وثيقة تكشف لأول مرة ماذا يريد «داعش» من النساء

أصدر “داعش” بياناً يستعرض فيه بالتفصيل دور النساء في التنظيم الجهادي – وجاء فيه أن “السن الشرعي” لزواج الفتيات من المقاتلين هو تسع سنوات مع التشديد على دورهن كزوجات وأمهات وربات منزل.

البيان المؤلف من 10000 كلمة الذي حمّله الجناح الإعلامي لـ”كتائب الخنساء” الذي يتألف فقط من النساء عبر المنتديات الجهادية الرائجة، ترجمه وحلله شارلي وينتر، الباحث حول الجهادية في سوريا والعراق في مركز الدراسات حول مكافحة الإرهاب Quilliam Foundation، وقام بترجمته إلى اللغة الإنكليزية.
تشدّد الوثيقة تحت عنوان “المرأة في الدولة الإسلامية: بيان ودراسة حالة”، على وجوب ملازمة المرأة للمنزل حيث تؤدّي دورها كربة منزل وزوجة وأم، مع توجيه انتقادات حادة للنساء الغربيات ومفاهيم حقوق الإنسان عن المساواة بين الرجل والمرأة.

يُعتبَر الدليل عرضاً أكثر دقّة لما هو متوقَّع من النساء في ظل الخلافة التي أعلنها التنظيم، إذ يستهدف مباشرةً المجنّدات من الخليج وليس من الغرب.

لقد سبق أن نشر مجنّدون غربيون صوراً يظهرون فيها مع مسدّسات وحزام ناسف، وتبدو في الصور امرأة من جنوب لندن تعيش في سوريا، وتتباهى حتى بأنها تريد أن تكون أول امرأة تقطع رأس رهينة غربية.

لكن البروباغندا الأخيرة تكشف بوضوح أن الروايات التي تنشرها الشابات الغربيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واللواتي يبالغن في تضخيم أدوارهن بهدف تشجيع الأخريات على الالتحاق بالتنظيم، لا تعكس دائماً بطريقة صحيحة نظرة “داعش” إلى الحياة وما يجب أن تكون عليه.

قال وينتر لصحيفة “الإندبندنت”: “أظن أنه لدى النساء الغربيات دافع لتجنيد نساء غربيات أخريات. أما الهدف من هذه الوثيقة فهو تجنيد النساء من الخليج. الصورة التي تعطيها الوثيقة عن مكانة المرأة المثالية أقرب بكثير إلى الواقع مما تقوله الفتيات البريطانيات اللواتي يتحدثن مثلاً عن الانضمام إلى الشرطة والتدرّب على المعارك”.

أضاف: “تنطوي الوثيقة على مبالغة، ولا تعكس بدقة مطلقة واقع الحياة [في الدولة الإسلامية]، لكنها تعطينا فكرة مفهومية عما يجب أن تكون عليه الحياة، وهو ما لم يتوافر قبلاً، أقله باللغة الإنكليزية. لا بد من أن أحدهم اتخذ قراراً بعدم تداول بيان من هذا القبيل باللغة الإنكليزية لأنه يتضمّن أفكاراً غير مريحة قد لا تلقى استحساناً لدى الفتاة الغربية العادية التي تتطلع إلى الانضمام إلى التنظيم”.

السن الشرعي للزواج

تُشجَّع النساء العربيات، في بيان التجنيد، على القدوم إلى سوريا والعراق حيث يمكنهن عيش حياة “مستقرة من دون تنقّل”، مع تحمُّل مسؤولياتهن في المنزل، فهذا “حق لهن معطى من عند الله” تماشياً مع الشريعة و”أسلوب الحياة الذي أمر به الله”.

يجب أن يبدأ تعليم الفتاة بسن السابعة على ألا يستمر إلى ما بعد سن الـ15، بحسب البيان. ويجب أن تركّز المناهج الدراسية إلى حد كبير على الدراسات الدينية الإسلامية، واللغة العربية القرآنية، وتعلُّم قواعد الطهو الأساسية والخياطة ومهارات أخرى، بهدف تحضير المرأة لدورها المحوري في قلب الأسرة.

ويشير البيان إلى أنه لا داعي لأن “تتنقّل المرأة هنا وهناك للحصول على شهادات وما إلى هنالك كي تحاول أن تثبت أنها أكثر ذكاء من الرجل”.

ويردف أنه بإمكان النساء، في بعض الحالات، مغادرة المنزل العائلي للعمل طبيبات أو معلمات أو المشاركة في الجهاد “بموجب تكليف” إذا لم يكن هناك عدد كافٍ من الرجال لمواجهة هجوم العدو. لكن أي عمل من هذا القبيل تقوم به المرأة يجب ألا تتعدى مدته الثلاثة أيام في الأسبوع و”يجب أن يكون مناسباً لها ولقدراتها، وألا يتطلب أموراً تفوق قدرتها على التحمل، أو يصعب عليها إنجازها”.

أضاف وينتر في تحليله: “إذاً يدافع الجهاديون، في نظرتهم المشوّهة إلى حقوق المرأة، عن أهمية المرأة ويعتبرون أنها تؤدّي دوراً محورياً، إنما فقط ضمن الحدود التي تجيزها العقيدة الجهادية. قد تكون المرأة مهمة، لكنها تواجه الكثير من القيود وتُفرَض عليها التقوى وتتعرّض في حال مخالفتها قواعد التقوى لعقوبات الحدود”.

أكثر ما يثير القلق هو ما يذكره البيان عن السن الشرعي لزواج الفتيات من مقاتلي “داعش”. فقد جاء فيه: “السن الشرعي لزواج الفتاة هو تسع سنوات. الفتيات الأكثر طهارة يتزوّجن بسن السادسة عشرة أو السابعة عشرة، فيما لا يزلن يحافظن على شبابهن ونشاطهن”.

وتوضح الوثيقة أنه بعد الزواج، “دور المرأة هو أن تبقى محجوبة عن الأنظار ومحجّبة، وأن تحافظ على المجتمع من وراء حجابها”.

ويزعم البيان أن تشوُّش الخطوط الفاصلة بين أدوار الرجال والنساء يعود في شكل أساسي إلى خصي الرجال، في إشارة إلى أن مقاتلي “داعش” هم “رجال حقيقيون”.

وبحسب البيان، تُحظَر عمليات التجميل حظراً مطلقاً، وكذلك الثقوب في الجسم أو “تدلّي أشياء من الأذنَين”، ويُمنَع حلق الشعر في بعض الأماكن. أما متاجر الأزياء وصالونات التجميل فهي من عمل إبليس.

أضاف وينتر: “هذا الكلام غريب جداً بالنسبة إلينا، لكنه مقنع لذوي الآراء المتشددة جداً الذين يؤمنون من صميم قلوبهم بأنه ستكون هناك خلافة ذات يوم”.
يشار إلى أنه في تشرين الأول الماضي، تم اكتشاف وثيقة مشابهة إنما أكثر اختصاراً عن النساء العربيات، وتتضمن نصائح تحدد كيف يجب أن تكون النساء “زوجات صالحات للجهاديين” وتدعم المقاتلين. ودعت إلى تعلم الطهو والإسعافات الأولية ووسائل أخرى للمساهمة عن طريق “العمل اليدوي النسائي”.

(اندبنت)

السابق
المطلوب تسوية تاريخية
التالي
لطيفة الحاج قديح: الإسلام سَاوَى المرأة بالرجل لكنّ واقعنا يُناقِضُ ذلك