
في إطلالته الاولى، وكان عمره يومها ستة عشر عاماً، اعتلى الفتى الذي ارتدى قبعة وبدلة سوداوين المنبر خطيباً متحدثاً باسم العائلة، متوعداً بالثأر لدم والده والسير على نهجه، بعدما كان تقبل التعازي الى جانب جده الحاج فايز وأفراد العائلة.
انخرط الفتى الوسيم، الذي لم تظهر عليه خشونة العسكر، في السنوات الاولى التي اعقبت استشهاد والده، في المناسبات والانشطة التي كانت تقام في البلدة، خصوصاً دورات كرة القدم التي تحمل اسم والده. ولكن وتيرة زياراته عادت وتراجعت بعد دخوله الجامعة الأميركية في بيروت وحصوله على شهادة في ادارة الاعمال، حيث كان في فترة دراسته ممثلاً لطلاب «حزب الله» في الجامعة. أما آخر زيارة، فكانت لمعايدة جديه في عيد الأضحى المنصرم.
حَلم الفتى، الذي صار قائداً ميدانياً في «المقاومة الاسلامية» بعد تخرّجه من الجامعة، بالسكن في منزله المستقبلي الذي يشيّد ضمن بناء يجمعه إلى جانب أشقائه في بلدته طيردبا، لكن أمله قد تبدّد.
استشهد جهاد قبل أوانه، وهو جهاد الثاني الذي اطلق والده عليه الاسم تيمناً بشقيقه جهاد الذي استشهد في العام 1984 في بيروت، وكان في عمر يقلّ عن عمر جهاد الثاني.
انضمّ جهاد، شقيق مصطفى الابن الاكبر للشهيد عماد وفاطمة وأخ فؤاد وحسن وحسين وإسراء وزهراء، الى عنقود شهداء عائلة فايز مغنية بعد والده عماد الذي استشهد بعملية تفجير إسرائيلية في سوريا في شباط 2008 وعميه فؤاد الذي استشهد في متفجرة إسرائيلية ايضاً في الرويس العام 1992 وجهاد الذي استشهد في القصف على الضاحية العام 1984.
مضى جهاد الى السبيل الذي اختاره بالفطرة والعقيدة، تاركاً وراءه حزناً من جهة وفخراً من جهة أخرى.