مغامرات نصرالله غير المحسوبة

يقوم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتهديد هنا وبالتدخل في شؤؤون البحرين هناك.. هل يحتاج لبنان فعلاً حرباً جديدة؟

منذ بضعة أيام، خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بإطلالتين متلفزتين، الأولى بمناسبة مولد الرسول الأكرم (ص) في حفل لجمعية الإمداد، حيث ألقى السيد خطاباً في تلك المناسبة، البعض منها شكلت تصريحات عدائية تجاه دولة البحرين، والثانية لقاء حوار خاص مع الاعلامي في قناة “الميادين” غسان بن جدو، قائلاً  إن “أي اعتداء على سوريا هو عدوان على المقاومة، ولن يبقى من دون رد”.

للتذكير فقط، يعتمد قسم من الإقتصاد اللبناني على مردود أموال المهاجرين اللبنانيين في الخارج الذين هاجروا من قراهم وبلداتهم أو مدنهم ومن كافة المناطق اللبنانية بجميع أطيافهم بهدف كسب العيش. منهم من أصبح من رجال الأعمال ومنهم من إستقرت أحواله، وفاقت تحويلاتهم ثلاث مليارات دولار أميريكي سنويا.

ليست المرة الأولى التي يستفز او يدلي فيها السيد حسن نصرالله بتصريحات عدائية ضد دولة البحرين، ويتدخل في شؤونها الداخلية، التي من الممكن ان يكون لها تبعات سلبية على المغتربين اللبنانيين وبالأخص على الطائفة الشيعية في مملكة البحرين، وحتى في باقي دول الخليج العربي، بعدما اعتبرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، كلام السيد حسن نصرالله هو بمثابة تدخل سافر ومرفوض في الشؤون الداخلية، وبمثابة تعدي سياسي واضح على دولة تتمتع باستقلال ذات سيادة وعضو في جامعة الدول العربية.

هذا التدخل السافر والمستفز غير المدروس من قبل السيد حسن نصرالله ضد مملكة البحرين، قد يأتي بالسؤ والضرر على حساب المصالح التجارية والاقتصادية وارزاق اللبنانيين عموما المتواجدين داخل مملكة البحرين، وخصوصاً الطائفة الشيعية، بعد ان حاول السيد إقناعنا عبر خطابه المتلفز انه مع حقوق الشعب البحريني، طبعا هو كان يقصد حقوق الطائفة الشيعية البحرينية دون ان يسميها، التي رهنت قرارتها السياسية والدينية للجمهورية الإيرانية، وأيضا كان قلب السيد على الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، بعد اعتقاله من قبل السلطات البحرينية، وبكل ثقة وباللهجة العامية اللبنانية “وحيات ربى، انو بعمري كلو، لا أنا ولا حداً من عيلتي وأهلي، وحتى بالضيعة عنّا، وبلبنان كلو، سمعوا فيه لهيدا الشيخ”، مع الاحترام له.

سماحة السيد حسن نصرالله، يغامر من جديد بوجود آلاف عدة من الجنوبيين اللبنانيين المتواجدين داخل الأراضي البحرينية، وفي دول مجلس التعاون الخليجي منذ عشرات السنين، ويضحي بهم وبمصالحهم عبر تدخله المتكرر والمتعمد المقصود بالشؤون الداخلية لمملكة البحرين خدمة للأجندة الإيرانية، بعد اتهام الاخيرة للمملكة العربية السعودية في خفض سعر برميل البترول الى 45$، ما شكل لكمة كبيرة في وجه الإقتصاد القومي الإيراني، وايضا لتعزيز المواقف السياسية للديبلوماسية التفاوضية الإيرانية، الجارية مع الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي بشأن الملف النووي، كل هذا الذي يحصل متعمد ومقصود من الجمهورية الإيرانية، كورقة ضغط لا أكثر ولا أقل من خلال حليفها التابع لها سماحة السيد حسن نصرالله، ضد دول مجلس التعاون الخليجي، التي تترجم على الساحة البحرينية.

لماذا يا سيد المقاومة، لا تقوم الجمهورية الإيرانية بالإيعاز لجاليتها او مواطنيها، المتواجدين وبكثرة على اراضي دولة البحرين والمجلس التعاون الخليجي، بالتحرك من اجل أجندة دولتهم، او ان قلبك على شيعة البحرين يا سيد؟ الذين لا قلب لهم من اجلنا، وبخاصة خلال العدوان الإسرائيلي في حرب تموز2006 على لبنان، وتحديداً على جنوبه وضاحية بيروت الجنوبية. لماذا لم نشهد أية حراك عفوي من قبل شيعة البحرين يا سماحة السيد، او حتى مظاهرة إحتجاج أو إستنكار من قبلهم يا سيد المقاومة؟

اما بالنسبة للمقابلة التي جرت مع سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله مع الصحفي غسان بن جدو قناة “الميادين”، اشار سماحته خلال المقابلة إلى أن “أي اعتداء على سوريا هو استهداف لمحور المقاومة ولن يبقى دون رد”. اولاً وبكل إحترام للسيد نصرالله، كلامه هذا ليس بجديد، وهو فقط من باب التهويل الإعلامي، وللتذكير فقط، ففي شهر أيار عام 2013، وبعد الضربة الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، التي استهدفت حينها شحنات صواريخ تابعة للنظام السوري، خرج وقتها سماحة السيد حسن نصرالله بخطاب ناري، في ذكرى مرور 25 عاماً على إطلاق إذاعة “النور” المتحدثة باسم حزبه، قائلاً ومتوعداً إسرائيل، بأن المقاومين سيفتحون جبهة الجولان السوري المحتلّ، في حال تكررت الاعتداءات الإسرائيلية على النظام السوري، ومن بعد هذا التهديد، قامت إسرائيل من جديد بالإعتداء على سورية مرتين، وتحديداً في شهر تشرين الثاني 2013 وتشرين أول 2014، دون ان يحرك السيد حسن نصرالله أوحتى حزبه ساكناً.

ثانياً، كلامه بأن المقاومة سترد على اي إعتداء جديد على سورية، وباحتلال الجليل كما ذكرايضا، عن اي رد واحتلال للجليل يتحدث السيد، وإسرائيل مرتاحة جداً على أوضاع أبطال حزبه المشغولين بانغماسهم في القتال بالداخل السوري، التي انهكت معنوياتهم العسكرية ما شكل خدمة لإسرائيل، ومن أجل من يريد السيد الرد؟ من اجل نظام بشار الأسد، الذي لم يكرمه في حرب تموز 2006 بفتح جبهة الجولان، من اجل التخفيف عن اهل الجنوب والبقاع واهل الضاحية.

عن اي رد يتحدث سماحة الأمين العام، عن رد عام 2006 “لو كنت أعلم.. لما اقدمت على هكذا عمل”، او عن الرد المفقود لمقومات الرد في حال توسعت لحرب شاملة، إسرائيل لديها مقومات الرد والحرب، بتجهيز وتأمين شعبها من ملاجئ ومستشفيات وأقنعة للحروب غير التقليدية و…الخ، أما سماحة السيد وبكل إحترام يفتقر إلى مقومات التصدي والصمود التي بحاجة إليها أهل الجنوب والبقاع من مخابئ وملاجئ وتجهيز مستشفيات ميدانية…الخ، في حال لا قدر الله ان قام السيد حسن بمغامرة غير مدروسة او محسوبة النتائج، أولاً سيكون حصاراً بحرياً وجوياً وبرياً مُحكماً، ليس عليه وعلى حزبه ومقاومته فحسب، بل على لبنان كله، ثانياً، والأخطر من كل هذا، الاحتضان الوطني الذي شهدته العام 2006 كان سبباً كبيراً في صمود المقاومة وتصديها للعدو الاسرائيلي الغاشم، لن يشهده السيد حسن نصرالله وحزبه وجمهورهما إن حصلت لا قدر الله أي حرب في المستقبل، فالشعب اللبناني بجميع أطيافه الذي احتضنك واحتضن جمهورك لم يعد مستعدا لاحتضانك من جديد، وذلك لاسباب سياسية وأمنية عدة ومعروفة.

السابق
55% من اللاجئين في لبنان يعيشون في ملاجئ متدنية المستوى
التالي
تشييع جهاد عماد مغنية عند الثالثة من بعد ظهر اليوم