كتبت “الشرق” تقول: في ظل أجواء مشبعة بالحزن والأسى، ووسط ارتدادات وطنية – روحية أجمعت على ادانة الارهاب والأعمال الاجرامية من أين أتت، فقد شيع لبنان أمس شهداءه الستة الذين سقطوا في التفجير الارهابي في دمشق، أول من أمس، واستهدف حافلة “زوار المقامات الدينية”… وسط مناخات سياسية وأمنية واجتماعية مشدودة، مستولدة من تداعيات ما حصل خلال الاسابيع الأخيرة، ابتداءً من اعتداء القنيطرة، الى المواقف التي أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، بعد عملية مزارع شبعا…
الجيش يفشل تسللاً في راس بعلبك
وإذ بقيت الأنظار مشدودة الى الحدود البرية بين لبنان وسوريا، على خلفية التهديدات بعودة مسلحي “النصرة” و”داعش” الى داخل الاراضي اللبنانية، فقد افشلت مدفعية الجيش اللبناني عملية تسلل لهؤلاء المسلحين باتجاه تلال جرود راس بعلبك… في وقت شدد فيه الجيش أمس، من اجراءاته الأمنية على حواجزه العسكرية عند مداخل مخيم عين الحلوة، خصوصا لجهة مدخل الحسبة، حيث دقق عناصره بهويات السيارات والمشاة، منعاً لدخول وخروج أي مطلوب، خصوصاً بعد المعلومات التي أكدت ان المطلوب شادي المولوي لايزال في المخيم، ويتوارى في “حي الصفصاف” في “جامع النور” الى جانب عدد من المطلوبين للدولة، وهم بحماية مسؤول “فتح الاسلام” اسامة الشهابي…
القديس مارون والشغور الرئاسي
إلى هذا، وإذ يصادف الاثنين المقبل عيد شفيع الطائفة المارونية، القديس مارون، فإن الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لايزال متحكماً، وقد دخل لبنان يومه الخامس والخمسين بعد المئتين من دون رئيس للجمهورية، ما يضع قداس الاثنين أمام أمر واقع غياب رئيس الجمهورية عى حضور القداس في المناسبة… وسط حضور مرجح لغالبية سياسية… من دون ان يظهر في المعطيات المتوافرة ما يؤشر الى تقدم، ولو بطيء على خط الرئاسة، في وقت يتطلع الافرقاء الى ما ستؤول اليه الحوارات الجارية والمتوقعة، والى الزيارة التي يقوم بها مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، الذي من المقرر ان يلتقي المسؤولين والقادة اللبنانيين بمعظهم، ويستكمل البحث في الملف الرئاسي الذي كان بدأه في ايران والسعودية والفاتيكان…
بري – كاغ والاستحقاق الرئاسي
وقد حضرت تطورات الأيام الماضية في اللقاء – ظهر أمس – بين الرئيس نبيه بري والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ… حيث جرى “البحث بالتفصيل الوضع الأخير في الجنوب، وأهمية استمرار الالتزام بتطبيق القرار 1701 من قبل جميع الاطراف” على ما قالت كاغ، التي كشفت عن ان اللقاء ركز على الوضع السياسي الراهن في لبنان لجهة قضية الاستحقاق الرئاسي، ونقلت عن الرئيس بري تأكيده “أهمية انتخاب الرئيس ودوره في هذه المرحلة…” مؤكداً على “بذل الجهود المخلصة من أجل تحقيق تقدم في هذا المجال في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات عديدة…”.
ولفتت كاغ “ان الأمم المتحدة دائماً موجودة للدعم والتعاون في هذا الاتجاه… ونرغب بأن نرى الاستقرار مستمراً في لبنان وكذلك الأمن في جميع المناطق…”.
حوار “المستقبل” – “حزب الله”: مفاوضات أكثر صعوبة
وعلى وقع تطورات الأيام الأخيرة، وما رافقها من مواقف، اتسمت في بعضها بشيء من الحدّة، فإن الأنظار تتجه اليوم الى جولة الحوار الخامسة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، برعاية الرئيس نبيه بري، وسط قراءات لم تستبعد “السقوف العالية” في ابداء الملاحظات…
وفي هذا، فقد أقر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق (أحد ممثلي “المستقبل” في الحوار) بأن “الجلسة العتيدة ستكون صعبة…” فإن “مصادر متابعة” لفتت الى ان تطورات الأيام الماضية وتحديداً “عملية إمطار بيروت بالرصاص والقذائف الصاروخية خلال اطلالة السيد نصر الله الأخيرة”، والتي قرأ فيها البعض دليلاً على ان الحزب “ليس جدياً في انجاح الحوار…” سنرخي بظلالها على اجتماع اليوم، على رغم اتفاق الفريقين على ترك المواضيع الخلافية الحساسة – كسلاح الحزب وقتاله في سوريا والمحكمة الدولية – بعيدة عن طاولة الحوار، والتمسك بالحوار كوسيلة لتنفيس الاحتقان المذهبي في الداخل…” وتأكيداً على هذا التوجه فإن “مصادر متابعة” استبعدت ان تطيح مواقف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الأخيرة، وما سبقها وما تلاها بأسس الحوار، ولئن كانت ستؤثر حكماً على أجوائه وتجعل المفاوضات أكثر صعوبة من ذي قبل… على رغم ان المناخ العام في لبنان لا يحتمل انتكاسة من هذا النوع، فمجرد جلوس المتحاورين مع بعضهم عكس مناخات ارتياح في الداخل اللبناني عموماً، وفي الشارع الاسلامي على وجه الخصوص، ما يحتم على الجانبين الابقاء على الحوار في ظل التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجه لبنان واللبنانيين، وامكان توظيف “الجماعات الارهابية” و”التكفيرية” اجواء التشنج في الشارع الاسلامي لاستهداف خاصرته الرخوة…
من جانبه أشار عضو كتلة “المستقبل” النائب جمال الجراح الى ان “الحوادث الأخيرة وكلام السيد نصر الله سيكون موضع بحث معمق في جولة الحوار (اليوم) لأن الكلام الذي قيل وفتح الأمور على مصراعيها عسكرياً يعرّض لبنان لمخاطر كبيرة في ظل اشتعال المنطقة من حولنا…”، مؤكداً “استمرار جولات الحوار وعدم توقفه”.
هذا في وقت لم يظهر جديد على خط الحوار بين “القوات” و”التيار الحر”، وان كانت مصادر توقعت تطوراً ما على هذا الصعيد بعد عودة رئيس “القوات” سمير جعجع من الخارج في زيارة وصفت بـ”الخاصة”.
ادانات بالجملة لتفجير دمشق
إلى ذلك ومع تشييع شهداء تفجير دمشق وبعد يومين على التفجير الارهابي، الذي تبنته “جبهة النصرة”، واستهدف حافلة تنقل زوار المقامات الدينية، واسفر عن سقوط ستة شهداء وعدد من الجرحى، في دمشق أول من أمس، فقد أثارت هذه الجريمة ردود فعل أجمعت على ادانة واستنكار هذا “العمل الارهابي” و”اللاأخلاقي” و”الاجرامي” والذي يتنافى مع كل المبادئ الانسانية الدينية… مشددة على التمسك بالحوارات الجارية والحوارات المرتقبة، بين الافرقاء اللبنانيين.
وفي هذا، فقد دانت الخارجية اللبنانية في بيان “العمل الارهابي” وأجرى الوزير جبران باسيل سلسلة اتصالات معزياً بالضحايا، ومستنكراً “هذا العمل الجبان”.
ومن ناحيته فقد دان وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر “العمل الارهابي التكفيري… الذي يتنافى مع كل المبادئ الانسانية والدينية” لافتاً الى “ان المشروع التكفيري والصهيوني وجهان لعملة واحدة…”.
بدوره دان النائب روبير غانم “العمل الاجرامي” وقال: “هذه الجريمة الشنيعة لا يقبلها أي دين…
أما عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب علي عسيران، فقال انه “عمل إرهابي بامتياز، وان قتل أناس أبرياء ليس مبرراً ولا في أي زمان… ولا يأتي إلا بالمزيد من الفرقة بين المسلمين”.
من جهته عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر فأشار الى “أنه عمل إرهابي مرفوض بالمطلق”، كذلك صدرت ادانات واستنكارات مشابهة من النواب وليد جنبلاط وقاسم هاشم ومحمد الحوت… وادانات من حركة “أمل” والحزب السوري القومي الاجتماعي والتنظيم الشعبي الناصري وحزب “التوحيد العربي” و”حزب الاتحاد”.
دريان الى القاهرة: لحوارات أعمق
وعلى مستوى المرجعيات الروحية، فقد استنكر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي توجه الى القاهرة أمس، للقاء عدد من المسؤولين السياسيين والروحيين، “أي عمل يستهدف المدنيين” معتبراً ان “ما جرى من تفجير حافلة الزوار عملاً لا أخلاقياً ولا دينياً ولا إنسانياً ونستنكر هذا الأمر أشد الاستنكار من أي جهة أتى التطرف والغلو والارهاب… وندين الجهة التي قامت به وأيضاً نجرمها…”. ومتوجهاً الى “تيار المستقبل” و”حزب الله” لكي “يسارعوا في نتائج حواراتهم حتى ندخل في حوارات أعمق وأشمل، وأوسع لنتوصل الى حل للقضايا العالقة خصوصا الاستحقاق الرئاسي…”.
بدوره دان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان “الاعتداء الآثم” معتبراً أنه “عمل اجرامي وبربري بكل المعايير وخارج الأطر الدينية والاخلاقية والانسانية…”.
اضراب مفتوح لمالكي الشاحنات
على صعيد مختلف، فقد استمرت قضية ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت تتفاعل، مع بدء الاضراب المفتوح لمالكي الشاحنات العمومية في المرفأ ووفق أعمال اخراج البضائع والمستوعبات من الحرم وادخالها اليه… وحضر الى المرفأ أمس، عدد من النواب اعتراضاً على استمرار العمل في ردم الحوض الرابع، ورفع الصوت من أجل ادراج هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء اليوم…
وإذ وصف “مصدر وزاري مسيحي” طريقة التعاطي الرسمي مع الملف بـ”المتراخية” فقد أكد أنه “على الرغم من دخول بكركي على خط الضغط لوقف العمل، فإنها لم تلمس حتى الساعة إلا استخفافاً في التعاطي”.
وفي مؤتمر صحافي عقدته نقابة مالكي الشاحنات، أكد أمين سر النقابة جورج عوض “ان النقابة وجدت نفسها أمام أمر واقع بعد الاضرابات التحذيرية التي نفذتها سابقاً… وقررت تنفيذ اضراب مفتوح، حتى ادراج هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب… وحتى التوصل الى الحل العادل الذي يومن المحافظة على الحوض الرابع واستمرارية العمل فيه… كما كان سابقاً…”.
(الشرق)
