفي أحاديث ثانية أنها رايته كانت سوداء ولواؤه كان أبيضاً والبعض يقول أنها كانت لوناً فقط من دون كتابة، وآخرون يقولون أنها حوت لفظ الشهادتين فقط .

أما لو جئنا اليوم لنرى بعض الفوارق بين الرايات والأعلام الموجودة في زماننا لوجدنا فيها اختلافاً كثيراً:

القاعدة: رايتها تشبه إلى حد ما راية داعش، وهي سوداء اللون مكتوب عليها “لا إله الا الله محمد رسول الله، وأسفل منها دائرة.

الدولة الإسلامية “داعش”: رايتها سوداء مكتوب عليها لا إله إلا الله، وأسفل منها دائرة مكتوب فيها “محمد رسول الله” على طريقة “الختم” الذي كان يستعمله النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء خطاباته ومراسلاته.

جبهة النصرة: راية سوداء مكتوب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله” بطريقة متداخلة، وأسفل منها مكتوب “جبهة النصرة”.

السعودية: راية خضراء، مكتوب عليها “لا إله إلا الله، محمد رسول الله، بطريقة متداخلة، وأسفل منها يوجد سيف بنصلٍ واحد.

طرابلس الرايات البيض

وهناك الكثير من الألوية والفرق المقاتلة في عدة أماكن من العالم تستخدم الراية نفسها مع بعض الفوارق التي تميز واحدة عن أخرى .

إذن، ومن خلال المرور السريع على الأشكال السابقة، يتضح لنا أن لا يوجد أي راية تتطابق مع غيرها، إنما هناك تشابه بسيط أو أمر ما يجمع بينهم، وهذا بالتالي لا يمكن له أن يكون سبب لمنع أي راية من التداول، اللهم إلا إذا كانت تتطابق وصفاً مع أختها، أو تم استخدامها دعاية وشهرةً للتنظيم الأساسي الذي يستخدمها.

هذه المقدمة الطويلة كان لا بد منها، للدخول إلى الموضوع الذي أثير مؤخراً في طرابلس، في السؤال، بأنه هل الرايات الموجودة في ساحة النور هي شعار حزبي أو شعار ديني؟ وهل تستدعي كل هذه الحملات والمواقف والتصريحات التي انطلقت مؤيدة ومعارضة؟

هل يمكن أن تؤثر اليوم رايتان وكلمة “قلعة المسلمين” على العيش المشترك؟ وهي التي لم تفعل منذ عقودٍ من الزمن؟ فكما أن طرابلس مدينة يسكنها مسلمون ومسيحيون، والبعض اعتبر أن هذه العبارة قد تسيء للمسيحيون باعتبارها ترمز للاسلام فقط، إلا أن مسيحيو طرابلس أنفسهم، نفوا هذا الأمر، واستشهدوا بشوارعٍ ومناطق لا زالت تسمى حتى يومنا هذا بأسماء مسيحية، كالراهبات والمطران والكنائس وغيرها، ومع العلم أن فيها سكانٌ مسلمون وشأنهم شأن كل من عاش في هذه المدينة، لم تزعجهم التسميات تلك .

إن طرابلس ليست مضطرة لإثبات تعايشها في كل مرة تهب فيها عاصفة مواقف أو أفكار أو تصاريح، وليست مضطرة لأن تقدم براءة ذمة عن العيش المشترك، وهي التي صانته في أعتى وأقسى أيام الحروب الأهلية في لبنان، والتي لم تدمر فيها كنيسة أو تبدل فيها أسماء مناطق أو شوارع، بالرغم من تحولها لإمارة إسلامية على مدى سنتين من الزمن، كانت كفيلة لمن أراد تغيير معالمها أن تنجح مهمته في غفلة من التعايش، ولكن ذلك لم ولن يتم على الرغم من كل ما يحاك وقد يحاك لهذه المدينة الرائعة.

 

السابق
في ذكرى اغتيال الحريري: رسالة من كيري الى اللبنانيين
التالي
هزة ارضية بقوة 3,9 درجات شعر بها اهالي الجنوب