في الذكرى السادسة والثلاثين للثورة الايرانية: نحو رؤية جديدة للوقائع والعلاقات

قاسم قصير

احتفلت الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذه الايام بالذكرى السادسة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية والتي قادها الامام الخميني في شباط (فبراير) 1979.

وبعد انتصار الثورة الايرانية انعقدت عليها الامال الكبيرة وخصوصا في اوساط الحركات الاسلامية التاريخية( الاخوان المسلمون، حزب التحرير)، كما لقيت الثورة ترحيبا كبيرا في العالمين العربي والاسلامي على المستوى الشعبي والسياسي.

لكن اليوم وبعد ست وثلاثين سنة على انتصار الثورة تواجه ايران اتهامات عديدة من انها تخلت عن المشروع الاسلامي الوحدوي وانها تعمل من اجل نشر التشيع وخدمة المشروع الايراني القومي تحت عنوان : ولاية الفقيه.

كما ان الدعم الايراني للنظام السوري الحالي برئاسة بشار الاسد ووحزب الله في لبنان و الحوثيين في اليمن والحكومة العراقية السابقة والحالية كل ذلك يصب في مصالح ايران في المنطقة في مواجهة الدول العربية.

ويعتبر الكثير من المراقبين في الساحة الاسلامية ان ايران تسعى اليوم لعقد صفقة كبرى مع اميركا من خلال المفاوضات النووية كي تتحول الى قوة اقليمية في المنطقة على حساب الشعارات التي رفعتها خلال الست وثلاثين الماضية وخصوصا الاستقلالية واقامة المشروع الاسلامي الوحدوي ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين.

وفي مقابل هذه الاشكالات والملاحظات فان الاوساط الايرانية المطلعة وبعض الاوساط الاسلامية القريبة من ايران تؤكد : ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لم تتخل عن مشروعها الاسلامي الوحدوي وان تبنيها لولاية الفقية لا يعني رفض التعاون مع القوى والحركات الاسلامية التي لا تؤمن بهذا المشروع وان ايران كانت من اول المرحبين بالانتصارات والنجاحات التي حققها الاخوان المسلمون بعد الثورات العربية وانها ابدت كل الاستعداد للتعاون معهم.

واما عن دعم بشار الاسد وحزب الله والحوثيين والحكومات العراقية فان ذلك حسب هذه الاوساط لا ينطلق من حسابات مذهبية او قومية بل من رؤية سياسية واستراتيجية تقتضي العمل لبناء  مشروع سياسي مشترك، لان ايران بالمقابل دعمت الحكومة السودانية وحكومة حماس في غزة وانفتحت على كل دول المنطقة وخصوصا تركيا ومصر وباكستان والكويت وقطر وهي مستعدة للتعاون مع الجميع بعيدا عن الحسابات القومية والمذهبية ومن حق ايران ان تكون قوة اقليمية في المنطقة لكن بشرط خدمة شعوب المنطقة واستقلاليتها.

وبغض النظر عن صحة منطق المهاجمين لايران ومشروعها او المدافعين عن هذا المشروع، فانه لا يمكن اليوم الا الاعتراف بان ايران نجحت بعد 36 سنة من الثورة بالصمود في وجه كل العقبات والتحديات وان الايرانيين اقاموا دولة قوية متماسكة تجمع بين منطق ولاية الفقية والبعد الديمقراطي الشعبي عبر الانتخابات المتنوعة، اضافة لامتلاكها قدرات علمية وعسكرية واقتصادية كبيرة.

وبالمقابل فان الواقع العربي والاسلامي يواجه الكثير من التحديات وان التعاطي مع ايران اما من خلال الصراع والمواجهة وهذا سيؤدي لتدمير الجميع كما حصل خلال الحرب العراقية – الايرانية، او من خلال الاعتراف بالمصالح المتبادلة والبحث عن نقاط التلاقي والتعاون على اساسها رغم وجود خلافات جوهرية في بعض الملفات.

واذا كانت اميركا والدول الغربية تبحث اليوم عن كيفية الاتفاق مع ايران ، اليس بالاحرى بالعرب والمسلمين والحركات الاسلامية ان تبحث بالمقابل عن كيفية الاستفادة من التجربة الايرانية ونقاط قوتها مع العمل لبناء مشروع عربي واسلامي مستقل.

طبعا لا بد من الاشارة لوجود الكثير من الاخطاء في التجربة الايرانية وان يعض الممارسات الايرانية تنطلق من بعد مذهبي وقومي لكن في المقابل هل علينا ان نواجه ذلك فقط بالهجوم والحرب عليها ام علينا البحث عن كيفية التخفيف من هذه الاجواء المذهبية والعودة الى المساحات المشتركة.

لقد جربنا الصراعات والحروب فيما بيننا فلنجرب اليوم البحث عن التسويات والمصالح المشتركة علنا ننقذ العالم العربي والاسلامي من هذا الاتون القاتل.

(عربي 21)

السابق
الحوثيون: اغلاق السفارات غير مبرر ومستعدون لاعادة المركبات الاميركية
التالي
موقع تابع للحرس الثوري يشن هجوماً شرساً على خالد مشعل